إبراهيم المنيسى
إبراهيم المنيسى


أما قبل

فى «الكان».. ياما كان !

الأخبار

الأربعاء، 10 يناير 2024 - 10:37 م

فأل وعليه الكمال. لم يسبق لمنتخب مصر لقاء موزمبيق فى أى مناسبة بكأس الأمم الأفريقية؛ إلا وفاز المصريون وأكملوا طريقهم لمنصة التتويج. حدث هذا ثلاث مرات من قبل فى دورات ١٩٨٦بالقاهرة و١٩٩٨ ببوركينا فاسو و٢٠١٠ بأنجولا، ولعل هذا ما خلق جوا من التفاؤل بين الجماهير الكروية وهى تترقب لقاء منتخب مصر مع موزمبيق مساء الأحد المقبل فى مستهل مشوار زملاء صلاح فى كأس الأمم بأبيدجان. ربنا يكملها بالخير..

كأس الأمم الأفريقية غالية علينا. بينها وبين الكرة المصرية تاريخ طويل وحافل. مصر هى الرائدة فى البطولة القارية.. ساهمت فى انطلاقتها فى العام ١٩٥٧ وحازت باكورة ألقابها وعززت العلاقة بالرقم القياسى فى التتويج بها سبع مرات. والجدع يحصلنى!

كأس الأمم الأفريقية  أو «الكان» كما اصطلح إعلاميا على اختصار مسماها اختزالا من الفرنسية إحدى اللغات الرائجة بالقارة :»Coupe d,Afrique des Nations» هى ثالث أقوى البطولات الكروية عالميا. بين المنتخبات بعد كأس العالم وكأس الأمم الأوروبية، بل زادت قيمتها وتضاعفت قوتها مع انتشار نجوم القارة السمراء فى مختلف الدوريات والأندية العالمية الكبرى..

ومع الأجواء الإيجابية التى تكشفت داخل بعثة المنتخب الوطنى قبيل السفر للعاصمة العاجية والانخراط فى هذا التحدى الكبير، تذكرت ما كانت عليه الأجواء داخل المنتخب الوطنى فى بطولة كأس الأمم ٢٠٠٨ فى غانا. كانت أحلى الأيام!

سافرت فى مهام  عمل صحفية كثيرة للخارج طيلة ما يزيد عن الثلاثين عاما، لكن لاتزال رحلتى لكوماسى التى احتضنت منافسات مصر فى كأس الأمم ٢٠٠٨ لها  طابعها الخاص والمميز. فى الكان..  ياما كان!!

فى كوماسى مملكة الذهب الواقعة فى قبضة قبيلة الأشانتى، حل منتخب مصر مسبوقا بهالة كبيرة وسمعة مدوية للمصريين.. هنا على ستاد بابا يارا خطف الأهلى لقبه القارى الأول من أنياب كوتوكو المرعب عام ١٩٨٣ وهنا أيضا على نفس الملعب نال الزمالك هزيمة تاريخية  بالخمسة من أبناء الأشانتى.. وكان على المعلم حسن شحاتة وكتيبته الرائعة الدفاع عن لقب حققه المنتخب فى الدورة السابقة ٢٠٠٦ بالقاهرة وتأكيد جدارة واستحقاق لاعبيه الرائعين باللقب القارى.. ومواجهة السحر والسحرة فى عقر ديارهم. سحر الفراعنة الكروى يكسب!

بجانب الكفاءة الفنية المميزة للحضرى وجمعة وأبو تريكة وزيدان ومتعب وزكى والصقر أحمد حسن وبقية المنتخب، كان للقيادة الهادئة والواثقة للمعلم شحاته دور كبير فى تمكين اللاعبين من أداء الكرة الجميلة.. حسن شحاتة معلم كورة بجد وعبقريته كمدرب أنه ترك حرية الإبداع والاستمتاع للاعبين المهرة للتعبير عن قدراتهم فى هذه الفترة. لعبنا أجمل كورة فى تاريخ البطولة وطاح الفراعنة فى الكل.. أسود الكاميرون تم ترويضهم مرتين. وبالأربعة وكذا الأفيال والفهود وكل ما فاضت له غابات أفريقيا.. المصريون طاحوا فى الكل!

ومع هذا الجو الرائع من لاعبين وجهاز فنى متفاهم، كانت إدارة البعثة رائعة أيضا.. المعلم سمير زاهر رئيس الاتحاد رحمة الله عليه بالجلابية  يقود الأمور بذكاء وهدوء ومعلمة والدينامو حازم الهوارى رئيس البعثة وقتها يبذل كل ما فى وسعه لتوفير جو الانضباط والحزم والألفة معا. معايير رائعة وحكيمة وزادت هذه الأجواء باللمسة المصرية النبيلة..

كنا نتدرب فى ملعب مدرسة ثانوية تسمى بوكو وارى بكوماسى وطلب اللاعبون من الكابتن حسن شحاتة ذبح عجل بعد الفوز بكل مباراة وتوزيع لحومه على الفقراء بهذه المدينة.. فى البداية قال غانيون إن الفراعنة يبغون السحر. لكنهم لما وجدوا تكرار النحر بعد كل فوز صار ملعب هذه المدرسة مقصدا للآلاف من المحتاجين ينتظرون فوز المصريين وقربان التقرب إلى الله أملا فى فوز جديد..

وظلت عملية ذبح العجول مستمرة وزادت إلى عجلين مع بلوغ الأدوار النهائية بحرص وسعادة من زاهر والهوارى وشحاتة واللاعبين حتى  كان الانتقال للعاصمة أكرا للعب النهائى وسط دعوات الآلاف من أبناء كوماسى حتى أن ضابط الحراسة الغانى المكلف بتأمين بعثة مصر وكان يدعى الحسين حرص على التوجه مع الفريق للعاصمة وصار صديقا مقربا من لاعبى المنتخب وطلب منهم مطلبا خاصا لو تحقق لهم الفوز بالكأس وهو أن يزور القاهرة ويصلى فى الأزهر الشريف.. وقد حقق له اللاعبون رغبته بحب شديد وجاء للقاهرة ومكث فيها أياما بسعادة بالغة.

هذه كانت أجواء البطولة الغالية والحالة التى تكفل التفوق.. وتلك كانت قيمة الكرة.. القوى الناعمة والمؤثرة.
 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة