لوحة للفنان الراحل عبد الحليم حافظ
لوحة للفنان الراحل عبد الحليم حافظ


بالألوان

جمال كامل.. ريشة ترسم من القلب

د. طارق عبدالعزيز

الأحد، 09 يونيو 2024 - 07:21 م

يقول الفنان الفرنسي «بول سيزان»: إن التصوير هو تسجيل الإحساسات اللونية، كل قيم الجو والمنظور يُضحي به من أجل هذه الغاية.. من أجل تنظيم الأحاسيس اللونية، فعندما يبلغ اللون ثراءه تتوفر للشكل قوته وعراقته، وكان يقول أيضًا: إنني لم أحاول أن أنسخ الطبيعة، وإنما مثّلتها».. فقد كان سيزان يمتلك قدرة خاصة في رسم ما يراه برؤيته وإحساسه الخاص المتفرد.

الفنان جمال كامل فنان ربما لا يعرفه الكثيرون من الفنانين، فهو لم يحظ بشهرة واسعة تناسب موهبته، رغم تأثره في العديد من أعماله بالفنان «بول سيزان» الذى كان يحبه ويرى أنه أهم فنان تشكيلى في التاريخ.

ظاهرة إبداعية

جمال كامل فنان قضى ما يقرب من أربعين عامًا يقدم رسومًا للصحافة فى روزاليوسف، وقد قال عنه الكاتب الصحفى الكبير أحمد بهاء الدين «إن جمال كامل يملك أجمل ريشة»، ظاهرة إبداعية تستحق أن نهتم بها ونلقى الضوء عليها، كان يحب ويعشق فن البورتيريه وقدم روائع فى هذا المجال، وأصبح بالفعل أحد أساتذته.. رسم أيضًا العديد من أغلفة مجلة صباح الخيرعام 1956، كانت لوحاته تنبض بالإحساس، ولمسات فرشاته كانت مرهفة واضحة وملموسة فى أركان العمل الفنى، كان يهتم بالكتلة دائمًا ويجيد توظيفها لخدمة العمل، حيث سجل بريشته العديد من المشاهير في عالم الفن والأدب مثل يوسف شاهين وفاتن حمامة وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وتوفيق الحكيم وثناء جميل.. وغيرهم.

نوط الامتياز

هو من أبناء الصعيد، ولد فى 15 نوفمبر عام 1926بمحافظة أسيوط، ورحل 26 نوفمبرعام 1986.. يعد علامة من علامات الرسم الصحفى فى مصر، حصل على دبلوم مدرسة الفنون الجميلة - قسم التصوير عام 1948 «كلية الفنون الجميلة حاليًا»، وقد تم تكريمه بعد رحيله بحصوله على نوط الامتياز من الطبقة الأولى بمناسبة العيد الماسى لكلية الفنون الجميلة بالقاهرة عام 1983، وبخلاف تأثره بالفنان سيزان، فقد تتلمذ جمال على يد الفنان الكبير أحمد صبرى رائد فن البورتريه، ووضح بشدة تأثره بريشة وإحساس أستاذه الذى تعلم منه الكثير، وسار على دربه، حيث برع كامل فى الإبحار في أعماق شخوصه من المشاهير وتسجيل إحساسهم وأهم ما يميزهم على سطح لوحاته التى تحتاج من زوارها التأمل كثيرًا فى معانيها، كما برع فى تصوير أبطال روايات نجيب محفوظ على أغلفة مجلة صباح الخير وصفحاتها الداخلية، حيث جسدها وكأنها شخصيات تنبض بالحياة من خلال خطوطه المدروسة بعناية وحس مرهف.

محاكاة الواقع

لا شك أن كامل هو أحد أشهر فنانى جيل الرواد فى رسم البورتريه والرسم الصحفى، فقد كانت أعماله بمثابة طفرة ونقلة فى هذا المجال بشكل خاص، حيث براعة التكوين والتعبير، اهتم بتجسيد الحياة الشعبية في الحارة المصرية، فرسم بنت البلد بالملاءة اللف، وعازف الربابة، وجسد تكوينات وأركان القهوة المصرية، كان عاشقًا لفن البورتيريه وكان يرى أن الإنسان أجمل مخلوقات الله فى الأرض. لذا كانت دراسته وتعمقه في هذا الفن الذى وضعه في مكانة خاصة لا ينافسه فيها إلا كبار الفنانين من أساتذته أمثال صبرى وبيكار، كان بارعًا فى محاكاة واقعنا المصرى بمفرداته الملهمة، فقد تألق وسجل العديد من الأعمال فى هذا الشأن من خلال خطوطه وعالمه الخاص.

شاهد على العصر

نصيبه من المعارض يعد قليلًا جدًّا مقارنة بتاريخه وعطائه وموهبته الواضحة.. وربما كان ذلك سببًا فى عدم تسليط الضوء عليه إعلاميًّا وجماهيريًّا.. ورغم ذلك فقد أقام ثلاثة معارض خاصة في أمريكا، كما استضافت قاعة النيل عام 1987 أعماله بعد رحيله، وكذلك قاعة الدبلوماسيين الأجانب بحى الزمالك، وأقام المكتب الثقافى المصرى بمقر السفارة المصرية ببرلين معرضًا للوحاته عام 2018 بعنوان «شاهد على العصر».

وأنتج المركز القومى للسينما التسجيلية فيلما عنه يتضمن آراء معاصريه من الأدباء والصحفيين مثل إحسان عبد القدوس، ود. مصطفى محمود، وصلاح حافظ.

كان يفكر مثل سيزان فى مظهر الأشياء المرئية، وكانت رغبته الأولى أن يبتعد عن النسخ، وأن يجسد الأشياء كما يراها وكما هى فى خياله، وكان يبتعد عن الأفكار أو العواطف أو المعتقدات التى فى معظم الأحيان كانت ملهمة للعديد من المصورين، ويرى أن المعطيات الحسية للرسام يجب أن تتضمن رؤية خاصة وإحساسًا حقيقيًّا.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 

 

 
 
 
 
 

مشاركة