يسرى الفخرانى
يسرى الفخرانى


فنجان قهوة

لو خِلص الفول أنا مش مسئول 

أخبار اليوم

الجمعة، 13 أغسطس 2021 - 06:43 م

يقف عم حسن على عربية الفول كل يوم من ستة الصُبح ، هو وعربيته عِشرة عُمر ، فى يوم من ثلاثين سنة ذهب إلى جاره عم رضا النجار الشاطر وطلب منه نجارة (عربية فول)، وخلال اسبوعين كان عم سلامة الخطاط ينقش عليها رسوماً وعبارات أهمها (الرزق على الله) وأشهرها (لو خِلص الفول أنا مش مسئول) . واختار لها عم حسن اسم (فول الست) ووقف بها عند ناصية قريبة من مقام السيدة نفيسة.. ويوما بعد يوم أصبح فول عم حسن ( طِعم ولذيذ ) تقول زبدة ، ويوم بعد يوم أجاد فن تنويع وصفات الفول وخلطاته ، مُغرم بعربية الفول الصغيرة التى يراها أضخم مطعم فى الدنيا ، والغرام سر السعادة والرضا ، راضى بندا زباينه بكام شَقّة فول وواحد محبش فى طبق فخار ملون.. يبدأ يومه قبل الفجر بشوية ، يِحَمل قِدر الفول المدمس من المستوقد فى حارة مرجوش فى الجمالية ، نار المستوقد هادئة ونيسة قِدرة الفول فى الليل وآخره ، لكن قِدر فول عم حسن تحمل أسراره التى تجعل للفول على عربته التى لا تُخطئها عين زبون لا يقاوم المنحة اليومية.. تخلص آخر كَبشة فول الساعة عشرة الصبح ، ليبدأ عم حسن رحلة أخرى لم يُخبر بها أحداً، فقد قرر من كم سنة أن (يقرا الجورنان) ولأنه لا يفك الخط فقد ظل عمره كله يحسبها وهى طايرة و لا يعرف (امضا ولا يكتب اسمه)، وبذكائه الفطرى استلطف زبونا من زبائن عربة الفول وتفاوض معه بنجاح على صفقة مربحة (طبق فول قصاد حصة محو أمية). وبدأ رحلة مغرية يتعلم فيها (القراية والكتابة)، وازدادت إغراء بأن قدم فى مدرسة بعد الظهر لكى يحصل على الابتدائية!
وأضاف لعربة الفول بخط عم سلامة (العلم نور) لكن زبائنه المنهمكين فى طبق الفول لم يلحظوا العبارة، طالما فول عم حسن بخير وله نفس الطعم وموجود كل يوم فى موعده.. من ثلاثين سنة كان عم حسن «رجل غلبان وحيد مكافح» يعيش فى غرفة فوق السطوح، بعد ثلاثين سنة أصبح يمتلك عمارة وتتربى فى عِزه ثلاث بنات تخرجن فى كليات الطب والهندسة والحقوق، ثلاث بنات زى القمر، يفتخرن بالأب الذى كافح وشقى، وازداد فخرهن عندما نادى مرة على ابنته الدكتورة وهو يشرب شاى العصارى يطلب منها ( الجرايد عشان اشوف الدنيا بيحصل فيها إيه)!
ضحكت وقبلته وأخبرها بالسر (خدت الابتدائية) ، وزغردت الأم الجميلة شريكة قصة الكفاح فرحة بأبو بناتها!
هل سر طعامة فول عم حسن الرضا ولا الكفاح ولا نَفسه الحلو فى التدميس ولا دعوات أمه ولا قلب بناته التلاتة؟


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة