لؤى الخطيب
لؤى الخطيب


مسـاحة وعى

فريضة الانحياز

أخبار اليوم

الجمعة، 14 يونيو 2024 - 06:48 م

عام 2022، تلقت المفاهيم الإعلامية التى صدرتها وسائل الإعلام الغربية طعنة عنيفة فى الصدر، حيث ادعاء الحياد على المستوى النظري، يقابله انحياز كامل للمصالح الغربية ضد الروس، ثم جاء شهر أكتوبر الماضى ليشهد رصاصة فى رأس تلك المفاهيم، حيث الانكشاف الكامل لسيطرة أجهزة الاستخبارات المطلقة والتامة على الرسائل الإعلامية.

المتابعة البسيطة لوسائل الإعلام الغربية عموما، والأمريكية الكبرى خصوصا، تجعلك قادرا على تلمّس آثار أقدام تلك الأجهزة فى أروقة الصحف والمواقع الإلكترونية والقنوات التليفزيونية، فالرسالة الإعلامية تخدم مستهدفات السياسة الأمريكية والغربية بوضوح، والمسئولون «الأمنيون» ينشرون تصريحاتهم بأريحية.

الطبخة باظت.. كل ما صُدّر لنا خصوصا فى نهايات القرن الماضى وبدايات القرن الحالي، تهاوى عند الاختبار الصعب، الذى -للمفارقة- يمثل فى ظروف بلادنا الحياة اليومية العادية خصوصا منذ عام 2011، ورغم ذلك، مطلوب من إعلامنا أن يتمسك بتلك القيم التى هجرها أصحابها عند تعارض المصالح.
هذه مهزلة مكتملة الأركان، والتمسك بالحياد بين الوطن وعدوه، أو الترفع عن إظهار الدعم الكامل والمباشر للدولة الوطنية فى مواجهة من يستهدفها ويستهدف المصريين معها، هو اختيار -من وجهة نظرى- إما أحمق لا يدرك التبعات، أو خائن مدفوع لتنفيذ أجندة معادية.

لذلك، وهذا خطاب لزملاء المهنة، نحن نمتلك أسلحة شديدة الخطورة والفتك فى زمن تُدار أغلب حروبه عبر الإعلام، ونحن أولى الناس بفهم خطورة السلاح الذى نمتلكه. 

دور أساسى يقوم به الإعلام فى أى دولة، هو إدارة الإدراك، فالجماهير -وعلى عكس الشائع- لا تتأثر بالخطاب العقلانى قدر تأثرها بالخطاب العاطفى، الذى يدرك كيفية الولوج إلى نفسيتها وإحداث التأثير.

عادة يتجنب الكثيرون الخوض فى مفاهيم من هذا النوع، رغم أنها لا تحمل أى إساءة للجمهور، ولكنها الأساس الذى بُنيت عليه الخطابات السياسية خصوصا فى زمن الانتخابات على سبيل المثال، وقبل ما يزيد على 100 عام صدر كتاب يشرح المسألة تفصيليا تحت عنوان «سيكولوجية الجماهير» لجوستاف لوبون.

هو تأثير حتمي، إما لصالح الدولة الوطنية أو عليها. المشكلة هنا أن كل فراغ لا يملؤه إعلام وطنى فى دولة مثل مصر لا يخفى على عاقل أنها مستهدفة، سيملؤه حتما إعلام غير وطني، يتلاعب بالعقول والقلوب لتحقيق هدف التفجير الداخلي، وتحييد الدولة المصرية لانشغالها محليا.

السؤال الآن بعد العرض السابق، إذا كان الجميع يوظف الإعلام لتحقيق أهدافه، ففى أى صف تريد الوقوف يا زميلى العزيز؟ نحن فى زمن سقطت فيه حتى محاولات ادعاء الحياد، فأنت بوضوح إما مع المصريين -بتنوعاتهم الفكرية والثقافية- أو عليهم.

الانحياز للدولة الوطنية الآن، هو فريضة ليس فقط لأسباب وطنية -وهى مهمة بالتأكيد- لكنها فريضة بالواقع العملى وبالمصلحة المباشرة، فما جعل وسائل الإعلام الغربية تنسف قيمها التى روجتها لعقود، هو غريزة البقاء والدفاع عن المصالح، وما يجعلنا ننحاز لدولتنا الآن، هو أيضا غريزة البقاء والدفاع عن المصالح، فالدولة المصرية هى حصن شعبها.

وإلى كل زميل يدرك أهمية موقعه وخطورة تأثيره: خلى السلاح صاحى والانحياز واضح، ولا تتأثر بمن يحاول إرهابك، فالمصريون أهلى وأهلك، يقدرون تماما كل من يقف فى صفهم مدافعا عنهم.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 

 

 
 
 
 
 

مشاركة