د. علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء
د. علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء


د. علي جمعة يكتب: المبادرة للتوبة

الأخبار

الخميس، 13 يوليه 2023 - 04:46 م

■ بقلم: د. علي جمعة

ليس عيبا أن يخطئ المرء،‏ ولكن العيب أن يستمرئ الخطأ ويستبيح المعصية،‏ فإذا أبصر المرء عيبه وتاب إلى الله منه قبل الله توبته ومحا خطيئته، كما قال تعالى: (وَإِنِّى لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) «طه:82» ولهذه الأهمية القصوى للتوبة وتأكيدا على فضل الله الواسع فى قبول التائبين إليه، أوردت لنا سنة النبي بعضا من القصص فى هذا الجانب؛ منها قصة الكفل، فعن ابن عمر رضى الله عنهما قال: سمعت رسول الله  يقول: كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من ذنب عمله، فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها، فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته أرعدت وبكت، فقال: ما يبكيك؟ أكرهتك؟ قالت: لا، ولكنه عمل ما عملته قط وما حملنى عليه إلا الحاجة، فقال: تفعلين أنت هذا وما فعلته؟ اذهبى فهى لك، وقال: والله لا أعصى الله بعدها أبدا، فمات من ليلته، فأصبح مكتوبا على بابه: إن الله قد غفر للكفل، (رواه الترمذى وحسنه، والحاكم فى المستدرك، وصححه الذهبي).

فهذا رجل أسرف على نفسه فى الخطايا ولم يكن يتورع عن ذنب عمله، ثم أدركته رحمة الله وهو فى سبيل ارتكاب فاحشة يجل خطرها وهى الزنا، فلما تاب.. تاب الله عليه، ومنَّ عليه بالفضل وأعطاه كرامة تشهد بصلاحه وتقواه، حيث مات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه: إن الله قد غفر للكفل.

وتعلمنا القصة أن الواجب على المسلم إن وقع فى ذنب أن يبادر إلى التوبة والندم والاشتغال بالتكفير بحسنة تضادها؛ فأما التوبة فهى عبارة عن ندم يورث عزما وقصدا ورجوعا إلى الله والطمع في رحمته.. وكلما كان الندم أشد كان تكفير الذنوب به أرجى.. وبهذا الندم يصدق العزم فى التوجه إلى ترك هذا الذنب، فإن لم تساعده النفس فى العزم على ترك الذنب لغلبة الشهوة فقد عجز عن أحد الواجبين المترتبين على الندم، فلا ينبغى أن يترك الواجب الثاني وهو أن يدرأ بالحسنة السيئة فيمحوها، والحسنات المكفرة للسيئات إما بالقلب وإما باللسان وإما بالجوارح، فأما بالقلب فليكفرها بالتضرع إلى الله تعالى فى سؤال المغفرة والعفو، وأما باللسان فبالاعتراف بظلم النفس مع الاستغفار فيقول: رب ظلمت نفسى وعملت سوءا فاغفر لى ذنوبى (سنن البيهقي) وكذلك يكثر من دروب الاستغفار المأثورة. وأما بالجوارح فبالطاعات والصدقات وأنواع العبادات.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة