د. حسام محمود  فهمى
د. حسام محمود فهمى


شجون جامعية

‏ما بعد الانتخابات «٢»

الأخبار

الثلاثاء، 08 ديسمبر 2020 - 05:38 م

الانتخاباتُ فرصةٌ للتجديدِ والتغييرِ والمراجعةِ، من الواردِ تشكيلٌ وزارى بعد انتخاباتِ البرلمان، من الواردِ النظرُ فى السياساتِ. ‏التعليمُ دائمًا ما يكونُ محطَ اهتمامٍ. ‏‏عرضنا فى المقال السابق بعضًا من المشاكلِ التى تعانى منها الجامعاتُ الحكوميةُ والتى نأملُ أن تكونَ محلَ نظرٍ. فى هذا المقالِ ‏سنتناول ما يتعلقُ بالجامعاتِ غيرِ الحكوميةِ.
 ‏بدايةً، الجامعاتُ غيرِ الحكوميةِ مكونٌ أساسى وهام من مكوناتِ التعليمِ العالى، ‏يستحيلُ إنكارُ أهميتِها. ‏لهذه الجامعاتِ تصنيفاتٌ عدةٌ، فهى خاصة وأهلية ومنها ما تنظمُه قواعدٌ خاصةٌ عند إنشائها. ‏قامَت هذه الجامعاتُ على مفاهيمٍ جديدةٍ أولُها الاهتمامُ برأى الطلابِ والعملُ على إرضائهم، فى مقابلِ ما يسددونه من مصاريف. ‏من وسائلِ الترغيبِ فى هذه المشاريعِ الخاصة توفيرُ بيئةٍ جذابةٍ من معاملٍ ومكتباتٍ وقاعاتِ درسٍ وكافتيريات، وجوٍ مرحٍ كلُ فترةٍ يُحييه أشهرُ نجومِ الغناءِ. تقومُ هذه الجامعاتُ على أكتافِ أعضاءِ هيئاتِ تدريسٍ فى جامعاتِ الحكومةِ وجدوا فيها ضالتَهم، ‏ماديًا ووظيفيًا بعد أن أضنتَهم جامعاتُهم الأصلية.  ‏مفهوم الطالب الزبون أو العميل الذى انتهجَته الجامعاتُ غيرُ الحكوميةِ اِنتقلَ إلى الجامعاتِ الحكوميةِ فيما أُطلِقَ عليه نظامُ الساعاتِ المعتمدةِ أو البرامجِ الخاصةِ أو المميزةِ. ‏التعليمُ ليس سلعةً إنما ركيزةٌ أساسيةٌ لقيامِ الدولِ شأنُه شأنُ الاقتصادِ والصحةِ والصناعةِ وحريةِ الرأى، لا يمكنُ أن يقومَ بمفهومِ السوبر ماركت. ‏فى الدول المتقدمةِ علميًا يقومُ التعليمُ فى الجامعاتِ المحترمةِ على أساسِ الجديةِ واحترامِ المؤسسةِ التعليميةِ لصالحِ المجتمعِ والدولةِ فى المقامِ الأولِ. ‏التعليمُ غيرُ الحكومى عندنا أصبحَ صورةً للتميُّزِ الاِجتماعي. ‏الضغوطُ صراحةً وضمنًا على أعضاءِ هيئةِ التدريسِ حتى لا ترتفعُ نسبةُ الرسوبِ، ‏وهو ما ينعكسُ على مستوى الخريجين ونظرتِهم إلى المجتمعِ.
 ‏ ‏ما هو دورُ وزارةِ التعليم العالى الفعالُ فى الرقابةِ على الجامعاتِ غيرِ الحكوميةِ؟ أحيانا تُسيِّرُ الوزارةُ لجانًا لمراجعةِ لوائحِها دونما اِعتبارٍ لجديةِ العمليةِ التعليميةِ. وماذا عن الجامعاتِ ذات الإداراتِ الأجنبيةِ التى ترفعُ شعارَ نقلِ التعليمِ الأجنبى لمصر؟ التعليمُ الجامعى يبدأُ من المدرسةِ، هل التعليمُ قبل الجامعى عندنا يناظرُهم؟ قطعًا لا. إذن شعارُ تعلم فى مصر كأنك تتعلمُ فى الخارجِ شعارٌ أجوف. كيف تُقامُ فى دولٍ ذات سيادةٍ جامعاتٌ أجنبيةٌ تستنسخُ نظمَها فى بيئةٍ مختلفةٍ اجتماعيًا وتعليميًا؟ وكيف ستراقبُ الوزارةُ ممثلةُ الدولةِ المصريةِ هذه الجامعاتِ الأجنبيةِ وهى مُنشأةٌ بمبدأَ التعالى والتفوقِ؟ وأى جامعاتٍ أجنبيةٍ سيتمُ استِنساخُها وما مستواها؟ وما مدى خبرةِ إداراتِ الجامعاتِ الأجنبيةِ التى ستتولى أمانةَ تعليمِ أبناءِ المصريين؟ ثم كيف ستتعاملُ النقاباتُ المهنيةُ وتحديدًا نقابةِ المهندسين مع خريجين لن يستوفوا عددَ سنواتِ الدراسةِ الجامعيةِ؟ أليس فى ذلك تدمير لمهنةٍ عريقةٍ اجتماعيًا وعلميًا بدعاوى «زى برة»؟
 لا تطفو مشكلاتُ التعليمِ إلا إذا حدَثت قلاقلُ من الطلابِ وأسرِهم. أما البحثُ العلمى فهو بعيدٌ عن الأجندةِ، مُكلِفٌ بما يُبعدُه عن الواقعِ والممارسةِ الحقيقيةِ.
 ‏< أستاذ هندسة الحاسبات - جامعة عين شمس


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة