نزار السيسي
نزار السيسي


نزار السيسي يكتب: الوقوع في الخيبات

أخبار الحوادث

الخميس، 04 مايو 2023 - 09:58 م

■ بقلم: نزار السيسي

..مايحزننا حقًا أننا وقعنا في فخ الزائفين قبل أن نلتقي بالصادقين , ومررنا على أشواك الخيبات قبل أن نتذوق طعم الفرح والمسرات , وتجرعنا الهزائم قبل أن نحصد الغنائم , واستطاعت كل الأشياء النيل منا قبل أن ننال شيئا من أحلامنا .. وأننا ذبلنا قبل أن نزهر, وذهبنا إلى الموت قبل أن نعيش .

‏بعد الكثير من الخيبات ستصل للحد الذي يجعلك ترفض التورط بعلاقة مؤقتة ، أو صداقة باردة أو جدال أحمق أو الاستمرار مع الزائفين ، ستصل للحد الذي تفضل فيه الصمت على التبرير، و الرحيل على العتاب ، و الإاتفاء بالذات عن الحاجة، و التجاهل على الانتقام، و مواصلة الحياة بابتسامة. 

‏ليتنا اكتشفنا زيفهم قبل أن نقع في فخ الذين استنزفوا مشاعرنا، وفتتوا قلوبنا وآذونا بكذبهم  لقد اطفأوا وهج الحياة بنا.
ولكن ليست العظمة في أن لا تسقط أبدًا، بل العظمة أن تنهض كلما سقطت!

تعثّر عدة مرّات وفي كل مرة أنهض أقوى مما كنت بفضل الله.للتجارب في حياتي دور كبير في صقل شخصيّتي وتطويرها، وإنّ المرات التي وقعتُ فيها بخيبة أو فشلٍ أو خسارة أو خذلان هي المرّات التي طبعت في بالي درسًا لا يُنسى، وهي التجارب الأقوى التي جعلتني أنهض بثبات وعزم!
من رحم التجارب والانكسارات والخذلان تولد الحكمة!

الحكمة في الحياة تنهضُ على التجربة، وتتغذّى على التأمل. وقد علمتني تجاربي الكثيرة أن لا أفرّط في أحاسيسي، وأن لا أبخل بها كذلك، وأن الاعتدال هو السلام للنفس والطمأنينةُ لها وأنّ المظاهر خدّاعة، وقد تختبئ الأفعى تحت الأزهار في حين ينبت الورد في أحضان الشوك!

كل الأشياء في الحياة من بعد التجربة تصبح أكثر وضوحًا وتجلّيًا، وإنّ التكرار والعادة يقتلان التفاصيل التي كانت يومًا مدهشةً في بالنا وبرّاقة في عيوننا، وأنّ الشغف إذا انطفأ يُطفئ معه لذّة الحياة ولا تعود إضاءته من جديد أمرًا سهلًا، وإن الإيمان يُنير درب صاحبه بالاحتساب والتوكّل الصادق على الله!

عرفت في التخلي ما لم أعرفه في التمسك، فالتخلّي في بعض المواقف هو حرّية وتحليق وسِعة وجناحان يعينان على الارتفاع وكسر القيود والأغلال!
مؤخرًا، تصالحت مع فكرة الهزيمة، لم أعد أطمح بالنصر الدائم في كافّة معاركي، لكن لازالت أمنياتي، كُل أمنياتي ألّا أُهزم على يد الأحبّة.
أيقنتُ أن القناعة هي ثروة الإنسان وتاجه، وأنه مهما بلغ من درجةٍ في سلّم هذه الحياة ستبقى عينه طامحةً إلى ما هو أعلى مما هو عليه، وأدركت أن الغنى الحقيقي هو الاستغناء عن البشر والتمسك بحبل الله المتين وحده!

أيقنتُ تمامًا بعد أعوامٍ طويلةٍ من الوقوع في الخطأ والصواب، ومن السقوط والنهوض، والمحاولات والتعثّر والخسارات والنجاحات أن أعظم استثمارٍ للإنسان في الحياة هو استثماره مع خالقه، أن يبيع أُوْلاهُ بأُخراه… 

أن يكون كلّه لله، في غدوه لله وفي عمله لله، خاصًّا وخالصًا لوجهه الكريم، في كل شؤون حياته، فمن عاش مع الله كاد أن يصل، ومن كان لله فقد بلغ مراتب المجد. 

أذكر سيد الخلق وإمام المهتدين وربان سفينة الصالحين سيدنا وحبيبنا وقائدنا المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه إذ قال معلمًا لابن عباس: «يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم: أنّ الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضرّوك بشيء لم يضرّوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفّت الصّحف. وفصل الخطاب ما قاله حبيبي رسول الله، فذكّر إن نفعت الذكرى.

اللهم ارزقنا أحسن الظّنّ بك وأصدق التّوكّل عليك في كلّ وقت وفي كل حال وفي كل حين في سترٍ وعفوِ وعافية يارب … اللّهمّ آمين .

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة