الجمعة، 14 يوليه 2023 - 07:13 م

■ بقلم: هبة عمر

فى إحدى القرى الساحلية التى أزورها كل عام فوجئت بإغلاق مكتبتين كانتا تقدمان خدمة مهمة لرواد القرية، بعد أن قررت الشركة المالكة رفع أسعار التأجير، ومع انخفاض عدد الرواد وتراجع الاهتمام بقراءة الصحف والمجلات والكتب وتلاشى الإيرادات كان طبيعيا أن يتم إغلاق المكتبات، وهو ما تكرر فى قرى ساحلية أخرى، كان بعضها يتبع الدولة التى اهتمت عند تخطيطها بإنشاء مكتبات صغيرة فى كل قرية تتيح خدماتها للرواد.

تذكرت حين كنت أقضى أجازة الصيف فى قريتى بالشرقية، وأنتظر بلهفة قرع جرس دراجة بائع الصحف معلنا عن حضوره فى منتصف الظهيرة قادما من أماكن بعيدة، حاملا الصحف والمجلات ليلتف حوله الصغار والكبار كل يبحث عن مبتغاه، فقد كانت القراءة هى الوسيلة الأهم للتسلية خلال الإجازة، ورغم أن فكرة بائع الصحف المتجول بين القرى انقرضت الآن، فقد ظهرت فكرة المكتبات المتنقلة منذ عام ١٩٨٤ وهى حافلة مصممة لاستخدامها كمكتبة بها مساحة لتمكن روادها من القراءة داخلها، وتخدم من يجدون صعوبة فى الوصول للمكتبات بالقرى والنجوع، وتوفر خدمة استعارة الكتب، وخاضت تجربتها دار الكتب والوثائق القومية فى حديقة الحيوان بالجيزة، وكذلك صندوق مكتبات مصر العامة الذى أطلق من وزارة الثقافة بالعاصمة الإدارية مكتبات إلى محافظات الأقصر وقنا والمنيا والبحيرة والدقهلية ودمياط لتصل إلى المراكز والقرى والمناطق النائية، وقبلها ذهبت مكتبات متنقلة لمحافظات الشرقية والإسماعيلية والقليوبية، وكان نشر المعرفة وتكريس حب القراءة خاصة لدى الأطفال هدفا لمبادرات ذاتية، منها معهد جوته بالقاهرة الذى يرسل مكتباته المتنقلة إلى عدة قرى بالمحافظات، وتبنى شباب مثل أحمد داود فى شبين الكوم بالمنوفية، وتامر المغازى فى كفر الشيخ، ومصطفى كامل فى أسيوط وأحمد إبراهيم فى الفيوم وغيرهم إقامة مكتبات صغيرة تقدم أنشطة ثقافية وفنية محدودة بحكم الإمكانيات لأطفال قراهم، وهناك تجربة الطفل عمر مكى الذى ساعده والده على التجول بمكتبته الصغيرة التى تحوى ٢٠٠ كتاب بين قرى ومدن محافظتى السويس والشرقية لتشجيع الأطفال على القراءة.

ويبقى الأهم هو توفير العوامل التى تشجع خلق ثقافة ارتياد المكتبة، بتوفير القراءة فى أماكن مفتوحة بجانب المكتبات والمدارس، والاهتمام بتنوع الكتب وتحديثها، وتوفير الصيانة والنظافة اللازمة وكذلك الأماكن المناسبة لوقوفها بالتنسيق مع الأجهزة المحلية حتى لا تعطل حركة المرور.