المؤرخ صلاح عيسى
المؤرخ صلاح عيسى


رحيق السطور

هل كان «الجبرتي» صحفياً؟

الأخبار

الأحد، 09 يونيو 2024 - 09:21 م

 بقلم: محمد سرساوي 

يحاول المؤرخ والكاتب الصحفى الراحل صلاح عيسى الإجابة عن سؤال :هل كان «عبد الرحمن الجبرتي» مؤرخًا أم اخباريًا -يعنى صحفيا- أو أحد الأعلام التى شكلت الثقافة المصرية.

يرى «عيسى» أن «الجبرتي» كان معاصرًا لمرحلة تزيد على خمسة وأربعين عامًا، تشكل أكثر من ثلث الزمن الذي أرخ له. بعض الحوادث التى أرخها كان طرفا فيها. وهو ما جعل جهده كمؤرخ معيبا بالمعاصرة، وهى حجاب يحول دون الرؤية الموضوعية، وينقله إلى حيث يصبح مجرد «شهادة معاصر» وليس تأريخا، وبالتالي فلا محل لاكتشاف منهج أو رؤية

جاء ذلك فى كتابه الجديد «عبد الرحمن الجبرتي-الانتلجنسيا المصرية في العصور القومية»، الذي أعددته الكاتب الصحفية أمينة النقاش للنشر.

يوضح عيسى فى كتابه الصادر عن دار الكرمة، أن «الجبرتى» ترك وثيقة من أخطر الوثائق فى تاريخ العصر الحديث، لا تحتوى فحسب على مادة تاريخية نادرة عن المرحلة التي تؤرخ لها فى ظواهرها السياسية والاجتماعية، ولكنها أيضًا وثيقة مهمة تعكس  كيفية تشكيل الثقافة المصرية فى عصره، وآراءها فيما تقلب على الوطن من نظم سياسية واجتماعية لم تكن استمرارًا تقليديًا للظاهرة المصرية فى العصور الوسطى، بل مثلت انتقالة واضحة وشاملة، وفى اتجاه مختلف تماما فقد شاءت ظروف «الجبرتى» أن يكون معاصرًا لثلاثة انقلابات خطيرة الشأن فى التاريخ المصرى الحديث، بل لعلها - من حيث نتائجها - أخطر هذه الانقلابات على الإطلاق فقد شهد ثورة على بك الكبير ومحاولته للاستقلال بمصر (١٧٦٩م) وكان حدثًا فى الخامسة عشرة، وشهد فى كهولته - وبعد هذا التاريخ بثلاثين عاما - الحملة الفرنسية على مصر (۱۷۹۸ - ۱۸۰۱م) وما تخللها من احتكاك بين العقل المصري والعقل الأوروبي الذى وفد آنذاك بتطبيقات الفكرة الليبرالية فى ميادين السياسة والاجتماع،وهو قد عاصر السنوات التى تلت عودة الحكم العثمانى المباشر لمصر، تلك التى انتهت بإسقاط الحكم المملوكى العثمانى فى عامى ١٨٠٤ و ١٨٠٥ م على التعاقب، وتولية «محمد على» حكم مصر داخلًا بها إلى آفاق عصر القومية بخطى حثيثة، ولكن ليست حاسمة.

أن الجبرتي قد عاصر أو شاهد لحظات احتدام تاريخي تتغير فيها الظواهر، وتنقلب فيها الأوضاع، ورصد حوادثها التى كان محتملا أن يضيع كثيرا من تفصيلاتها لولا أنه احتفظ بها وسجلها، ولكن الأهم من هذا وذاك أن كتابيه يظلان وثيقتين فكريتين بالغتى الأهمية، إذ تعكسان رؤية فكرية محددة لهذه السنوات التى تغيرت فيها مصر تغيرات لا تزال فاعلة فى أوضاعها الراهنة، ومؤثرة فيها.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 

 

 
 
 
 
 

مشاركة