أمل دنقل يكتب : قصيدتان
أمل دنقل يكتب : قصيدتان


أمل دنقل يكتب : قصيدتان

أخبار الأدب

السبت، 27 مايو 2023 - 04:08 م

الخيول
١

اركضى أو قفى الآن.. أيتها الخيل:

لست المغيرات صبحا

ولا العاديات كما قيل ضبحا

ولا خضرة فى طريقك تمحي

ولا طفل أضحى

إذا ما مررت به... يتنحى

وها هى كوكبة الحرس الملكى..

تجاهد أن تبعث الروح فى جسد الذكريات

بدق الطبول

اركضى كالسلاحف

نحو زوايا المتاحف..

صيرى تماثيل من حجر فى الميادين

صيرى أراجيح من خشب للصغار الرياحين

صيرى فوارس حلوى بموسمك النبوى

وللصبية الفقراء حصانا من الطين

صيرى رسوما... ووشما

تجف الخطوط به

مثلما حف فى رئتيك الصهيل!

2

كانت الخيل- فى البدء كالناس

برية تتراكض عبر السهول

كانت الخيل كالناس فى البدء

تمتلك الشمس والعشب

والملكوت الظليل

ظهرها... لم يوطأ لكى يركب القادة الفاتحون

ولم يلن الجسد الحر تحت سياط المروض

والفم لم يمتثل للجام

ولم يكن... الزاد بالكاد

لم تكن الساق مشكولة

والحوافر لم يك يثقلها السنبك المعدنى الصقيل

كانت الخيل برية

تتنفس حرية

مثلما يتنفسها الناس

فى ذلك الزمن الذهبى النبيل

اركضي... أو قفى

زمن يتقاطع

واخترت أن تذهبى فى الطريق الذى يتراجع

تنحدر الشمس

ينحدر الأمس

تنحدر الطرق الجبلية للهوة اللانهائية

الشهب المتفحمة

الذكريات التى أشهرت شوكها كالقنافذ

والذكريات التى سلخ الخوف بشرتها

كل يحاول أن يلمس القاع

كل الينابيع إن لمست جدولا من جداولها

تختفي

وهي... لا تكتفي

فاركضى أو قفى

كل درب يقودك من مستحيل إلى مستحيل!!

3

الخيول بساط على الريح

سار على متنه الناس للناس عبر المكان

والخيول جدار به انقسم

الناس صنفين:

صاروا مشاة وركبان

والخيول التى انحدرت نحو هوة نسيانها

حملت معها جيل فرسانها

تركت خلفها: دمعة الندى الأبدى

وأشباح خيل

وأشباه فرسان

ومشاة يسيرون- حتى النهاية تحت ظلال الهوان

اركضى للقرار

واركضى أو قفى فى طريق الفرار

تتساوى محصلة الركض والرفض فى الأرض

ماذا تبقى لك الآن؟ ماذا؟

سوى عرق يتصبب من تعب

يستحيل دنانير من ذهب

فى جيوب هواة سلالاتك العربية

فى حلبات المراهنة الدائرية

فى نزهة المركبات السياحية المشتهاة

وفى المتعة المشتراة

وفى المرأة الأجنبية تعلوك فى ظلال أبى الهول

( هذا الذى كسرت أنفه*** لعنة الانتظار الطويل)

إستدارت إلى الغرب مزولة الوقت

صارت الخيل ناسا تسير إلى هوة الصمت

بينما الناس خيل تسير إلى هوة الموت!!


الطيور
١

الطيور مُشردةٌ فى السَّموات،

ليسَ لها أن تحطَّ على الأرضِ،

ليسَ لها غيرَ أن تتقاذفَها فلواتُ الرّياح!

ربما تتنزلُ..

كى تَستريحَ دقائقَ..

فوق النخيلِ – النجيلِ – التماثيلِ

أعمِدةِ الكهرباء

حوافِ الشبابيكِ والمشربيَّاتِ

والأَسْطحِ الخرَسانية.

(اهدأ، ليلتقطَ القلبُ تنهيدةً, والفمُ العذبُ تغريدةً

والقطِ الرزق..)

سُرعانَ ما تتفزّعُ..

من نقلةِ الرِّجْل،

من نبلةِ الطّفلِ،

من ميلةِ الظلُّ عبرَ الحوائط،

من حَصوات الصَّياح!

>>>

الطيورُ معلّقةٌ فى السموات

ما بين أنسجةِ العَنكبوتِ الفَضائيِّ: للريح

مرشوقةٌ فى امتدادِ السِّهام المُضيئةِ

للشمس،

(رفرفْ..

فليسَ أمامَك –

والبشرُ المستبيحونَ والمستباحونَ: صاحون –

ليس أمامك غيرُ الفرارْ..

الفرارُ الذى يتجدّد. كُلَّ صباح)!

2

والطيورُ التى أقعدتْها مخالَطةُ الناس،

مرتْ طمأنينةُ العَيشِ فَوقَ مناسِرِها..

فانتخَتْ،

وبأعينِها.. فارتخَتْ،

وارتضتْ أن تُقأقَىَء حولَ الطَّعامِ المتاحْ

ما الذى يَتَبقى لهَا.. غيرُ سَكينةِ الذَّبح،

غيرُ انتظارِ النهاية.

إن اليدَ الآدميةَ.. واهبةَ القمح

تعرفُ كيفَ تَسنُّ السِّلاح!

3

الطيورُ.. الطيورْ

تحتوى الأرضُ جُثمانَها.. فى السُّقوطِ الأخيرْ!

والطُّيُورُ التى لا تَطيرْ..

طوتِ الريشَ، واستَسلَمتْ

هل تُرى علِمتْ

أن عُمرَ الجنَاحِ قصيرٌ.. قصيرْ!؟

الجناحُ حَياة

والجناحُ رَدى.

والجناحُ نجاة.

والجناحُ.. سُدى!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة