يسري الفخراني
يسري الفخراني


فنجان قهوة

يسري الفخراني يكتب: حكايات لم تكتب بعد

أخبار اليوم

الجمعة، 30 يونيو 2023 - 10:30 م

■ بقلم: يسري الفخراني

أهدتنى الصدف السعيدة مقابلة الأسطى حسين (رجل صعيدى صلب فى منتصف الخمسينيات عمرا) الأسطى حسين يعمل نجار مسلح.. ولذلك ذهب فى البدايات الأولى للعاصمة الإدارية وهى صحراء بدون نقطة ماء، كان عاطلا عن العمل لفترة طويلة.. واضطر لأوقات طويلة أن يعمل فى نظافة البيوت من أجل لقمة العيش لبناته الثلاثة وزوجته، لكن حين أخبره زميله فى الصنعة عن ( الشغل فى المدينة الجديدة ) استعاد عِدة الشغل وجلابية المشاوير وذهب للعمل هناك!

من البداية قرر أن يعمل ورديتين.. هو فى احتياج للفلوس ليسدد ديونه ويجهز بنته ( على وش جواز ). 

العمل شاق لكنه ممتع حين ترى كل الأشياء تتغير حولك.. الصحراء الصامتة تدب فيها الحياة، شجر يكبر وبيوت تكتمل وشوارع يوضع عليها أسماء، واصل الأسطى حسين العمل.. وتزوجت الكبيرة وخُطبت الوسطى والأخيرة فى الثانوية العامة!

الأسطى حسين يتذكر أيام الشقا ( الأيام اللى كنت عاطل فيها عن العمل ومش لاقى أكل عيالى )، أما أيام الهنا فهى التى يعمل فيها من مشروع لمشروع ويسهر بعد آخر وردية مع زملائه يغنى لهم السيرة الهلالية التى يحفظها عن ظهر قلب ويعزف نغماتها على الربابة.

يحلم أن يستمر بالعمل فى العاصمة الإدارية حتى تكتمل، ويِسَتّر بناته وبنات بناته، وهو أسعد الناس بعشرات المبانى التى شارك فى جزء منها، هو نجار مسلح شاطر.. لكنه يقسم أن ما تعلمه (هنا فى الكام سنة) جعله نجار مسلح عالمى، شغل كتير وخبرات وسيرة الناس الحلوة والكل عايز ينجز.

نحن نَذكر للرئيس عبد الفتاح السيسي كم مدينة صنع وكم مصنع وكم طريق ؟ لكن من حقه أن نذكر له ونُذكر عن آلاف البيوت التى فُتحت من رزق هذه المشروعات العظيمة، آلاف الآباء الذين حُفظ لهم ماء وجههم بالعمل الكريم والشريف، فكفوا بيوتهم وعلموا أولادهم وزوجوا بناتهم فى سعادة.

كل إنجاز يتم على أرض بلدى أفرح به من قلبى، لكن قلبى يفرح أكثر بكل عامل كسب رزقه من العمل به! نادرا ما نعرف من هم هؤلاء العمال الذين بدأوا فى شق طريق طويل نسير عليه، طريق كان مجرد صحراء صعبة المنال، نحن نعرف الطريق ونفرح بالطريق لكننا لا نعرف من وقفوا تحت شمس حارقة لكى يصنعوه لنا بكل همة ونشاط. نرى جمال المكان بعد اكتماله ولا نرى عرق من صنعوه لنا!

قصة كل عامل ومهندس حفروا الأرض بأظافرهم ليل نهار من أجل طريق أو بناء أو مصنع أو حقل جديد قصة كبيرة، قصة تستحق أن تُحكى.

كل إنجاز تراه.. وراءه شقى آلاف الجدعان، وعنده ألف حكاية سعيدة عن بيوت رُزقت من وسع بعد شقاء وعناء وبطالة.

وكل إنجاز صنع خبرات عظيمة ومحترفة للمهندسين والعمال فيه.. خبرات تضعهم وتضعنا فى مصاف دول تملك كنزا من الأيدى العاملة القوية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة