الباحث يتوسط لجنة الاشراف والحكم بعد المناقشة
دراسة أكاديمية عن رقمنة رسومات «أخبار اليوم»
الأربعاء، 16 يونيو 2021 - 10:19 ص
كتبت :منى نور
لم تكن الرسوم بعيدة عن الفنان المصرى، رأيناها قديما على الحجر، وفى العصور الوسطى على المعادن، وحديثا، وجدناها على الورق، فنا تشكيليا مكمل للمعنى، بل أحيانا هو المعني..
الفن التشكيلى لغة بسيطة وسهلة فى نقل الإحساس للمتلقى، لذا وجدنا البحث العلمى قد تنبه لأهمية هذا الفن فطوع نظرياته العلمية، ولغة عصره التكنولوجية، لتطوير وتوثيق هذا الفن، لخلق صياغة فنية جديدة له. وجدنا هذا مترجما فى مشروع علمى، قام به الزميل الفنان طارق عبدالعزيز، فى دراسة أكاديمية، حصل عنها على درجة الدكتوراة بمرتبة الشرف الأولى من كلية الفنون الجميلة (قسم جرافيك)، جامعة حلوان، وكان عنوان الداسة (الرسوم التوضيحية بين الرقمنة والأداء اليدوى فى إصدارات أخبار اليوم).
تكمن أهمية البحث فى تسليط الضوء على أهمية الاستعانة بالكمبيوتر، ولكن كأداة مساعدة للفنان المتخصص، بهدف الاستفادة من إمكانياته والتأثيرات اللونية التى يخلقها، وأيضا للاستفادة من عنصر الوقت الذى يوفره الجهاز، ولكن حسب رؤية الباحث - مع اعتبار أن الفنان هو الأساس، وهو الذى ينتقى من التكنولوجيا ما يناسبه، ويستطيع من خلاله أدواته أن يطوعها لخدمة العمل الفنى.
د. حازم فتح الله
وأراد الباحث من دراسته أن يؤكد على دور الرسوم التوضيحية فى الصحف والمجلات المصرية باعتبارها ركنا أساسيا من أركان العمل الصحفى، ودور الفنانين الموهوبين داخل مؤسسة أخبار اليوم، ممن كان لهم أثر كبير فى رواج إصدارات الدار، كما أراد أن يلفت النظر إلى التركيز على الدور الكبير فى التحول إلى الرقمنة، وأثر ذلك على المتلقى، سواء كان بالسلب أو الإيجاب، وكيفية الاستفادة من التقنية الرقمية كوسيلة للارتقاء بشكل الموضوعات الصحفية التى تحتاج لرسوم توضيحية عن طريق الاستعانة بفنانين متخصصين، وأوضح الباحث أن الدراسة فى ضوء ما تتوصل إليه من نتائج وتجارب عملية، سوف تساعد الباحثين فى مجال الفن الرقمى والتصميم الجرافيكى بشكل عام فى التعرف على التقنيات الرقمية، وأسلوب تنفيذها، والبرامج التى تساعد على إنجازها.
ولفت الباحث إلى أن دراسته اقتصرت على إصدارات أخبار اليوم، وحدد لها بعد زمانى، بدأه مع صدور مجلة آخر ساعة عام 1934، باعتبارها أول إصدار فى إصدارات أخبار اليوم، وحتى وقت انتهاء الدراسة، مع مراعاة تناول الفنانين الذين عملوا فى اصدارات أخبار اليوم فى الرسوم التوضيحية بالشرح والتفصيل.
واتبع الباحث فى دراسته المنهج النقدى التحليلى، القائم على تحليل الرسوم التوضيحية بصحف ومجلات أخبار اليوم عبر تاريخها، ومن خلال الرسامين الذين تواجدوا بالدار، ومدى تأثيرهم فى تطوير إصداراتها، ومن ثم دخول الرقمنة ومعرفة تأثيرها على هذا التطوير.
وعن الرسوم التوضيحية الرقمية التى طبقتها الدراسة أوضح الباحث، أن الوسائط المتعددة المساعدة فى إيضاح المعانى تستهدف بما تتيحه للصحف الالكترونية من فرصة لتقييم الأخبار والمعلومات بأشكال ووسائل عديدة أكثر من المتاحة للصحف المطبوعة، حيث تقوم على دمج النصوص والرسوم والصور الثابتة والمتحركة بالأصوات والتأثيرات المختلفة من أجل توصيل الأفكار والمعاني.
وعلى الرغم من ظهور البرامج المتعددة والمختلفة فى معالجات الصور والرسوم والنصوص، إلا أن الاستخدام الحديث للرسوم التوضيحية فى التصميم الجرافيكى المعاصر يشير إلى تزايد حدة التخصص فى التعامل مع الأعمال الفنية الرقمية، وعن زيادة جودتها، وتسارع تنقلها من مكان لآخر، وقدرتها على التشكيل بسهولة فى بيئات ووسائط التصميم الجرافيكى الحديث والمتعددة بفعل اعتمادها على اللغة الرقمية.
وأشار الباحث أنه رغم انتشار الرسوم الرقمية فى هذا الوقت، إلا أنه كانت هناك حالة من الجدل والتشكك فى أهميتها وتأثيرها على العمل الفنى والإبداعى، وكان الجدل بسبب ما رآه البعض من سهولة فى تنفيذ الرسم الرقمى وتلوينه وسرعة تغيير اللون بسهولة فى جوانب كثيرة من العمل الفنى، وكذلك التصميم، ولاشك أنه تم استغراق وقتا طويلا من أجل اقناع الأكاديمية ومتذوقى الفنون بالرسم الرقمى، وكيف يمكن تطويعه كأداة وأسلوب جديد فى العمل الفنى والصحفى، وهنا وجب التوضيح أن الرسم الرقمى، ليس بديلا للرسم اليدوى، لكنه إبداع جديد يناسب التطور التكنولوجى الكبير الذى طرأ على الساحة الفنية.
ويرى الباحث أن ما حدث من تطور فى الرسوم المتحركة على سبيل المثال، وفى أسلوب التحريك الذى وفر الكثير من الجهد والمال بسبب الرقمنة والبرامج الجديدة، هو نموذج إيجابى يؤكد على أهمية استخدام الرسوم الرقمية فى هذا الوقت بشرط أن تكون هناك موهبة عند مستخدميها.
وعن الفن الرقمى أوضح الباحث - أمام لجنة المناقشة - أنه مصطلح يطلق على الفنون التشكيلية والتصميمات التى يتم استخدام تقنية الحاسوب الآلى (الكمبيوتر) والبرامج المتخصصة فى تنفيذها، مثل برنامج (أدوبى فوتوشوب)، وبرنامج (باور بوينت) وغيرها من البرامج المتخصصة فى الرسم.
والفن الرقمى فى السنوات الأخيرة، أصبح ضمن أفرع الفنون التشكيلية الجاذبة للنظر، ليس فى مصر - فقط - لكن أصبح له شأن كبير فى دول العالم. ورغم ذلك لازالت هناك أصوات كثيرة لا تعترف بهذا الفن وتهمشه رغم أنه يشارك فى كل المعارض العامة المصرية والدولية.
وأكد أن تطبيقا لهذا، فقد قام الباحث بإيداع أربع لوحات منفذة بالتقنية الرقمية بمتحف الفن الحديث، مشيرا إلى وجود معارض متخصصة فى التقنية الرقمية فقط.
كما أشار إلى وجود تعريف آخر للفن الرقمى فى أنه كل ما ينتجه الفنان من رسومات أو تصميمات أو معالجات فنية، معتمدا على الحاسب الآلى، وبرامجه الرسومية المتخصصة.
وأقر الباحث بوجود تشكيك فى أهمية ومصداقية هذا الفن على المستوى الإبداعى بحجة سهولة العمل فيه، والسرعة فى تنفيذه، إلا أنه يوجد جهد كبير من قبل بعض الفنانين، ومحاولات مضنية لاقناع الأكاديميين الرافضين له، وأن وجهة نظر أهل هذا الفن أنه محاولة لخلق فن جديد، وليس فنا بديلا مثله مثل الكاميرا، التى جاءت قبل مائة عام، وكانت اختراعا مساعدا للعمل الفنى.
وأكد الباحث للرافضين لهذا الفن أن اللوحة فى الفن الرقمى تشبه فى تكوينها، عملية إعداد اللوحة الكلاسيكية، مع الوضع فى الاعتبار أن هناك فرقا وحيدا، هو أدوات التنفيذ.
وجاء فى سرد الباحث لدراسته أن ظهور الفن الرقمى فى عمليات التصميم والرسم قد مر بمراحل عديدة من التطور التدريجى، وتأثر به العديد من الفنانين، وأن الشق الأساسى الذى لفت نظر الباحث هو وجود أعمال رقمية ناجحة شكلت نقلة وطفرة فى العمل الجرافيكى، خاصة فى مجال الرسوم التوضيحية والإخراج الصحفى والفنى للصحف والمجلات، وكذلك أغلفة الكتب، وهناك أعمال لم تصل إلى المستوى المطلوب، وقد يرجع السبب فى هذا أن من يمارسون الأعمال الرقمية غير متخصصين، لذلك كان هناك تأثير سلبى على هذا الاتجاه، فى حين أن المتخصصين قدموا نماذج إبداعية مختلفة مع اتقانهم العمل بأجهزة الكمبيوتر وبالتالى العمل الرقمى.
للفنان: بيكار« تقنية يديوية»
وأكد الباحث أن الرقمنة أفادت كثيرا فى الأعمال الجرافيكية المختلفة، فأصبحنا نشاهد الملصقات الشهيرة، وأغلفة الكتب والمجلات والصحف، ورسوم كتب الأطفال وأفلام الكرتون، معظمها منفذة ببرامج الجرافيك على الحاسب الآلى، وذلك بسبب المزايا العديدة التى توفرها تلك التقنية التى تم عرضها باستفاضة فى صفحات البحث.
ولأول مرة جاء من ضمن شروط مناقشة هذا البحث أن يتم اقامة معرض، يتم فيه عرض التجربة، وقد قام الباحث فيها بتنفيذ 22 عمل تشكيلى من إصدارات أخبار اليوم المختلفة، أخضعهم لعملية التحول الرقمى، وهذا ما تم طرحه مرة أخرى خلال المناقشة وتوصل الباحث إلى عدة نتائج أكد فيها على دور الرسوم التوضيحية فى الصحف والمجلات المصرية باعتبارها ركنا أساسيا من أركان العمل الصحفى، والتأكيد على دور الفنانين الموهوبين داخل أخبار اليوم، الذين كان لأعمالهم أثر كبير فى رواج اصدارات الدار.
كما أكد الباحث على أن الأساليب الحديثة أتاحت للفنان توفير الوقت والجهد وإبراز الفكرة الفنية بشكل أسرعة مما كانت عليه بالرسوم اليديوية، وعرض العدد من الأفكار فى لوحة فنية واحدة، استطاع فيها إدخال عناصر شكلية ولونية بدرجات متفاوتة فى الرسوم التوضيحية، مكنتها من فرض إبداع على الإصدارات الصحفية من جهة، ومتماشية مع أساليب الطباعة وطرق تنفيذها من جهة أخري.
معالجة الباحث الرقمية
ولفت الباحث إلى أن تجارب الفنان التشكيلية وثقافته ودراسته تظهر فى تنفيذ الأعمال الرقمية، فقدرته هى التى تحدث الفارق فى التعامل مع الرقمنة، وليس الحاسب الآلى وبرامجه المتعددة، فالذى يجمع بين الرسم اليدوى والرقمى فى المقام الأول هو الفكرة، أما الاختلاف فكان فى طرق وآليات التنفيذ.
تم مناقشة الرسالة بكلية الفنون الجميلة، بجامعة حلوان، بإشراف د.محمد حازم فتح الله (أستاذ الجرافيك) بالكلية، ود.أشرف عبدالفتاح أستاذ الجرافيك بالكلية، وضمت لجنة المناقشة كلا من: د.مها درويش محمد أستاذ الجرافيك بجامعة الاسكندرية، د.رانية على الحصرى، أستاذ جرافيك، بجامعة حلوان.