الدكتور صلاح البسيوني
الدكتور صلاح البسيوني


«يوميات أب يتيم».. قصة قصيرة للكاتب الدكتور صلاح البسيوني

صفوت ناصف

الخميس، 03 أغسطس 2023 - 04:14 م

اقترب منى فجأة وهو يشير بطول ذراعه إلى جهاز التلفزيون الذي يعرض إعلان (يوم اليتيم) وقال: أنا عارف أنك جرنالجى بتكتب ولك قراء كتير .. ياريت تسألهم يجاوبوني .. هو اليتيم اللي فقد أبوه بالوفاة والا كمان اليتيم اللي فقد أبناءه بالجحود والنكران ؟؟ وتركنى منتظرا إجابتكم ومساهمتكم .. والرد على سؤاله .. وغادر المكان .

صباح اليوم التالي بحثت عنه ولا يزال هناك سؤال يؤرقني.. اتجهت إلى مجلسه المعتاد وسألته : هل أوفيت لأبنائك حقوقهم التي أوصاك بها الله ؟

فأجابني: لقد أعطيتهم كل ما أملك .. أكثر مما كانوا يتوقعونه .. أو يحلموا به .. وعندما انتهى أو جف نبع العطاء .. أداروا رؤوسهم وانصرفوا !! ولا زلت أنتظر إجابة سؤالى من قرائك .. ليتهم يشاركونى بالإجابه ! وغادر المكان .

مر يوم وحضرت مبكرا إلى قهوة نور الصباح لأجده جالسا فى ركنه المعتاد .. فتوجهت إليه وقد استقبلني بابتسامة الرضا التي تعلوا وجهه دائما وبادرته: يسألنى قرائى هل هناك أسباب أخرى تخفيها عنهم ترجح أنها سبب الجحود والنكران من أبناءك .. فأجابني وقد تغيرت ملامحه وهب واقفا من مجلسه قائلا: عندما ( تأوى الحية فى بيتك فلابد أن تتجرع السم البطئ فى طعامك .. وعندما تحين اللحظه تلدغ من حولها ) .. الله عالم بما تخفيه الصدور .. وأخذ يمسح دمعة شاردة من عينيه واستدار وغادر المكان .

صباح اليوم الأخير دخل مسرعا من باب قهوة نور الصباح وعينه تبحث عني، كما كنت أترقب وصوله منذ أيام، واقترب مني وعلى وجهه ابتسامة شاحبة وهو يقول: بارك لي ..

نظرت إليه متسائلا: أكيد خير!!

قال: جاءني أخيرا اتصال غريب من أصغر أبنائي، لم يدخل بيتي منذ أكثر من سبعة أشهر.

قلت: المهم صالحك؟

ابتسم قائلا: كالمعتاد أخذ يحكى عن مشاغله بالعمل وعدم وجود فرصة لالتقاط أنفاسه حتى انتهت المكالمة

قلت: أكيد معذور والزحام يجعل من الزيارات كابوس وعبء.

ابتسم قائلا: ليك حق، المسافة بينى وبينه طويلة جدا، حوالي عشرة أمتار فقط !! وغادر المكان.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة