الرواية والشعر
الرواية والشعر


فى ٢٠٢٠ تاريخ عائلة محمد على يهيمن على الرواية والشعر يتقدم

أخبار الأدب

الأحد، 27 ديسمبر 2020 - 02:52 م

محمد سليم شوشة

تبدو الظواهر الأدبية من الصعوبة والخفاء بما لا يمكن من استكشافها وقراءتها بشكل مباشر من النشر أو أبرز الكتب الصادرة فى عام أو عدة أعوام، وبالرغم من ذلك فإن سبرها أو رصدها ليس بالمستحيل، وبشكل عام فإن الحديث عن الظواهر الأدبية قد يبقى مجرد افتراضات مهما كانت مصحوبا بالدليل، فهى نتاج عدد كبير من العوامل والانساق الثقافية الخفية ذات الارتباط بمكونات كثيرة منها الاجتماعى والثقافى والسياسى والفنى وحتى الأمور الاقتصادية قد تؤثر بدرجة كبيرة فى تجليات الإبداع الأدبى وأنواعه وأهم الأعمال، فمثلا غلاء الأوراق وأدوات الطباعة قد يؤثر على النشر ومن ثم الظواهر الأدبية، النشر الإلكترونى وآراء الجماهير وتفاعل القراء على المنصات الثقافية كلها أيضا قد تؤثر بفاعلية كبيرة فى الظواهر الأدبية.

وبرغم كل هذا فإنى بوصفى واحدا من المتابعين والمحبين والمنشغلين بالأدب والثقافة وقبل ذلك ربما بالصفة الأكاديمية والتخصص فى تاريخ الأدب فقد دأبت على إجالة النظر فى الحالة الأدبية ورصد التطورات الراهنة، كما اعتدت على ترديد عدد من القناعات أبرزها أن فترات القلق والاضطراب والتحول والنزاع السياسى تصبح فترات مرضية يضعف فيها الإبداع الأدبى وربما الثقافى عموما، لتراجع الانشغال به أمام الاحتياجات الأساسية والأكثر خطورة المرتبطة بالهموم السياسية، ثم يبدأ ازدهار الإبداع الأدبى والثقافى بشكل عام مع الاستقرار السياسى والتحسن الاقتصادى،  فالمجتمعات فى تصورى أشبه بالأجهزة الإلكترونية التى درج المصنعون على تقسيمها إلى بنيتين؛ هارد وير، سوفت وير، بنية أساسية وبنية تشغيل أو بنية ناعمة هى نظام التشغيل، بنية ميكانيكية مثل المتوافرة فى كافة الأجهزة من قطع غيار صلب، وبنية ناعمة تتمثل فى نظام تشغيل وبرامج أو سيستم، والأخير هو الأشبه بالثقافة، فى حين الأول هو البنية التحتية من ظروف إنتاج واقتصاد واستقرار أمنى ومؤسسات.
الأدب والثقافة أمور ترتبط بالأفكار المشغلة للمجتمع أو الفاعلة فيه، وهى تنبع من الحالة الاجتماعية أو الوضع الراهن للهارد وير أو البنية التحتية أو الأساسية، وإذا كان لا يمكن لجهاز الكمبيوتر أن يشتغل أو يعمل على الإطلاق فى حال لو تعطلت مروحة التبريد أو حدث خلل فى توصيل الكهرباء أو فى الرامات أو الهارد أو أى من قطع غياره، فالأمر كذلك بالنسبة للإنتاج الثقافى ومنه بالطبع الأدب، لا يكون بكامل خصوبته وتعافيه فى حالات الاضطراب والفوضى أو غياب الاستقرار أو الزعزعة أو الأزمات الاقتصادية الكبرى. والأدب الذى قد ينتج فى تلك الفترات ربما يكون أغلبه عابرا أو لحظيا أو بعيدا عن الرؤية الدقيقة لأنه يكون انعكاسا لأثر وقتى أو مرتهنا بسياق خاص.
فى تقديرنا وقراءتنا الخاصة أن الأدب المصرى عاد للازدهار واسترد كثيرا من تعافيه ابتداء من 2018 ولا يعنى هذا أن السنوات السابقة على هذا كانت صحراء ومفرغة تماما، بل نقصد الغلبة، لأن الغالب على الأدب ابتداء من 2018 هو الأعمال الأقوى أو النصوص الأدبية المهمة والثرية وذات مستوى أدبى رفيع بالنسبة لمجمل الإنتاج الأدبى العربى،  ويمكن رؤية ذلك فى مؤشرات مثل الجوائز مع أبرز الإصدارات أو عودة أصوات مهمة للحضور بقوة مرة أخرى بعد فترة من الانزواء تزامن مع الصخب السياسى والأزمات والقلق، وأتصور أن عودة التحسن والازدهار بدأ طاغيا فى الرواية وكان محدودا فى الأعمال القصصية، فى حين ظل الشعر على وضعه المريض وحالته المنزوية برغم بعض المؤتمرات الخاصة بقصيدة النثر أو غيرها، ثم تدريجيا كان فى أواخر عام 2019 بدأ الازدهار يطال الشعر، ثم فى تقديرنا أن الشعر تساوى فى ازدهاره مع الرواية، بل أحيانا ما شعرت بأن الشعر فى 2020 كاد يجاوز الرواية أو يتفوق عليها لولا رسوخ الطابع الحرفى لدى بعض الأصوات الروائية، فالممارسة الروائية تكاد تكون لدى عدد من الروائيين العرب والمصريين البارزين على قدر من الاحتراف، فى حين يبدو الشعر بطبعه بعيدا بدرجة ما عن الاحتراف مهما حدث.
إن أبرز ما تجلى فى عام 2020 فى تقديرنا هو تحسن حالة الشعر وخروج العديد من الإصدارات الشعرية المهمة سواء فى مصر التى صدر فيها أكثر من مجموعة شعرية متميزة أو أحدثت أثرا طيبا بين كبار الشعراء وشبابهم، ومن الكبار أحمد الشهاوى الذى أصدر مجموعتين شعريتين فى هذا العام الأولى هى مجموعة «ما أنا فيه» عن المصرية اللبنانية بالقاهرة، ثم المجموعة الثانية «أنا خطأ النحاة» عن دار خطوط وظلال بالأردن، ومن الأعمال الشعرية المتميزة ما أصدرته مؤسسة أروقة التى بدت كأنها دار النشر المتخصصة فى نشر الشعر، فأصدرت عددا من الأعمال المهمة أبرزها مثل «تجبر خاطر الغريب.. وردة» لموسى حوامدة، و»سلة أيروتيكا تحت نافذتك» لمؤمن سمير، ثم الهيئة العامة للكتاب التى أصدرت عددا من المجموعات الشعرية المهمة مثل مجموعة محمود خير الله «الأيام حين تعبر خائفة»، ومجموعة شعرية مهمة لهدى حسين «تحنيط الطائر»، ومجموعة أخرى لإسراء النمر «العيون التى غادرت سريعا» والكتب الشعرية الثلاثة صنعت أثرا طيبا، ومجموعة شعرية أخرى لشاعرة شابة متميزة ولها صوت خاص هى آلاء حسانين التى أصدرت مجموعتين، الثانية منهما كانت فى أول عام 2020 واسمها «العهد الجديد كليا» وأنا هنا أتحدث عن الأعمال اللافتة أو التى أخذت حيزا واضحا من الحضور وبدت كتبا ذات أثر وفاعلية تحت مظلة نوعها الأدبى،  وليس حديثى عن كل الأعمال التى تصدرها هيئة معينة أو دار نشر، فعلى سبيل المثال ربما لم يبرز من إصدارات النشر فى هيئة قصور الثقافة غير مجموعة الشاعرة مروة أبو ضيف «منهك كأنه المعجزة».
عربيا وفيما يتصل كذلك بالشعر فإن هناك حالة مميزة من الإصدارات الشعرية المهمة أبرزها المجموعة الشعرية الجديدة للشاعر المغربى القدير حسن نجمى واسمها «فكرة النهر» وهى تجربة شعرية مختلفة تماما ولها خصوصية كبيرة وتناولها فى أخبار الأدب، وكذلك الشاعر المغربى مبارك وساط الذى أصدر مجموعة جديدة وأعاد طبع غالبية دواوينه القديمة، وكذلك الشاعر المغربى محمد بن طلحة ومثلهم الشاعر صلاح بوسريف. وظل الشاعر المغربى قاسم حداد يصدر مجموعة شعرية جديدة كل عام، وأحيانا يصدر مجموعتين، وهو واحد من أبرز الشعراء العرب فى هذه الفترة، وكذلك أصدرت الشاعرة العراقية دنيا ميخائيل مجموعتها الجديدة «الغريبة بتائها المربوطة»، وهى مجموعة شعرية مختلفة ومتفردة مثل غالبية إنتاج دنيا ميخائيل، وكذلك الشاعر الفلسطينى المتميز جدا غسان زقطان الذى له نفس خاص وذهنية شعرية مختلفة ومتفردة إلى حد بعيد ويعد مدرسة قائمة بذاتها فى قصيدة النثر، أصدر مجموعة شعرية جديدة عن دار خطوط وظلال بالأردن «نسيت حقائبى فى الليل»، والشاعر السورى المتميز أيضا نورى الجراح الذى أصدر كتابا شعرى جديدا عن الدار نفسها «رسائل أوديسيوس» وهى غالبا مختارات من قصائده، وأصدرت الدار نفسها مجموعة جديدة لكل من الشاعرين مؤمن سمير ومحمد الكفراوى. وهكذا تكون هذه الدار الصاعدة خطوط وظلال قد أصدرت كما ضخما من العناوين الجديدة وظهر واضحا اهتمامها بالشعر لتكاد تكون دار النشر الأكثر اهتماما ونشرا للشعر. وفى تصورنا أن فوز الشاعر المصرى عماد أبو صالح بجائزة سركون بولس جدد النقاش النقدى حول قصيدة النثر وأعاد له التوهج الشعرى وأعاد كثيرين إلى كتبه التى نرجو إعادة طبعها فى مصر فى إحدى المؤسسات الحكومية إنصافا لتجربته الثرية والمختلفة، وبالمثل من حيث التأثير فيما يخص مستقبل قصيدة النثر وازدهار الشعر بشكل عام جاء فوز الأمريكية لويز جلوك بجائزة نوبل فى الآداب إيجابيا وحدثا مهما من أحداث عام 2020 الأدبية.
وفيما يخص النشر فى المؤسسات الحكومية المصرية بشكل عام، نرى أن هيئة قصور الثقافة تبدو متراجعة عن تفوقها فى النشر فى الأعوام القليلة الماضية، فى حين يبدو النشر فى الهيئة العامة للكتاب فى تحسن كبير وهناك حركة فى إصدار المجلات فى مواعيدها أو السلاسل المختلفة التى عادت للانتظام ولاختيارات نوعية أفضل. أما المركز القومى للترجمة فعلى العكس يبدو متراجعا هذا العام عن تفوقه وتميزه، حيث لم تبرز من بين إصداراته أى عناوين لافتة أو تحدث أثرا بارزا فى الأوساط الثقافية كما كان معتادا معه من قبل، حيث تبدو أبرز عناوينه السابقة هى موسوعة التأويل أو الهرمنيوطيقا وموسوعة ألف ليلة وليلة والرفيق إلى النظرية السردية من ترجمة الدكتور محمد عنانى وهى كلها فى العامين السابقين على 2020.
فيما يخص الرواية نجد أنها ظلت على توازنها أو تفوقها السابق منذ عام 2018 وذلك بإصدار عدد من الأعمال المهمة فى آخر شهر فى 2019 صدر كتاب سردى بارز ومهم وأحدث صخبا هو «فى أثر عنايات الزيات» للشاعرة المصرية إيمان مرسال عن دار الكتب خان بالقاهرة، ثم ظهر فى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد ضمن ثلاثة كتب أخرى صدرت فى 2020 هى رواية عزت القمحاوى «غرفة المسافرين» ورواية «طبيب أرياف» للروائى القدير محمد المنسى قنديل، والكتاب الشعرى للشهاوى الذى أشرنا له سابقا. ولكن الرواية فى مصر فى الحقيقة لم تقف عند هذه الحدود فقط، فقد صدرت عدة أعمال بارزة ولافتة للانتباه لأدباء يواصلون نجاحهم وتفوقهم الأدبى مثل رواية «اللوكاندة» للمتميز ناصر عراق وهى واحدة من أهم الروايات المصرية المتفردة التى صدرت فى هذا العام عن الدار المصرية اللبنانية ومن الدار نفسها للروائى الشباب أحمد الملوانى صدرت رواية «ما يشبه القتل»، ومن روايات الشباب المتميزة كذلك رواية «يوميات رجل يركض» لفريد عبد العظيم والصادرة عن دار الكرمة، واستمرت الروائية الدكتورة ريم بسيونى فى عطائها الروائى المختلف واللافت وأصدرت هذا العام روايتها المهمة أيضا «سبيل الغارق» الصادرة عن دار نهضة مصر، لتؤكد دأبها وخطّها الثابت فى السنوات الأخيرة وقدر جديتها. وكذلك رواية «ورثة آل الشيخ» للروائى المتميز من جيل الوسط أحمد القرملاوى،  وهى صادرة عن مكتبة الدار العربية للكتاب بالقاهرة، وكذلك رواية «آرنكا» للروائى أسامة السعيد عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، ورواية «خطايا العثمانى الأخير» للروائى أحمد محروس عن دار النخبة بالقاهرة وأصدر الروائى الكبير إبراهيم عبد المجيد روايته «العابرة» عن دار المتوسط فى إيطاليا. وهناك فى الحقيقة روايات أخرى كثيرة فى غاية الأهمية، وهو ما يجعل هذا العام حافلا بالثراء والإنتاج المتنوع.
ومما يمكن ملاحظته على الرواية فى هذا العام أنها مازالت تسير فى الخط التاريخى ذاته المهيمن فى السنوات الأخيرة، حيث وجد كثير من الروائيين العرب فى التاريخ مجالا خصبا للتعبير عن مشاكلهم ومقاربة أسئلتهم الملحة وبخاصة تلك التى تتسم بطابع إشكالى كبير وتباينت طرائق الروائيين فى هذا الشكل التاريخى بين انغلاق تام عليه أى مقاربة حقبة تاريخية معينة دون الخروج منها، وبين نمط ثان من المطابقة بين التاريخ والواقع أو التحرك بين فترتين زمنيتين وهو ما نجده لدى حسن هند ورشا عدلى مثلا. ولكن هناك ملاحظة أخرى وهى أن الفترة التاريخية الخاصة بدولة محمد على وأولاده أو عائلته قد اجتذبت انتباه كثيرين من الروائيين مثلما هو حاصل مع ناصر عراق وهو الروائى الأكثر دأبا فى اشتغاله على هذه الحقبة التاريخية وتنقيبه فيها وكذلك عند ريم بسيونى التى ربطت بين المملوكى وعائلة محمد على أو هذه الحقبة الأحدث قليلا، ثم كذلك ثورة يوليو التى أخذت مساحة بارزة فنجدها متحققة لدى ثلاثة روائيين ممن ذكرنا وهم إبراهيم عيسى وحسن هند ورشا عدلى التى طابقت بين ثورتى يوليو وثورة 25 يناير كما فعل بالضبط الدكتور حسن هند فى روايته إنجيل مهما، وكأننا هنا أمام موضوعات بعينها بدت همًّا مشتركا بين عدد من الروائيين بالصدفة، وهناك رواية أخرى تاريخية من نوع الأكثر مبيعا قاربت الحقبة نفسها من أسرة محمد على وهى رواية لوكاندة بير الوطاويط لأحمد مراد وهى فى تقديرنا رواية ممتعة ومشوقة وذات قدرات سردية كبيرة وإن اختلفنا حول موضوعها وعلى مساحة الخرافة والغيبيات فيها، لكنها تمثلت ثقافة هذا العصر ومفرداته على نحو متميز وفيه طاقات بحثية كبيرة، وتقريبا هذا هو ما يتحقق فى غالبية الروايات التاريخية التى قاربت حقبة محمد على أو ما قبلها بقليل منذ الحملة الفرنسية، فهى روايات ذات طابع معرفى وكثير منها يصلح للتحويل لأعمال درامية، وهكذا يكون لدينا ست روايات قاربت فترة محمد على وعائلته هى اللوكاندة لناصر عراق، على مشارف الليل رشا عدلى وكل الشهور يوليو لإبراهيم عيسى ذلك لأنهم نقبت فى أسرار فترة الملك فاروق وانفردت بمعلومات كثيرة عن مرحلة سقوطه، وكذلك رواية حسن هند، وأحمد مراد وأحمد محروس فى روايته خطايا العثمانى الأخير.
ومن الطريف كذلك أن تبرز فكرة الكتابة عن شخصية ملتبسة وغامضة من الضباط الأحرار وتتكرر لدى أكثر من روائى ممن ذكرنا فى كتابتهم عن هذه الحقبة، هذه الشخصية هى رشاد مهنا الضابط الذى كان صاحب ميول إخوانية بارزة فى تنظيم الضباط الأحرار ودار حوله جدل كبير بأنه قد وقع عليه ظلم كبير من بقية أعضاء الثورة حين تم استبعاده، والحقيقة أن كثيرا من الروائيين الذين كتبوا عنه اتفقوا على ميوله الإخوانية وأنه كان معارضا لقانون الإصلاح الزراعى وكان مؤيدا لمشروعاتهم فى الخفاء وهو ما اتفق مع إرادة الإخوان ومع على ماهر باشا رئيس الوزراء مع قيام الثورة. فاتسمت هذه الروايات بالموضوعية والدقة والطاقات البحثية والمعرفية بدرجة بعيدة، كما تميز كثير منها بالطابع الدرامى والنزوع إلى التشويق والإسقاط على الواقع أو بث رسائل معينة عبر هذا السرد التاريخى. كما نجد أن منطقة مادة القاهرة الخديوية تبدو مهيمنة على كثير من هذه الروايات، وأحيانا ما تكون القاهرة القديمة الفاطمية أو المملوكية ومنطقتى الأزهر والأزبكية بطابعها السحرى وهو ما يتحقق لدى ناصر عراق الذى يبدو عاشقا لهذه المنطقة، وكذلك لدى أحمد مراد الذى يبلغ حدا كبيرا من البراعة من تصوير المنطقة بشوارعها وحاراتها، وكذلك لدى ريم بسيونى.
أما فى القصة القصيرة فنجد أنه قد صدرت بعض الأعمال المهمة أبرزها مجموعة «مسرح زوبا» للأديبة الكبيرة سلوى بكر وهى فى الحقيقة نموذج متفرد فى القصة القصيرة، وتقدم عالما فى غاية الثراء الجمالى والدلالى وكذلك مجموعة «الأميرة والرجل من العامة» للأديب المتميز الدكتور محمد إبراهيم طه وهو صاحب منجز كبير ويقدم مجموعة قصصية تكاد تكون هى الأبرز والأهم فى أعماله القصصية تحديدا، حيث يتجلى فيها سمته الخاص وفهمه المتطور لفن القصة القصيرة وعلاقة القص بالفنون التشكيلية وبخاصة التصوير الفوتوغرافى والحقيقة هى مجموعة متميزة إلى حد بعيد. ثم هناك مجموعتان أخريان مهمتان صدرتا فى هذا العام هى مجموعة «الدرويشة» للدكتورة صفاء النجار وهى ذات سمت خاص وعلى قدر كبير من الثراء والتوظيف الفنى المتقدم للأسطورة والصوفية أو الطابع الروحانى والأحلام. ثم مجموعة «ست زوايا للصلاة» لأميرة بدوى،  وهى المجموعة الأكثر تميزا فى مرحلتها العمرية وقد بلغت حتى الآن القائمة الطويلة فى جائزة الشيخ زايد وهو إنجاز ربما يتحقق للمرة الأولى للقصة القصيرة المصرية على مستوى الشباب.
 وفى القصة القصيرة لفت انتباهى عربيا مجموعة متفردة للكاتبة الإماراتية المتميزة لولوة المنصورى اسمها «عندما كانت الأرض مربعة»، فهى ذات نهج خاص وذات طابع شعرى مختلف عن السائد فى السرد القصصى،  وهناك كذلك مجموعة مصرية مهمة هى « الحزن طفل قديم» لمحمد بركة، والطريف أن الشعر والقصة القصيرة تهيمن عليهما نزعة معينة تربط بينهما وهى الإفادة من الأسطورة والخرافة الشعبية، فكأن هناك رابطا ما أو علاقة بين القصة القصيرة وقصيدة النثر أو الشعر، فكما ربط الرواية التاريخ وحقب معينة منه، ربط القصة والشعر هذه النزعة المتحققة لدى عدد كبير من الأعمال التى ذكرناها فى هذين النوعين الأدبيين.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة