زكريا عبدالجواد
زكريا عبدالجواد


رٌكن الحواديت

تذاكر أتوبيس الشقاء!

زكريا عبدالجواد

الجمعة، 11 مارس 2022 - 07:47 م

التذكرة باتنين ونص.. اركب يا ابني! لم تمر عدة ثوان حتى صعد الأتوبيس أكثر من 30 تلميذا، يبدو عليهم جميعًا أنهم بالمرحلة الابتدائية.
كانوا فرحين بعرض الكمسارى النادر، فملأوا المكان بهجة واستهجانًا من الجلوس، وتقاسموا بعضًا من أرغفة «فينو» نحيلة جدا، بعد أن ابتعلت المقاعد الضخمة أجسادهم الضعيفة، بينما ارتسمت على وجوه الركاب فرحة، وأثنوا على تصرف الرجل.

طاف الكمسارى عليهم وهو يداعبهم، وحصَّل من كل طفلٍ جنيهين ونصف، فظننت أنها تذاكر مخفضة، ولكنه كان يعطى تذكرة لكل طفلين، وحين سألته قال: من أين يأتى  أبو الطفل ب10 جنيهات كلفة مواصلات فقط لابنه فى اليوم؟
بعد تساؤل الرجل تحول الأتوبيس إلى ساحة صراخ من غلاء مستعر، زاده اشتعالا حكى البعض عن استغلال ضعاف النفوس من المحتكرين، الذين لا يؤرقهم المتاجرة بقوت الناس مقابل المكاسب.

وفى ظل ضعف الرقابة على الأسواق، ووعود مسؤولين لا يعلمون أن المعدة الفارغة لا تهضم التصريحات، تردى حال متوسطى الدخل، وتآكلت طبقتهم، نتيجة فوضى الأسواق، وتلاعب الطامعين بالقوت الضروري.
إن ما نراه من غلاء أسعار السلع والخدمات أحرق الجيوب فلم يبقِ ولم يذر، ولولا التراحم بين الناس - كموقف هذا الكمسارى ومن مثله-  لماتت فينا الإنسانية، وترحمنا على كل شيء جميل.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة