نوال مصطفى
نوال مصطفى


حبر على ورق

الناس والصيف

نوال مصطفى

الأربعاء، 19 يوليه 2023 - 08:05 م

اقتباسًا من عنوان فيلم «البنات والصيف» الذى ألفه الكاتب القدير إحسان عبد القدوس، استوحيت عنوان هذا المقال، الفيلم الجميل من إنتاج عام 1960، ويحكى ثلاث قصص منفصلة من عوالم مختلفة تدور فى أجواء الصيف بتقلباته وعلاقاته العاطفية العابرة، وحكاية بنات ثلاث يصطدمن بثلاث أزمات تضعهن فى مهب الريح، ما بين الإخلاص والخيانة، وبين الحيرة واليقين، وبين الاستسلام للواقع والخلاص من الهاوية.

وبالمناسبة هو من الأفلام الأبيض وأسود التى لا تمل من مشاهدتها، تذكرت هذا العنوان وأنا أتابع حال الناس فى صيف 2023. الكثيرون هربوا إلى الشواطئ، والأكثر منعتهم ظروفهم من مغادرة محافظاتهم وهرعوا إلى التكييفات والمراوح الكهربائية. الكل يبحث عن نسمة هواء فى قيظ حر قاسٍ، تتابع موجاته بتكرار مرهق، وتشتد درجة حرارته لمستويات تعجز فيه كافة الوسائل فى التخفيف من حرارة الجو، فهل اختلف الجو فى مصر عن أيام زمان؟ هل تأثر الصيف عندنا، كما تأثر عند غيرنا بالتغيرات المناخية؟.

يبدو أن السؤال الذى شغلنى كان محورًا لاستطلاع رأى قام به المركز المصرى لبحوث الرأى العام (بصيرة) وكانت أهم نتائجه أن نسبة 84% من المصريين يرون بأن فصل الصيف أصبح أكثر حرارة، و59% أجابوا بأن الصيف أصبح أطول، 78% أشاروا إلى أن الشتاء أصبح أكثر برودة بينما 47% أشاروا إلى أن الشتاء أصبح أطول.

وفيما يتعلق بالأضرار المترتبة على التغير المناخى أشارت النتائج إلى أن 66% من المصريين يرون أن التغير المناخى وتغير مستويات درجات الحرارة سوف يؤثرعلى مستقبل الحياة فى مصر، بينما رأى 17% أنه لن يؤثر على مستقبل الحياة فى مصر و17% أجابوا بأنهم غير متأكدين.

ما أسباب الحر الشديد هذا الصيف؟ سؤال لاحظت أنه لم يقتصر على مصر فقط، بل إن هناك الولايات المتحدة ودولًا أوروبية تعانى بشدة من الارتفاع الرهيب فى درجات الحرارة بصورة غير مسبوقة، سجلت درجات الحرارة فى إيطاليا رقم 48 درجة مئوية الأسبوع الماضى، وتعانى تكساس وجزء من جنوب غرب الولايات المتحدة من موجة حر شديدة. لدرجة أن أكثر من 120 مليون أمريكى يتلقون استشارات بخصوص التعامل مع درجة الحرارة كما ذكرت خدمة الأرصاد الجوية الوطنية الأمريكية.

وفى المملكة المتحدة، كسرت درجات الحرارة فى يونيو كل الأرقام القياسية. وهناك موجة من الطقس الحار بشكل غير مسبوق فى شمال إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا.

يقول فريدريك أوتو، عالم المناخ فى معهد جرانثام لتغير المناخ فى إمبريال كوليدج لندن كلما ارتفعت درجة الحرارة العالمية، زادت المخاطر من نتائجها والآثار المترتبة عليها، وأضاف: «إن موجات الحر هذه ليست أكثر تواترا فحسب، بل إنها أيضا أكثر سخونة وأطول مما كانت ستكون عليه بدون الاحترار العالمى».

هذه هى مجرد البداية. وما لم نجر تخفيضات هائلة فى انبعاثات الغازات الدفيئة، ستستمر درجات الحرارة فى الارتفاع. وتؤدى درجات الحرارة المرتفعة هذه بالفعل إلى تغييرات أساسية، ويكاد يكون من المؤكد أنها لا رجعة فيها فى النظم البيئية فى جميع أنحاء العالم. وساهمت درجات الحرارة القياسية فى يونيو فى المملكة المتحدة فى التسبب فى نفوق غير مسبوق للأسماك فى الأنهار والقنوات.

هذا ما يقوله واحد من العلماء المتخصصين فى التغيرات المناخية، وهو بالتأكيد يفسر ما نحسه ونشعر به من تغيرات كبيرة فى درجات الحرارة، وما نعانيه هذا الصيف المشتعل بالحرارة. ألطف بنا يا رب!.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة