الكاتبة هالة العيسوي
الكاتبة هالة العيسوي


هالة العيسوي تكتب اقتلهم.. لكن برفق!

هالة العيسوي

الأربعاء، 06 ديسمبر 2023 - 02:54 م


لا يشعر المحنكون من المعلقين الإسرائيليين بأي أثر لضغط أمريكي يُذكر من أجل وقف القتال في غزة. هم يقرّون فيما بين سطورهم، بحديث معاكس تمامًا لما تضج به باقي وسائل إعلامهم من صراخ وشكوى من الضغط الأمريكي على صناع القرار لديهم، تحت شعار زائف يطلقونه عن الهدنة "الإنسانية" من أجل وقف القتال وإنقاذ ما تبقى من أرواح فلسطينية بريئة .

المخضرمون من الإسرائيليين في مجال التعليق السياسي يبوحون فيما بين سطورهم بما هم موقنون منه؛ بأن واشنطن لا تلقي بالًا لمصير حماس، بل ربما تشاطرهم نفس الرغبة في القضاء عليها دون إعلان.  وأن البطء الذي يراه الإسرائيليون في تحرك  جيش الاحتلال، ويثير غضب الكثيرين ولاسيما أهالي المحتجزين، لا يغضب واشنطن كثيرًا، وهو بطء ممنهج نتاج الدروس التي استوعبها جيش الاحتلال من حرب لبنان الثانية، حين اندفعت القوات نحو قتال عنيف أيضًا لكنه سريع ، وأدّى التعجل في إنهاء العملية العسكرية  إلى عدم تحقيق أي إنجاز عسكري، او الادعاء بتحقيق نصر مؤزر؛ فقد بقى حزب الله شوكة في حلق إسرائيل تمامًا كما هي الآن حماس.

لتلافي ذات النتيجة لا يبدو جيش الاحتلال متعجلًا هذه المرة في إنهاء العدوان على غزة ، هو أسلوب قتال متعمد يهدف إلى تحقيق الإنجازات وقتل أكبر عدد ممكن من أعضاء حماس، لكن ليس في معارك وجهاً لوجه، كما إنه يهدف إلى منع وقوع إصابات جراء النيران الصديقة، أو ما يعرف في المصطلحات العسكرية بـ (النيران ذات الوجهين). 

بالفعل،  فإن حديث قيادات الإدارة الأمريكية عن ضرورة وقف القتال وتجنب المزيد من الضحايا حديث فضفاض لا يضع حدّا زمنيَا لوقف القتال، لا يقلقه حديث الإسرائيليين عن احتمال امتداد القتال لشهور حتى يتم القضاء على حماس تمامًا. ويتماهى بقليل من  الخفاء مع  الموقف الإسرائيلي. بل إن أداء الإدارة الأمريكية يبدو وكأنه يقول لنتانياهو "اقتلهم ولكن برفق". لم ينتفض أمام مرأي جثامين الأطفال الفلسطينيين والرضع، وارتجافات الذعر والهلع التي تصيب أطفالًا غادروا بالكاد مرحلة الرضاعة. أطفال فقدوا ذويهم،  يتضورون جوعًا، وتاهوا وسط آلاف النازحين لا يدرون ما تخبئه لهم الأيام القادمة. صور  تهز كل من كان يحمل قلبًا في جوفه.

بل لم يردع الرئيس الأمريكي أو  أي من موفديه  "المكوكيين" للمنطقة نتانياهو  من تهديد قيادات حماس بالقتل "كلهم ميتون". لم يستثن نتانياهو أحدًا، كذلك، لم يراجعه أحد في تهديده الذي مر على الغرب مرور الكرام. حتى نبرة تعاطف الإعلام الغربي والأمريكي بالأخص  مع ضحايا العدوان الإسرائيلي بدأت تخفت بطول أمد القتال، وكأنها اعتادت على هذه المشاهد الحية المخضبة بالدماء. وعلى الناحية الأخرى تجد بكائيات على أطفال إسرائيل الذين اضطروا إلى ترك منازلهم إلى تجمعات إيواء في المخابئ، ببرهان جلّي على انحراف زاوية الرؤية لدى الإعلام الغربي، الذي بات ينظر بعين واحدة فقط، يوجهها نحو الضحايا الإسرائيليين، ويعمد، من أجل مواجهة الصور الحية لفظائع الاحتلال الإسرائيلي،  إلى الترويج لفضائح مزعومة، وجرائم يندى لها الجبين منسوبة لمقاتلي حماس،  رغم عدم إقامة الدليل عليها.


[email protected]


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة