مؤمن خليفة
مؤمن خليفة


بدون أقنعة

جلال الشرقاوى الذى عرفته

مؤمن خليفة

الأحد، 20 فبراير 2022 - 08:12 م

منعتنى أزمة صحية عابرة ألمت بى فى الأيام الماضية من زيارة الأستاذ جلال الشرقاوى أستاذ وعم مخرجى المسرح فى العالم العربى كله فى مستشفى دار الفؤاد التى نقل إليها عقب أزمة صحية وقعت له قبل نحو أسبوعين ثم نقله إلى العزل بعد إصابته بفيروس كورونا والذى لم يستطع الصمود أمامه لكبر عمره «88 عاما» .


 سعيت للاطمئنان عليه من السيدة محسنة زوجة الأستاذ الكبير أنا وزميلى وصديقى محمود كربل أخلص إنسان له فى الوسط الفنى .. كان صوتها ينبئ أن الأستاذ فى وضع صحى حرج.. دعوت له بتمام الصحة وأن يعود إلينا معافى وأغلقت التليفون وخاطر يداعبنى بأن أيام الأستاذ لن تطول رحمة الله عليه.
المخرج الكبير تخرج على يديه الكثير من نجوم السينما والمسرح وله أياد بيضاء فى اكتشاف نجوم كبار شاركوا معه فى العديد من مسرحياته الناجحة. واستمر الأستاذ لأكثر من 35 عاما رئيسا لقسم التمثيل بالمعهد العالى للفنون المسرحية.. الكل يعمل له ألف حساب خلال امتحانات القبول بالمعهد، فكلمة منه تصنع مستقبلا لكل من يهوى احتراف التمثيل.


أتذكر يوم أن تعرض الأستاذ جلال لأسوأ مشكلة فى حياته قبل سنوات عديدة فى عام 2010عندما أرادوا أن يخرجوه من مسرحه وتكالبت قوى الشر عليه وأصبح هدفا لمحاولتهم.. كانت الحجة يومها أن مسرح الشرقاوى يؤثر على سلامة جاره المبنى الأثرى لمعهد الموسيقى العربية وتم إصدار قرار من محافظ القاهرة وبتوصيات إدارة الحماية المدنية بتشميع المسرح ووقف العرض المسرحى «دنيا أراجوزات» الذى تجمد ولم يعرض إلا بعد ثورة يناير 2011. وتردد فى ذلك الحين أن الأزمة تعود لمهاجمة الشرقاوى لمهرجان المسرح التجريبى، الذى يرعاه وزير الثقافة وقتها الفنان فاروق حسنى.


يومها ذهبت إلى الأستاذ فى مسرح الفن متضامنا ومؤازرا وطلبت أن أبقى معه أبيت فى المسرح بينما كانت الجرافات تستعد فى أى لحظة لهدمه.. وطلب ألا نفعل ذلك حرصا علينا حيث كان هناك الكثير من المسرحيين يؤيدون الشرقاوى ويعلنون عن البقاء معه حتى لو هاجمته الجرافات.. كان الأستاذ صامدا بينما يقول كلمته الشهيرة: لن أغادر بيتى وسوف أموت هنا.. لكن مظهره كان يشى بأنه لم يعد قادرا على مواجهة المشاكل.. لم يرحموا كبر سنه وقتها وأصروا على هدم «مسرح الفن» الذى قدم عليه أهم مسرحياته «عطية الإرهابية» و«حودة كرامة» و«انقلاب» و«على الرصيف» و«دستور يا أسيادنا» .
كانت معظم الفرق المسرحية الخاصة قد أغلقت أبوابها بسبب عدم إقبال الجمهور وأسعار قاعات العرض التى بلغت أرقاما قياسية والمغالاة الكبيرة فى أسعار النجوم وأيضا ارتفاع سعر تذاكر الدخول وكلها عوامل اجتمعت وتسببت فى خلو الساحة أمام مسرح الدولة ولم يكن هناك فرق أخرى سوى مسرح جلال الشرقاوى ومسرح الزعيم الذى كان يعمل على استحياء أيامها..


كان الشرقاوى صامدا وفجأة قامت ثورة يناير لتنقذه ومسرحه من الهدم.. كان الشرقاوى صريحا وحادا فى تعاملاته مما جر عليه متاعب كثيرة مع النجوم ورغم أنه من رواد المسرح السياسى فى مصر منذ أن أخرج مسرحية «إنت اللى قتلت الوحش» تأليف على سالم ثم فى مرحلة تالية من عمره قدم عددا من المسرحيات التى أثارت مشاكل له منها: على الرصيف ودستور يا أسيادنا.. رحم الله صديقى وأخى الأكبر الأستاذ جلال الشرقاوى. ذكرياتى لا تنتهى معه فقد ترك لنا تراثا كبيرا ثريا وكان قامة مسرحية كبيرة منتجا وممثلا ومخرجا وعندما يذهب لمشاهدة مسرحية تجد الانضباط سيد المكان.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة