د.حسين عبد البصير
د.حسين عبد البصير


لماذا نحتفل بسليم حسن الآن؟

نجم معرض الكتاب .. حكاية تُروى للأجيال

الأخبار

الأحد، 28 يناير 2024 - 06:53 م

مع إشراقة الجمهورية الجديدة في مصرنا الحبيبة  يجئ ذلك الحدث  الكبير  فى إطلالته الأحدث مبرزا ومؤكدا معنى رائع  لافت ينطوى على قيم دافئة حيث اختار معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الجديدة شخصية المؤرخ وعالم الآثار د. سليم حسن..

ذلك العاشق للحضارة المصرية القديمة، وتساءل البعض: لماذا هو الآن بالذات؟ وقد تكون الإجابة معبرا لإدراك المعنى الأعمق من وراء هذا الاختيار، وهو أن بلادنا لا تنسى المخلصين  من أبنائها الذين ضحوا كثيرا، واجتهدوا طويلا من أجل رقيها، ورفعتها، وأن أمتنا لا تجحد عطاء أفذاذها على اختلاف أجيالهم، وتباين عصور ظهورهم، فالصادقون فى انتمائهم الذين برهنوا على ارتباطهم بمأوى خطواتهم، نحتفى بهم حتى إذا كانوا قد رحلوا منذ دهور، فعطاؤهم باق يتجدد أثره على مر الأجيال، وإخلاصهم يصير مضرب الأمثال وانتماؤهم يضئ  كنموذج لكل الأجيال،  فالأفذاذ الذين إفنوا أعمارهم فى سبيل ارتقاء امتهم كل فى مجاله يرتقون إلى مكانة قريبة من مصاف  الشهداء الأحياء الخالدين أبدا، و«سليم حسن» أحد هؤلاء الأفذاذ المخلصين الذين نؤكد اليوم أن أمتهم لن تنساهم، وفى السطور التالية إجابة عن السؤال: لماذا نحتفل به الآن بعد رحيله بعقود، ونعتقد أن فصول سيرته، وسجل عطائه سيتكفلان بالإجابة، وعبر حكاية تروى بقلم أحد المتاثرين به الأوفياء لسيرته، وهو الأديب والأثرى البارز د.حسين عبد البصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية. نتعرف على الإجابة.

إن اختيار العالم الجليل د. سليم حسن شخصية معرض القاهرة الدولى للكتاب للعام 2024 يُعد اختيارًا موفقًا وتقديرًا كبيرًا لعالم أثرى مصرى فذ أعطى من خلال علمه، وحفائره، واكتشافاته ومؤلفاته الكثير لمصر وللمصريين وللعالم أجمع.

يُعد د. سليم حسن (8 أبريل 1893- 30 سبتمبر 1961) عميد الأثريين المصريين. وهو أبرز أعلام الآثار المصرية فى مصر والعالم أجمع. وقدَّم العديد من الدراسات الرائدة فى علم المصريات. ويُعد ثانى عالم آثار مصرى يساهم فى تأسيس علم المصريات باللغة العربية بعد المرحوم أحمد كمال باشا مؤسس المدرسة المصرية فى علم المصريات. وكان عمله الأبرز هو «موسوعة مصر القديمة» فى ستة عشر جزءًا، وكتاب الأدب المصرى القديم فى جزءين. وقام بالعديد من الاكتشافات الأثرية المهمة فى هضبة أهرامات الجيزة، وسقارة، والنوبة.

وُلد سليم حسن بقرية «ميت ناجى» التابعة لميت غمر بمحافظة الدقهلية. وتُوفى والده وهو صغير. وقامت أمه برعايته. وأصرت على أن يكمل تعليمه. وأنهى مرحلتى التعليم: الابتدائية والثانوية. وحصل على شهادة «البكالوريا» عام 1909. ثم التحق بمدرسة المعلمين العليا. واُختير لإكمال دراسته بقسم الآثار الملحَق بتلك المدرسة لتفوُّقه فى عِلم التاريخ. وتخرَّج فيها العام ١٩١٣. وعمِل مُدرسًا للتاريخ بالمدارس الأميرية. ثم عُيِّن بعدها فى المتحف المصرى بعد ضغطٍ من الحكومة المصرية حين كانت الوظائف فيه حِكرًا على الأجانب. وهناك تتلمذ على يد عالم المصريات الروسى الشهير «فلاديمير جولينشيف» مدير المتحف المصرى فى ذلك الوقت.

فى العام 1922، سافر «سليم حسن» إلى أوروبا برفقة أحمد كمال باشا لحضور احتفالات الذكرى المئوية لرحيل عالم المصريات الفرنسى جان- فرانسوا شامبليون. وزار فرنسا، وإنجلترا، وألمانيا. وكتب العديد من المقالات الصحفية تحت عنوان «الآثار المصرية فى المتاحف الأوروبية». وكشف فيها عن النهب الذى تعرضت له آثارنا مثل خروج رأس «نفرتيتى» دون وجه حقٍ من مصر إلى متحف برلين فى ألمانيا. وفى العام 1925، تمكن أحمد كمال باشا من إقناع وزير المعارف آنذاك «زكى باشا أبو السعود» بإرسال بعض المصريين إلى الخارج لدراسة علم الآثار المصرية. وكان من بينهم: سليم حسن. وسافر فى بعثة إلى فرنسا. والتحق بقسم الدراسات العليا بجامعة «السوربون». وحصل على «دبلوم» اللغات الشرقية واللغة المصرية القديمة. ثم حصل أيضًا على «دبلوم» الآثار. وفى العام 1927، حصل على دبلوم فى اللغة المصرية القديمة، وأخرى فى الديانة المصرية القديمة. وعاد إلى القاهرة. وعُين أمينًا مساعدًا بالمتحف المصري. واُنتدب بعدها لتدريس علم الآثار المصرية بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا). ثم عُين أستاذًا مساعدًا بها. وفى العام 1928، اشترك مع عالم الآثار النمساوى «هرمان يونكر» فى أعمال الحفر والتنقيب فى هضبة الجيزة. وسافر بعدها إلى النمسا. وحصل على الدكتوراة فى علم الآثار المصرية من جامعة فيينا. وفى العام 1929، بدأ أعمال التنقيب الأثرية فى هضبة الجيزة لحساب جامعة فؤاد الأول لتكون المرة الأولى التى تقوم فيها هيئة علمية منظمة مصرية بأعمال التنقيب.. وكان من أهم الاكتشافات التى قام بها اكتشاف مقبرة «رع ور». وهى مقبرة ضخمة ومهمة. ووجد بها العديد من الآثار. واستمر فى أعمال التنقيب فى هضبة الجيزة وسقارة إلى العام 1939. واكتشف خلالها حوالى مائتى مقبرة، أهمها : مقابر أولاد الملك «خفرع»، ومقبرة الملكة «خنت كاوس»، ابنة الملك «منكاورع»، من عصر الأسرة الرابعة، بالإضافة إلى مئات القطع الأثرية والتماثيل. وعُين سليم حسن وكيلاً عامًا لمصلحة الآثار المصرية ليكون بذلك أول مصرى يتولى ذلك المنصب. وأصبح المسئول الأول عن كل آثار مصر. وأعاد إلى المتحف المصرى مجموعة من القطع الأثرية كان يمتلكها الملك فؤاد الأول. وقد حاول الملك فاروق الأول استعادة تلك القطع، لكن «د.سليم حسن» رفض ذلك مما عرضه إلى مضايقات عديدة أدت به إلى ترك منصبه فى العام 1940، وفى العام 1954، استعانت الحكومة فى ثورة 23 يوليو بخبرته الكبيرة، فعينته رئيسًا للبعثة التى ستحدد مدى تأثير بناء السد العالى على آثار النوبة. وفى العام 1960، اُنتخب «سليم حسن» عضوًا بالإجماع فى أكاديمية «نيويورك» التى تضم أكثر من 1500 عالم من 75 دولة. وتُوفى عالمنا الجليل فى 30 سبتمبر فى العام 1961.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة