أحمد عباس
أحمد عباس


تساؤلات

حدوتة عيد الميلاد

أحمد عباس

الخميس، 17 ديسمبر 2020 - 06:40 م

عزيزى سانتا مُحقق الأحلام.. آمل - بود - أن تصلك رسالتى قبل أن ترتدى زيك الأحمر وتشرع فى توزيع الهدايا، هذه حدوتتى لك فى عيد الميلاد، أحكيها قبل فترة كافية، لعلك تفهم وتلحق فعل شىء واحد..
ضبطت اليوم نتيجة ومنبه هاتفى على أن أستيقظ مع أولى دقائق العام الجديد، فنحن نائمون منذ أمد طويل وآن أوان الصحيان، صافحت عائلتى بحب، وتمنيت رؤية الغائبين عنا، وربتت على كتف أخى الأصغر، ورجوت النجاح للآخرين.. كل الآخرين، سأنام هذه الليلة مطمئنًا جدًا، فلا ضغينة أحملها، ولا فى صدرى رغبة فى الانتقام من أحد.
تعرف يا سانتا.. أنا أحب هذا العام جدا، أنجزت خلاله مؤجلات مهمة طال أمد تأجيلها ورقدت سنوات حبيسة أدراج مكتبي، عرفت طبيعة جسدى وأصبحت أفضل راحته، لم أعد أميل للسهر كما كنت، غدوت أحب رؤية النهار أكثر، والشتاء الذى حفظت كل أغنياته وسهرت ليالِ طوال أدندنها على ضوء قمر كنت أراه من بين جريد نخلة شاهقة من شرفتى، لازلت أحبه بالطبع لكنى بِت أتحسب له ألف حساب، فقط لاننى فهمت قساوته على البردانين، أما المطر الذى كنت أنتظر سقوطه ببراءة طفولية لتصفو السماء وأبحث بعده عن سبعة ألوان هى قوس قزح، أدركت شراسته لما ينخر عظام بيوت بلا سقف يحميها.. تعرف ماذا أيضا يا سانتا، رفعوا أدوار مخالفة بالمبنى المواجه لى فبات يحجب القمر، وقطعوا النخلة، وشوهوا سمعة قوس قزح.
المهم يا سانتا.. أنا تصالحت مع ذاتى أكثر، وأدركت من المسائل ما عجزت عنه قبل سابق، فهمت أن السعى لا بالضرورة يؤمن رزق جديد، لكنه بالقطع يضفى مهارة ورونق، وأن الأرزاق تتحصل خلال الطريق لا فى نهايتها، فهمت نصيحة عجوز قالتها لى يوم كنت صغيرا كثير الشكوى، لما قالت: «رزقك فى الدنيا أيام.. وآخر يوم فى رزقك هو آخر أيام عمرك.. ماتستعجلش يا وليدى»، فبت لا اتعجل وقوع الأشياء، هى وحدها تعرف موعد الوصول، وفهمت أن لا رزق فى نهاية الطريق، ذلك أن الطريق وحدها رزق، وأنه كلما مطّت الأشياء أجلها، زاد عمرى لحظة على الأقل، وأنا أحب الحياة.
الآن.. هل تستطيع يا سانتا أن تدفئ البردانين فى ليالى الشتاء الموحشة، وتستر الملتحفين من المطر ملابس مُهلهلة.. هل تستطيع يا سانتا أن ترد لى قمرى، ونخلتى، وجزء يسير من براءة طفولتى!
آاه يا سانتا، فاتنى أن أخبرك..
أنت محظور هذا العام، والعالم مضروب بوباء فتاك، لن يسمحوا لك بالظهور وتوزيع الهدايا، اذن فلنغلق دفاترنا، ونعلق أحلامنا، ولنؤجل آمالنا وننتظر ميلاد جديد.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة