نوال مصطفى
نوال مصطفى


حبر على ورق

30 يونيو.. مصر شابة

نوال مصطفى

الأربعاء، 14 يونيو 2023 - 06:55 م

عندما أعود بذاكرتى إلى الوراء، وأتذكر كيف عشت أحداث ثورة 30 يونيو 2013، تظهر على شاشة الذاكرة جملة واضحة، قوية تلخص مشاعرى ومشاعر ملايين المصريين فى تلك الأيام الفارقة، فى تاريخ الوطن، وهى «هيا أسرعوا.. توحدوا يا أبناء شعب مصر وتعالوا ننقذ هويتنا المصرية».

نعم ضياع الهوية المصرية كانت هى الهاجس الأكبر، الذى أفزعنى أنا والأغلبية الساحقة من شعب مصر. كانت بلدنا قد اختطفت عام 2012، بعد ثورة نبيلة قادها شباب وكبار أرادوا التغيير إلى الأفضل، لكنهم لم يتوقعوا أن تخرج الفئران من جحورها، وأن يكشف طيور الظلام عن حضورهم المخيف عل مسرح السياسة والأحداث.

عام كامل كان بالنسبة لكل مواطن مخلص لتراب مصر كابوسًا ثقيلًا يدعو الله بالليل والنهار ليفيق منه، كل شيء كان يتداعى، الكهرباء غير موجودة، أزمات يومية، إحساس يتسلل للجميع أن هذا الوطن يغير ثوبه ويرتدى آخر لا نعرفه، يرتدى زيًا غريبًا عنا، وتجلى هذا الشعور فى احتفالات أكتوبر، تلك الحرب التى ضحى فيها جنودنا البواسل بأرواحهم، تحت قيادة الزعيم رجل الحرب والسلام، محمد أنور السادات، لنفاجأ بالقتلة الذين سفكوا دمه، واغتالوه بدم بارد تخطيط خبيث، هم الذين يتواجدون فى منصة الاحتفال، مرارة لا توصف، تخيلت يومها لو كان السادات بيننا ماذا سيقول وكيف ستكون ردة فعله؟ عشنا أيضاً محاولة عزل النائب العام عندما جمعوا أنصارهم فى مشهد همجى وبربرى وحاصروا مكتبه، لكى يرهبوه ويوصلوا رسالة له مفادها، لا تقترب وإلا فتكت بك حشودنا التى جمعناها من كل حدب وصوب.

لكن رجال القضاء المصرى وقفوا صفًا واحدًا وسدًا منيعًا حفظوا وزادوا عن عرينهم، ثم جاء بعدها الإعلان الدستورى المكمل، الذى حوّل الرئيس إلى إله، لا تراجع قراراته مهما كانت أخطاؤها ورعونتها، كانت تلك اللحظة التى تأكدت أن هؤلاء الأشخاص، جماعة الإخوان وأتباعها وحلفاءها فى الداخل والخارج، لهم مخطط واضح ومحدد، ويتم تنفيذه بناء على تعليمات واضحة، هو السيطرة على مفاصل الوطن، والصعود إلى أعلى درجات السلطة وفى يقينهم أنهم لن يغادروه يومًا. لن يسمحوا لأى أحد بالصعود مرة أخرى.

 اختطاف الوطن كان هدفهم حتى انكشف وجههم الحقيقى، مع بزوغ نجم حركة «تمرد» وحضورها فى الشارع، بدأ الشعب يوقع استمارات تمرد بقلب ميت، وكأنهم يقولون داخلهم «يا روح ما بعدك روح»، حتى بدأت التهديدات تتعالى وتيرتها من الإرهابيين، سقط القناع وأشهرت الأسلحة  ليفاجأنا أحدهم على شاشة التليفزيون بتصريح مخيف: «اللى هيرش مرسى بالمياه هنرشه بالدم».

عشنا فى جحيم حتى جاءت اللحظة التى حلم بها الجميع طوال عام كامل، وأشرقت شمس 30 يونيو، ووجد المصريون أنفسهم يملأون ميدان التحرير، الكل خرج بتلقائية واقتناع، تحت حراسة وحماية القوات المسلحة والشرطة المصرية، فى لحظة مصرية جدًا، أحسست فيها أن مصر موجودة وتعيش بل نابضة بالحياة والشباب، وكما قال أحمد فؤاد نجم: «الزمن شاب وانتى شابة»، حتى انطلق صوت الفريق أول عبد الفتاح السيسى يملأ الميادين وأثير التليفزيون والإذاعة، ليعلن نهاية الكابوس واستعادة وطننا من جديد.. وطن لكل المصريين، وطن للجميع.. وليس لفئة أو جماعة.. كل 30 يونيو ومصر شابة.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة