هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

ما وراء اختراق إسرائيل للاتحاد الأفريقى

هالة العيسوي

الأربعاء، 04 أغسطس 2021 - 06:59 م

لا يمكن النظر إلى بيان احتجاج الدول دائمة العضوية فى الاتحاد الأفريقى (مصر والجزائر وجزر القمر وتونس وجيبوتى وموريتانيا وليبيا) على القرار الأحادى الذى اتخذه السياسى التشادى فقى موسى محمد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى بقبول إسرائيل عضوًا فى الاتحاد بصفة مراقب، سوى انه لائحة اتهام بالمؤامرة صيغت بلغة دبلوماسية أنيقة. 


فقد نبه البيان إلى أن رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى «لم ينظر فى الطلب الإسرائيلى على نحو ما سار عليه سابقوه وفقا للمبادئ والأهداف الواردة فى القانون التأسيسى للاتحاد الإفريقى والمقررات الصادرة عن أجهزة الاتحاد المختلفة وكذلك المصلحة العليا للاتحاد» وأنه لم يراع «معايير منح صفة مراقب ونظام الاعتماد لدى الاتحاد الإفريقى التى اعتمدها المجلس التنفيذى فى شهر يوليو 2005 خاصة الفقرة 5 من القسم الثانى من الجزء الثانى من معايير منح صفة مراقب» . ثم وصف هذا الإجراء الأحادى بأنه «يمثل تجاوزا إجرائيا وسياسيا غير مقبول من جانب رئيس المفوضية لسلطته التقديرية « انضمت للاحتجاج كل من جنوب افريقيا وبريتوريا وناميبيا  وليبيريا اللاتى أكدن فى احتجاجاتهن أنه «كان يجدر برئيس المفوضية النظر فى الطلب على أساس: القانون التأسيسى للاتحاد الأفريقى وقرارات أجهزة الاتحاد الأفريقى ذات الصلة، مع الأخذ بعين الاعتبار الآراء والاهتمامات المعروفة للدول الأعضاء وكذا المصلحة العليا للمنظمة الإفريقية».. لفهم ماوراء هذه التعبيرات الدبلوماسية نذكر سعى إسرائيل للانضمام إلى الاتحاد الأفريقى كعضو مراقب لم يكن مفاجئًا، فقد كان هذا السعى دؤوبًأ طيلة العقدين الماضيين ولاسيما أنه سبق لها أن اقتنصت صفة مراقب فى منظمة الوحدة الإفريقية، لكن بعد حل منظمة الوحدة عام 2002 واستبدالها بالاتحاد الأفريقى جرى إحباط محاولاتها لاستعادة هذه الصفة. يرجع الفضل فى هذا الى النفوذ الذى تمتعت به ليبيا أثناء حكم العقيد القذافى والذى مارس ضغوطًا على جاراته الأفريقيات وكبح الإغراءات الإسرائيلية لدول القارة الهشة. كما ان الاتحاد ومن قبله منظمة الوحدة الأفريقية كانا دائمًا من المساندين للقضية الفلسطينية والداعمين لحل الدولتين. بل ان فقى موسى الذى أعيد انتخابه رئيسًأ للمفوضية الأفريقية فى فبراير من العام الجارى لفترة ثانية تنتهى عام 2024نفسه صرح أكثر من مرة بهذا النهج الداعم للفلسطينيين.
قد يتعلل رئيس المفوضية التشادى بأن هناك أكثر من 70 سفارة غير افريقية ومنظمة غير حكومية معتمدة حاليا لدى الاتحاد الأفريقي. وبأن إسرائيل نفسها سبق لها عضوية منظمة الوحدة الأفريقية.  فى ضوء هذا القرار الأحادى  المثير للدهشة، ربما يجدر النظر قليلًا فى  توقيت هذا التسلل الذى تكثف بضراوة اثناء انشغال الدول العربية الأفرسقية بموجة الربيع العربى التى بدأت فى 2011، ثم فى خلفية العلاقات الإسرائيلية الأفريقية على وجه العموم حين تسللت الدولة العبرية الى الدول الأفريقية غير العربية من بوابة التعاون الاقتصادى والأمنى وكان لكل من أثيوبيا (دولة مقر الاتحاد الأفريقي) وتشاد (موطن رئيس المفوضية الحالي) الدور الأكبر فى فتح بوابات هذا التسلل الإسرائيلى للقارة الأفريقية. حتى ان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهوشارك فى القمة 51 للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) فى مونروفيا عاصمة ليبيريا عام 2017.
فيما يتعلق بتشاد تم تأسيس العلاقات  مع إسرائيل فى يناير 1961، بعد حصولها على الاستقلال قبل بضعة أشهر، ومع ذلك ، فقد أنهت تشاد ذلك بعد عشر سنوات ، فى عام 1972 حين كانت الدول الأفريقية «متفقة مع الموقف الرسمى لمنظمة الوحدة الأفريقية فى مسائل إنهاء الاستعمار.
ومن ناحية أخرى، فقد تعرضوا ، فى حالات معينة ، لضغوط مالية شديدة من الدول الإسلامية الغنية بالنفط «لقطع علاقاتهم مع إسرائيل. عند عودته من اقامته فى تشاد عام 2016 ، قال مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية دورى جولد: «عندما سألت مساعدى الرئيس إدريس ديبى لماذا قطعت العلاقات بين البلدين، ادعى المسؤولون أنها كانت بسبب الضغط الشديد الذى مارسه الزعيم الليبى السابق معمر القذافى. اليوم ، لم يعد هناك القذافى ، لذلك من الممكن أن تتقدم العلاقات”.!وفى 2019 استؤنفت العلاقات رسميا أثناء زيارة وصفت بالتاريخية من نتانياهو لتشاد.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة