جلال عارف
جلال عارف


فى الصميم

«الروشتة» الوطنية.. هى الحل!

جلال عارف

الجمعة، 16 يونيو 2023 - 10:35 م

كانت المراجعة ضرورية..

فى وقت الاتفاق مع صندوق النقد الدولى كانت كل التقديرات تقول إن برنامج «الإصلاح المالي»، سيصل بسعر الدولار إلى 22 جنيها كحد أقصي.. لكن فور بدء البرنامج فوجئنا بأن سعر الدولار وصل إلى الضعف «أى ثلاثين جنيها»..

ثم مع استمرار الأزمة التى نواجهها فى توفير العملة الصعبة كان لابد من التعامل مع مطلب «الصندوق» للتحرير الفورى لسعر العملة، أخذا فى الاعتبار ما تحمله المواطن المصرى من أعباء كبيرة  فى سنوات الأزمة، وتأثير التحرير الكامل لسعر الصرف «فى ظل الظروف الحالية» على حياة المواطن وأمن واستقرار الوطن.

الرئيس السيسى أكد أنه لا تحرير لسعر الصرف إذا كان سيؤثر بالسلب على حياة المواطن. مشيرا إلى أن التحرير الكامل فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية وندرة العملة الصعبة لا يعنى إلا مضاعفة الأسعار وزيادة التضخم وتراجع الاستثمار. وهو ما يعنى استمرار الدولة فى التدخل لحماية الاقتصاد الوطنى وإدارة سعر الصرف بصورة تحفظ مصالح مصر واستقرارها.

بالطبع.. ستزداد الضغوط من المتلاعبين فى السوق السوداء عندنا على حساب مصالح الناس وأمن البلاد، ومن الذين لا يهمهم إلا أن يكون اقتصادنا تابعا لسيطرة الاحتكارات الرأسمالية الدولية. وقبل هؤلاء ستجد أيضا الغاضبين من الذين راهنوا على انخفاض كبير للجنيه المصرى مع ضغوط للاسراع ببيع أصول مصرية مهمة، ليتم السطو عليها بأقل الأسعار!!

فى المقابل- لدينا والحمد لله- الكثير مما يعزز قدراتنا على اجتياز الأزمة بسلام، وبشروطنا لا بشروط الآخرين «!!» لدينا نمو مطرد فى حصيلة التصدير «وإن كان الطريق مازال طويلا لنحقق ما نأمل فيه»، ولدينا زيادة فى عائدات قناة السويس والسياحة. ولدينا جهد فى تحجيم استيراد ما نستطيع صناعته وما يمكننا ان نستغنى عنه من سلع استهلاكية. ولدينا- قبل ذلك وبعده- الوعى بدقة الظروف عند إخوتنا فى الخارج الذين يدركون خطورة ما يفعله المضاربون فى السوق السوداء الذين يريدون الاستيلاء على أكبر قدر من تحويلات المصريين لكى تذهب فى الطريق الخطأ.

ويبقى الأهم.. أن نمضى فى طريق الإصلاح برؤية وطنية خالصة تقوم على تعظيم الإنتاج ووضع تطوير الصناعة والتكنولوجيا الوطنية كأولوية أولى تحشد لها كل الإمكانيات لكى تغطى أكبر قدر من احتياجات السوق المحلى وتتيح ما نستطيع تصديره لينافس فى أسواق العالم. هناك 150 سلعة نملك امكانيات تصنيعها فى الداخل والاستغناء تماما عن استيرادها، وقد وضعتها الدولة أمام المستثمرين وهناك جهود لفتح أسواق جديدة أمام الصناعات المصرية وخاصة فى افريقيا والدول العربية. وهناك اقبال على التصنيع العالمى فى مصر لقربها من هذه الأسواق. ولدينا جهد بدأ بالفعل وأثمر فى تقليل الفجوة بين الاستيراد والتصدير وخفض العجز فى الميزان التجاري، وهو جهد ينبغى أن يستمر بقوة  مع تصدير أكبر واستيراد أقل، ومع ترشيد فى الانفاق وتركيز على الأولويات الأساسية ووضع كل اجهزة الدولة فى خدمة الإنتاج، وفى ضبط الأسواق حتى لا نرى استغلالا للأزمة على حساب المستهلك أو المنتج الجاد كما حدث من قلة من المضاربين فى الفترة الماضية.

فلم يعد مقبولا بعد الآن أن تزيد أسعار الأعلاف إلى الضعف بسبب سعر الدولار، ثم تزيد إلى الضعفين بسبب جشع المضاربين من المستوردين أو التجار لتكون النتيجة يصل كيلو اللحم إلى 300 جنيه! ولم يعد مقبولا أن نرى السلع الأساسية بسعر جديد كل يوم مع استقرار سعر الدولار ولم يعد  مقبولا أن يحاسبك التاجر على أساس سعر الدولار الذى يتوقعه بعد شهور فى ظل أوهام الصعود المستمر والكبير لسعر الدولار. وأظن أن الغرف التجارية والصناعية عليها الدور الأهم فى التعامل مع كل هذه السلبيات لان ضبط الأسواق ليس فى مصلحة المستهلك فقط، ولكنه أيضا فى صالح الصانع والتاجر لكى تنشط الأسواق بقدر الإمكان.

ويبقى التأكيد على أن مصر- رغم الأزمة- لم تتخلف عن سداد أى دولار من المستحق عليها من الديون وفوائدها. لكن يبقى مطلوبا أن تثار مشكلة الديون فى العالم، ومسئولية الدول الكبرى والمنظمات الدولية «ومنها صندوق التقدم» فى ايجاد حلول جذرية للدول النامية بدلا من روشتة مكررة تزيد العبء على نصف سكان العالم ليزداد ثراء الأثرياء فى نظام عالمى يحتاج للإصلاح، ويحتاج أكثر للعدالة!.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة