هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

الحرب مستمرة.. والمقاومة أيضًا

هالة العيسوي

الأربعاء، 22 نوفمبر 2023 - 10:15 م

لا تظنن أن وقف القتال المؤقت بين حماس وإسرائيل، والإفراج الجزئى عن بعض الأسرى والرهائن هنا وهناك يخدم المقاومة الفلسطينية وحدها. ولا تظنن أن الإنهاك أصاب حركة حماس وحدها، فالاحتلال رغم ضراوته فى التعامل مع غزة يحتاج هذه الصفقة بقدر حماس وربما أكثر منها.

ولولا المكابرة وعمق جرح السابع من أكتوبر والضغط الهائل من أهالى المخطوفين الإسرائيليين والاحتياج الشديد لادعاء نصر عسكرى وسياسى لجثا الاحتلال طالبًا هذه الصفقة على ضآلة مخرجها النهائى. إنها صفقة التقاط الأنفاس لكلا الجانبين أو هو اتفاق الضرورة، الذى يأتى فى لحظة ما قبل التداعى. ففى عالم السياسة، أفضل نتيجة لأى مفاوضات هى أن تفضى إلى اتفاق يرضى الأطراف المتفاوضة بحيث يمكن لكل طرف أن يخرج منها مقتنعًا بالفوز، أو كما يسمى فى علوم التفاوض win/win. 

كان من الممكن إضفاء صفة «الفوز للجميع» على اتفاق وقف القتال وتبادل بعض الأسرى، بفضله يمكن إدخال المعونات الإنسانية للقطاع، والإفراج عن بعض الرهائن ومن ثم تخفيف الضغط الدولى على إسرائيل، وهو بالمقابل، يمثل فرصة لحركة المقاومة لإعادة ترتيب أوراقها وشحذ همم عناصرها؛ لولا أن الهدنة مؤقتة بأربعة أيام، ومعلقة على تسليم الأسرى، وكل طرف يتربص بالآخر كى لا ينتهك الاتفاق ليستأنف القتال بعد انتهاء الهدنة.

يصر جيش الاحتلال على الزحف جنوبًا، ومطاردة قيادات حماس فى مخابئهم ليغسل سمعته وأملًا فى تحقيق ما لم يحققه طوال قرابة الخمسين يومًا. فإسرائيل لم تنجز من هذا الغزو البربرى سوى دمار غزة وتشريد أهلها وإجبارهم على إخلاء بيوتهم والنزوح جنوبًا، وهو ما لم يصل إلى الشريحة الدنيا من أهدافها، فلم تعتقل مقاومًا واحدًا من عناصر حماس حيًا، ولم تتمكن من تحديد مكان اختباء يحيى السنوار قائد الجناح العسكرى للحركة، ذلك الرجل الشبح الذى تسعى وراء رأسه، وتعتبر أنه وراء كل ما حل بها من مصائب، وكل ما يصدر من تصريحات قادتها العسكريين ورجال مخابراتها ينطبق عليه قوله تعالى: «إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ».

لا يعترفون بعجزهم الاستخباراتى، يفضحهم كذبهم وتخبطهم، فتارة يزعمون أن السنوار وباقى القيادات العليا من حماس يختبئون تحت أسقف مستشفيات غزة الموجود معظمها فى شمال القطاع، وتحت هذه الذريعة اقتحموا شمال غزة بأسره وسووه بالأرض، حطموا المستشفيات وأخلوها من مرضاها وطواقمها الطبية، وحين لم يصلوا إلى السنوار هناك، ادعوا أنه فر إلى الجنوب ويتواجد فى أنفاق خان يونس، ويظهر رئيس وزرائهم السابق إيهود أولمرت مع قناة يورونيوز ليكشف أنه يعلم منذ أسبوعين بأن السنوار موجود فى خان يونس! وكأنه يعلم والاستخبارات لا تعلم. وإلا لو كانت تعلم فلماذا لم تبدأ حملتها البرية بالاتجاه المعاكس من الجنوب إلى الشمال سوى أنها كانت تنفذ خطة ممنهجة لإجبار أهالى غزة على النزوح جنوبًا؟ 

الاحتلال يصر على الانتقام، والمقاومة تصر على عدم الانكسار.

الحقيقة أن الاستخبارات الإسرائيلية - رغم ادعاءاتها - لا تعلم على وجه اليقين أماكن اختباء قيادات حماس. لذلك يصرون على استمرار الحرب، والمقاومة.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة