مصطفى بكرى
مصطفى بكرى


فى الطريق إلى يوليو «بكرى» يروى أسرار سقوط «الجماعة»

د.محمود عطية

الأحد، 16 يوليه 2023 - 09:38 م

يرصد الكاتب الصحفى الكبير مصطفى بكرى فى كتابه «الطريق إلى 3 يوليو» حقبة الحكم الإخوانى خلال «سنتهم السوداء» بداية من الثلاثين من يونيو 2012.. وقت أن ظن الكثيرون أن وصول الجماعة إلى السلطة من شأنه أن يمنحها الفرصة لتحقيق شعاراتها، وبرامجها المعلنة على أرض الواقع، ومع أسف فقد ضربت بكل هذه الشعارات عرض الحائط، وأظهرت وجهها الحقيقى المعادى للحريات وللدستور وللقوانين، وسعت إلى «أخونة» جميع مؤسسات الدولة، واستخدمت العنف لمواجهة المعارضين، وعجزت عن حل الأزمات السياسية والاقتصادية التى واجهتها البلاد فى «سنتهم» تلك الكئيبة.


وفى حوالى ستمائة صفحة يعرض «بكرى» فى كتابه ملابسات اعتلاء الجماعة سدة الحكم.
ووصلت الجماعة إلى رأس السلطة، ومع تولى محمد مرسى رئاسة البلاد بدأ فى تنفيذ مخطط «مكتب الإرشاد» للسيطرة على مقاليد الأمور، و«أخونة» الدولة، والتخلى عن كل الشعارات التى رفعها الرئيس الإخوانى خلال فترة ترشحه، وكانت البداية الانقلاب على أحكام القضاء والإعلان الدستورى الصادر فى 17 يونيو 2012، خاصة أن «محمد مرسى» كان يرفض منذ البداية أداء القسم أمام المحكمة الدستورية العليا بسبب كونها أصدرت حكمًا بحل مجلس الشعب، وكان المجلس العسكرى قد تسلم من جديد السلطة التشريعية بعد حل مجلس الشعب، وأصبح وحده صاحب سلطة التشريع فى غياب البرلمان باعتباره الهيئة التأسيسية التى تسلمت السلطة من الرئيس السابق بمقتضى الشرعية الثورية، وكان الإعلان الدستورى يحوى ضمانة لإصدار دستور توافقى تكون مرجعية الخلاف فيه إلى المحكمة الدستورية العليا، لكن القوى «الإخوانية» التى أمسكت بمفاصل البلاد رأت الانفراد بالحكم، وإلغاء الإعلان الدستورى بلا أى مبرر قانونى.


علاقة مريبة بالأمريكان..!
وفى منتصف يوليو 2012، كانت الأزمة المكتومة بين مؤسسة الرئاسة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة قد بدأت تتصاعد بين رئيس يسعى إلى الاستئثار بالسلطة التشريعية جنبًا إلى جنب مع السلطة التنفيذية، ومجلس أعلى للقوات المسلحة لا يزال متمسكًا بالسلطة التشريعية بوصفه الهيئة التأسيسية المعنية بهذا الأمر، خاصة بعد حل مجلس الشعب فى 14 يونيو 2012.


وأفرد الكتاب فصلا عن علاقة الإخوان بالإدارة الأمريكية والحديث الذى جرى بين المشير طنطاوى ووزيرة الخارجية الأمريكية «هيلارى كلينتون» الذى استمر قرابة الساعة. وتبين من خلاله أن المشير طنطاوى حاول أن يبعث برسالة للجميع، للأمريكيين وللرئيس ولجماعة الإخوان وللشعب المصرى، محتواها «أن الجيش لن يسمح لجماعة الإخوان بالسيطرة على مفاصل البلاد وفرض هيمنتها».


ويحلل الكتاب كيف بدأت أحداث العنف فى سيناء، وكيف توالت عمليات إرهابية جرى تنفيذها فى مناطق متعددة هناك.. وأكد أنه وقد توافرت للمخابرات العامة معلومات تقول إن هناك عناصر متطرفة مصرية وفلسطينية تعد للقيام بعملية عسكرية كبرى تستهدف الجنود المصريين داخل سيناء، وأن هذه العناصر مدربة تدريبًا جيدًا، وأنها تستهدف نشر الفوضى وسيطرتها الأمنية على سيناء..! ومضت عملية «أخونة» البلاد على قدم وساق، وإلصاق تهم المؤامرة بقادة سابقين فى الجيش، وقد أدرك الفريق عبد الفتاح السيسى حقيقة الهدف، وقد أبلغ «مرسى» أكثر من مرة بأن محاولات الإساءة للمؤسسة العسكرية مرفوضة، خاصة أنه لا توجد أية أدلة حقيقية على ما يثار من اتهامات وممارسة الضغوط على القادة السابقين.


مؤامرة «تفكيك» الشرطة
وتحت عنوان «السعى إلى تفكيك الشرطة» يذكر «بكرى» أن البلاد باتت أمام حالة انقسام مجتمعى كبير، لم يكن القضاء وحده المستهدف، بل كانت الشرطة أيضا هدفًا لجماعة الإخوان خاصة بعدما رفض اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية وقتها الاستجابة لمطلب «مرسى» بالصدام مع المتظاهرين.
بيان فى مواجهة الفوضى
وبدا أن البلاد ستدخل فى حالة فوضى وهنا قال «السيسى» وزير الدفاع: «استنادا إلى الأحداث التى تمر بها البلاد فى الوقت الراهن، لا بد أن يكون لنا موقفنا المحدد الذى يضع حدًا لهذه الفوضى، ويحمى مؤسسات الدولة «.. وبعد فترة من التشاور مع قيادات الجيش أصدر «السيسى» البيان الذى تلاه باسم القيادة العامة للقوات المسلحة: «إن القيادة المسلحة على وعى كامل بما يدور فى الشأن العام الداخلى دون المشاركة أو التدخل، لأن القوات المسلحة تعمل بتجرد، وحياد تام، وولاء رجالها لمصر ولشعبها العظيم».. أحدث البيان ردود فعل قوية لدى الشارع المصرى، بينما آثار حالة شديدة من القلق لدى جماعة الإخوان، فى البداية زعمت الجماعة أن البيان جاء بموافقة «مرسى»، إلا أن مصدرًا عسكريًا كذب هذه الادعاءات، وقال «إن مرسى لم يلتق السيسى إلا فى الخامسة مساء، أى بعد إعلان البيان»..

وفى فصل تحت عنوان خطاب الوداع يذكر «بكرى: «ان المعلومات وصلت إلى القائد العام للقوات المسلحة تفيد بأن جماعة الإخوان أعدت مخططًا لاعتقال القيادات المهمة فى البلاد من قادة عسكريين وأمنيين وسياسيين وإعلاميين، وكانت الخطة ستنفذ أثناء خطاب «مرسى» الذى سيلقيه مساء السادس والعشرين من يونيو، وكانت مصر فى الثلاثين من يونيو على فوهة بركان، حالة الغضب واضحة على الوجوه، لقد أدرك المصريون أن هذا اليوم سيكون فاصلًا فى التاريخ، إنها المعركة الأخيرة مع جماعة الإخوان ومندوبها فى القصر الرئاسى، ومنذ الصباح الباكر بدأت الحشود تتدفق باتجاه ميدان التحرير، والميادين الأخرى بطول مصر وعرضها.. وكشف الكتاب العديد من التفصيلات والحوادث والحوارات التى تمت وتصاعدت، وكانت كفيلة بإنهاء فترة حكمت على نفسها بالزوال، وأثبتت زيف شعاراتها، وكادت تعصف بالبلاد، وتدخل بها نفق التمييز الدينى والعنصرى «الكتاب صدر عن دار سما للنشر».
د. محمود عطية


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة