إيمان راشد
إيمان راشد


حديث وشجون

وحشتيني يا أختي

إيمان راشد

الأحد، 30 يونيو 2024 - 09:31 م

فى مثل هذا الشهر ولدت أختى الأصغر مرفت وبعدها بخمس سنوات مات أبى إثر حادث أليم ولحقته أمى حزنًا عليه، فكنت أنا وقتها فى الرابعة عشرة الأم والأب لثلاثة أشقاء أوسطهم مرفت وأصغرهم راشد وأكبرهم محمد، ومرت الأيام ثقيلة علينا جميعًا، ولكن رغم قسوتها فقد خلقت منا نسيجًا واحدًا لا نسمح لأحد بالتدخل فى شئوننا سوى خالتى الحبيبة صفية وأستاذى عبد السلام داوود الذى كان نائبًا لرئيس تحرير الأخبار وصديق والدى رحمة الله عليهما وليلى شقيقتى الكبرى التى تزوجت بعد شهور من وفاة أمى.. وتعاهدنا -دون أن نبوح لبعضنا البعض- بأن نبذل قصارى جهدنا لنكون ذا شأن كما كان والدينا.

ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن اكتشفنا مرض راشد وهو فى المرحلة الثانوية بالسكر والقلب معًا، وتوفى فى ريعان شبابه وسارت بنا الحياة وأنا أجتر أحزانى صامتة حتى لا يشعر بها أخوتى وداخل كل منا غصة بقلبه... اختار محمد مجال الديكور وحصل على شهادته من باريس، أما مرفت فقد سارت على نهجى حتى تم تعيينها صحفية بالأهرام الرياضى، وتزوجنا ثلاثتنا وأنجبنا الذرية الصالحة وتخيلنا أن الحياة ابتسمت لنا، ولكن أراد رب العزة اختبارى مرة أخرى وبلا مقدمات خفت الضوء وضاعت الضحكة التى كانت تملأ حياتى وانتقلت مرفت إلى بارئها فى الثانية والأربعين من عمرها.. ومنذ هذه اللحظة دفنت معها شغفى بالحياة وبردت مشاعرى برودة جثث الموتى.. واليوم فى ذكرى وفاتها وفى نفس شهر مولدها أقول لها: حبيبتى لقد خبأت حزنى فى قلبى وحفرت له نفقًا فى ذاكرتى يا مَن كنتى لى الابنة والأخت والصديقة.. الحياة بدونك موحشة وسخيفة.. أبتسم رغم أن كل ما بداخلى يدعونى للصراخ.. تسكنى الوحدة والغربة.
آسفة أن كنت قد أقحمتكم فى أحزانى، ولكن حجتى أنكم تشاركوننى حياتى وأدعو الله أن يبارك فى صحتكم وأعماركم وأحبابكم.

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 


 

مشاركة