الانفصال الأسرى
الانفصال الأسرى


الانفصال الأسرى زواج مع إيقاف التنفيذ

ريم الزاهد

الأربعاء، 12 يونيو 2024 - 08:15 م

« أبغض الحلال إلى الله الطلاق».. تربينا على هذا الحديث الشريف الذى علمنا أن الطلاق هو الحلال غير المفضل عند الله، ولكن هل هذا يعنى أن يتحمل الزوج والزوجة حياة أسرية غير سعيدة أو مليئة بالمشاحنات طوال الوقت؟

الإجابة أن هناك من يرى فى الطلاق الرسمى الحل لكن البعض اتبع طريقة مختلفة بفكرة أن الغاية تبرر الوسيلة وهنا ظهرت بيننا فكرة «الانفصال الأسري» وهو استكمال الحياة بدون علاقة زوجية بين الطرفين ولكن دون طلاق فعلى، حيث يعيشون فى نفس المنزل تحت شعار «متزوجون مع إيقاف التنفيذ» لعدم هدم الأسرة وحرمان الأطفال من حقهم فى العيش بشكل مستقر، عن تلك الظاهرة وواقعها وتفاصيلها استمعنا لحكايات واقعية لأسر عاشت تلك التجربة بين جدران البيوت المصرية لتروى كواليسها كاملة وأيضا تحدثنا إلى عدد من الأطباء النفسيين واستشاريي علاقات أسرية لنضع روشتة العلاج ونكتشف قول العلم .

البداية كانت مع السيدة «هويدا تامر» أم لثلاث بنات والتى تحكى عن واقعها قائلة: لا شك أن موقف الطلاق تجربة صعبة على الزوجة.. وفى البداية كنت أخشى من المستقبل وهل أستطيع التعامل بمفردى مع البنات وأتحمل المسئولية النفسية أو المادية لكن الحمد لله كان الرد الذى يراودنى دائما أن هؤلاء البنات لهم رزق من الله، وقد كان بالفعل ونجحت فى تجربتى ولم أحتج لأحدٍ أثناء تربيتى لبناتى وكنت شديدة الحرص على علاقة بناتى بوالدهن وأن يكونوا فى تواصل دائم معه ويقابلونه بشكل مستمر على الأقل مرة أسبوعياً ويذهبن لقضاء ليلة معه ثم يعودن لحضنى مرة أخرى وأيضاً علاقتهن بعائلته لأن لا أحد يعلم متى ينتهى العمر، فلابد أن يكون لهم سند وعائلة يتولون أمورهن بعد ذلك، وبالفعل نجحت فى ذلك وحتى الآن.. وبعد سنوات طويلة من الطلاق دامت علاقتى وبناتى بعائلة والدهن ولا يوجد بيننا أى مشاكل أو مشاحنات. 

اقرأ أيضًا| «أسماء».. النجارة الشاطرة


وعن رأيها فى قرار الانفصال فى نفس المنزل دون طلاق تقول: هو أسوأ بكثير وغير صحى بالمرة على نفسية الأطفال لأنهم يفهمون ويشعرون بكل شىء من حولهم ويتأثرون بوجود المشاكل بين الأب والأم، أما عندما يحدث الطلاق الصحى وهو التعامل بالود والاحترام بين الأم والأب هنا يكون أفضل لهم ويعتادون مع الوقت على واقع حياتهم الأسرية وهذا يجعلهم ينظرون للحياة بمنظور آخر وهو تفهم أن هناك شخصين اختلفوا وانفصلوا باحترام .



أما السيدة «رشا الألفي» فقد سردت قصتها مع الطلاق قائلة : «المشاكل النفسية التى قابلتنى أنا كزوجة تتلخص فى أولاً الصراع الذى ينتج عن اتخاذ قرار الانفصال نفسه سواء من ضغوط الأهل والأصدقاء والزوج نفسه لإيقاف تنفيذ القرار، ثانى شيء كان سبباً قهرياً وهو وفاة والدتى بالتزامن مع هذه الخلافات التى نشبت بينى وبين زوجى، بعد رحيلها باتت المسئولية كبيرة على عاتقى وأنا بمفردى وكنت مطالبة بالتماسك و التظاهر أننى قوية، بالإضافة إلى المسئولية المادية لأن وقتها كان هناك نوع من العند من الطرف الآخر فى الالتزامات المادية ومتطلبات البنات فكان ضغطاً نفسياً ومادياً وعملياً، وبالنسبة للبنات فكانت فترة غير جيدة بالمرة لأنهم شعروا بغياب وفراغ بعد وفاة الجدة وغياب الأب فجأة، وقتها وجدوا أنفسهم بمفردهم فى تلك اللحظة بدأت فى معالجة الأمر بخلق تواصل مع والدهم وعائلته لكى يشعروا بأن لديهم عائلة يستندون عليها .. وكان الأمر مرهقاً فى البداية .. وبعد ما يقرب من ثلاث سنوات من الطلاق قررت الرجوع له مرة أخرى وكان هذا القرار ناتجاً عن تمسكه وإصراره ورغبته فى عدم هدم المنزل و وقتها ذهبنا لاستشارى علاقات زوجية ونفسية لإصلاح ما حدث بيننا قبل أن نكمل طريق العودة لحياة زوجية جديدة .. وكان بالفعل هناك رغبة بيننا فى استمرار علاقة صحية لنفسية البنات لأن وجود الأب مهم جداً لديهن ولكن الأب السوى فقط .


أما السيدة «أميرة محمود» والتى سردت قصتها ومعاناتها مع الزوج المخادع فقالت: «لقد تزوجت فى سن صغيرة بعد تخرجى في الجامعة مباشرة، وكنت سعيدة جداً فى فترة الخطوبة ولكن بعد أن أغلق علينا باب منزلنا تحول زوجى إلى شخص آخر يتطاول علىّ ويهننى وكنت أفكر فى الطلاق وأنا فى شهر العسل ولكنى تفاجأت بحملى فى ابنتى.. لهذا تحملته أربع سنوات عشنا فيها فكرة الإفصال الأسرى.. لا مشاعر بيننا ولا وجود حتى لفكرة الود فى التعامل داخل نفس البيت الذى يجمعنا، ولكن بعد هذه المدة لم أتحمل طباعه القاسية وقررت الطلاق والمحاربة لفترة تعدت ٧ أشهر من إقناع عائلتى بهذا القرار .. والذى يرفضه أغلب العائلات حتى لا تصبح ابنتهم مطلقة وتواجه المجتمع بمفردها ولديها طفلة أيضا، ولكننى صممت على رأيى.. وبالفعل كان أفضل قرار اتخذته فى حياتى وفى صالح ابنتى النفسية والمادية، لأنها إذا كانت تربت مع هذا الأب كانت ستعانى من مشاكل نفسية أكبر من مشاكل الطلاق أو البعد عنه .


وأضافت «أميرة»: أنها بعد الطلاق تحرص دائماً على تواجد البنت مع أهل والدها، ولا تفكر فى منعها عنه إطلاقاً، لأن البنت مهما كان الأب سيئاً فهى تحتاجه فى بعض أمورها الحياتية ولا غنى عنه معها.

أما عن رأى العلم فى تلك الظاهرة فتقول د. «سمر كشك» أخصائى الصحة النفسية والإرشاد الأسري: إن هذا الانفصال خاطئ بكل المقاييس وغير صحى على الأطفال، لأنه ما بُنى على باطل فهو باطل لأنه لا يوجد فى الشرع ما يُسمى بالانفصال الأسري، فإذا كانت هناك مشاكل بين الزوجين إما ان تُحل أو يحدث الانفصال الواقعى وهو «الطلاق»، لأن هذا الوضع يشعر به الأطفال على الأغلب لأنهم أذكياء جداً، و ليس من المنطقى أو الطبيعى استكمال الحياة بهذه الطريقة. 

وأضافت «كشك»: أنه فى حالة الطلاق البين لابد أن يلتزم الزوج والزوجة الصمت، فتشويه صورة الأم او الأب عند الأطفال لا ينتج عنها إلا التعقيد النفسى تجاههم وفقدان القدوة فى الحياة.



أما د. عمرو منتصر استشارى العلاقات الزوجية فيؤكد: أن الانفصال الأسرى دون طلاق رسمى يأتى بسبب أن بعض الأشخاص يريدون أن يظلوا متزوجين ولكنهم لا يفضلون العلاقة الزوجية بينهم ولا قرب بينهما، فى هذه الحالة يتم الاتفاق على الانفصال بينهما ولكن فى نفس المنزل للحفاظ على الأسرة وعدم هدمها من أجل الأطفال وهؤلاء الأشخاص هم متفانون فى العلاقة من أجل أولادهم وهذا شيء محمود وغير مذموم لأنهم يتخلون عن حياتهم الشخصية فى سبيل الحفاظ على الأسرة فلا تقوم الأم بالزواج من رجل آخر .. ونفس الوضع للأب فتصبح العلاقة فى بعد جزئي، وهذا الوضع يكون فى صالح الكل لأن الانفصال وهم متزوجون يتيح لهم الفرصة فى العودة مرة أخرى مع مرور الوقت بالتصالح فهى بيئة خصبة محمودة يمكن أن تقوم بتغيير النفوس أو ذوبان ما بينهم من مشاكل. 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 

 

 
 
 
 
 

مشاركة