أحمد عباس
أحمد عباس


تساؤلات

مسألة وقت

أحمد عباس

الخميس، 26 ديسمبر 2019 - 06:42 م

على قوائم الترقب والوصول نضع أمانينا، فكل الأمانى هى أحلام مادمنا ننتظر حدوثها، وعلى هذه القائمة نرتب آمال سنين مضت، وأوقات نتمنى قدومها، وأخرى - للأسف - نمحيها بين حين وحين، فنجدد قوائمنا، فلا الأحلام ثابتة، ولا الأمانى دائما صادقة، بعضها إذا اقترب أكثر من اللازم يفقد بريقه وينطفئ، أو يحترق بلا هوادة، فيخسر زهوته ولمعانه.
لا تدع لأحد الفرصة أن يرتب لك قائمتك، ولا أن تكون أنت رقما فى تسلسل قائمته، فإما أن تكون رقمًا صحيحًا، أو أن تمضى فى سكون. لا تقبل القسمة فى أحد، ولا مع أحد ولا على أحد، فوجودك إن لم يكن كافيًا من البداية، لن يكون مهما طال الأمد، ولا تصدق أن الأدوار تكبر بالوقت، فلا الأشياء تتبدل، ولا الطباع مسارها التغيير، صدقنى لا شخص يتعدل، وأما الذين حاولوا إقناعك بعكس حقيقتهم، لا يلزمهم إلا وقت كافِ للظهور، فامنحهم من صبرك، فحتى لو أرادوا خداعك وإقناعك بغير حقيقتهم، اطمئن.. سيخرجون مع الوقت من قائمتك.
ولا تصدق أنك خرجت من قوائم أحدهم فجأة، أو أنه استبدلك فى لحظة، صدقنى لا، الحقيقة أن هؤلاء لهم دائمًا خطط بديلة، يضعونها بالتوازى، فكذلك ذممهم وطبائعهم، تقبل التعدد، وتسمح بالمواءمات، وتميل لتقليد أدوار «كومبارس» من ممثلى الدرجة العاشرة، فلا وجودهم حقيقى، ولا اختفاؤهم خسارة، واعلم.. أن كل الذين غادروا رتبوا جيدًا للإنصراف، والذين تركناهم كنا سنتركهم، وكل مَن بقى هم هؤلاء الذين أقنعونا وأرادوا البقاء.. والحقيقة أنها مسألة وقت ليس أكثر أو أقل، فلا تتعجل.
اترك دائمًا منفذًا، يمنحك بصيصا من نور، يضيء لك طريقًا، ويمهلهم مخرجًا آمنًا، ولا تغلق بابك بصلف، فتصمم على التمسك بشخص أراد الإنصراف، ولا تحبس هؤلاء بلا سبب دعهم يخرجون وقتما شاءوا، ثم ضع لافتة «ممنوع الرجوع»، وعلقها بإحكام، فلا عودة لمن اختار الذهاب، حتى لو عاد نادمًا، فالخروج دائمًا أسهل من الدخول.. والحقيقة أنها مسألة وقت.
ثم اسمع.. لا تسمح للعابرين بالعبث فى حياتك، ولا امتصاص حبك، ولا اقتناص فرحك، فكل الذين يظهرون فجأة، يختفون أيضًا فجأة، ولا يكتفون، والإكتفاء إحدى علامات الصدق، فإذا وقع، فكل ما يأتى صادقا، وإذا لم يحدث فلا تنصت لأى شيء، فالناس تركيبة، إما نكسبها كلها، أو نتركها كلها، فلا تدع أحدا يختار بعضك ويترك منك ما يشاء، فإما كلك أو لا شيء، فلسنا أنصافًا، ولا أشياء تقبل التجزئة، وهى ليست أكثر من.. مسألة وقت.
لا تحتفظ بورقة كتبها أحدهم بخط يده فى لحظة اعتذار، استفاق فيها ضميره، ولا تُعيد النظر إليها، ولا تُعيرها اهتماما، فالكذب لا يمحوه اعتذار، والصدق لا يحتاج أمارات لتأكيده، كلاهما واضح، والضمير كلمة مجردة، كلنا نملكه، لكن وحده لا ينفع، مبتدأ بلا خبر، فالضمائر أوعية نملأها بما نشاء.
أخيرًا.. بعض الأشخاص وجودهم لا يحتمل القسمة، فإما لك وحدك أو لا يكون، وإما أنت وحدك أو لا بعضك، فلا تسمح لأيهم أن يضعك على قوائم الانتظار، وكن رقمًا وحيدًا فى قائمة أحدهم، أو كن قائمته كلها إن استطعت، ولا تتعجل، الحكاية كلها.. مسألة وقت.

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة