لواء د. سيد غنيم
لواء د. سيد غنيم


قلم ووطن

الأداء الروسي على الأرض وبعد فريد في العمليات النفسية

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 07 أبريل 2022 - 11:59 م

يرى مراقبون انه من الواضح أن الدعم الغربي المستمر قد ساهم في رد القوات الروسيه على أكثر من محور، مما جعلها تنسحب من بعض المدن وحول العاصمة الأوكرانية "كييڤ" التي كانت في البداية هدفاً رئيسياً من العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا.

أرى أنه كان من المفروض في 24 فبراير أن تبدأ القوات الروسية بما تفعله حالياً في أوائل أبريل، وهو التركيز على الشرق في دونباس كحد أقصى، يليه، أو بالكثير يتزامن معه، مهاجمة الجنوب المطل على بحر أزوڤ وتطهير كافة الأراضي في المنطقتين. ثم تنهي القوات الروسية أعمالها بما بدأت به في الحقيقة، وهو تطوير الهجوم غرباً عبر خاركيڤ وحتى كييڤ شمالاً، (والأرجح أو كلاهما معاً) عِبر دنيبرو وزابرزاجيا وخيرسون حتى ميكولايڤ وأوديسا جنوباً، كمراحل تالية ونهائية للعملية.

وحالة تنفيذ هذا التسلسل في نشر القوات وتركيز الجهود وترتيب المهام منذ بداية العملية، كان من المفترض أن تتجنب القوات الروسية خسائرها في الأفراد والأسلجة والمعدات أيً كان حجمها، سواء ما أعلنته روسيا أو غيرها، كذلك كا من المفروض أن تتجنب الوقت الطويل الذي استغرقته في قتال متعدد الجهود، الأمر الذي أنهك روسيا بتكاليف مادية ومعنوية باهظة.

من ناحية اخرى، لاحظت ظهور بُعد "فريد"، من وجهة نظري على الأقل، في العمليات النفسية في الحرب الروسية الأوكرانية، حيث يقوم الجنرالات الأمريكيين والبريطانيين السابقين المعروفين، كقادة القيادات العسكرية الأمريكية وقادة قوات الناتو السابقين وغيرهم، بعرض توضيحات وتحليلات استراتيجية وتعبوية وتكتيكية دقيقة للغاية للقوات على الأرض، يشرحون فيها بالتفصيل أوضاع القوات ويركزون بدقة على كل ما هو سوء استخدام للقوات الروسية على مستوى الوحدة الفرعية والوحدة الفرعية الصغرى، وكذا أخطاء تدفق الإمدادات والانسحاب وغيرها من تفصيلات دقيقة.

في المقابل، تجد تحليلات القادة الروس الكبار السابقين المرسلة للإعلام والرأي العام الروسي وكذا للإعلام والرأي العام الخارجي الداعم لروسيا، وتحليلات القادة غير الروس الداعمين للموقف الروسي بمختلف جنسياتهم ولغاتهم، والتي تركز على استعراض العظمة الروسية وحماية روسيا لهيبتها، والمتمثلة في قوتها وغموض تفكيرها واستراتيجيتها بعيدة المدى، حيث تتسم تحليلاتهم في المجمل بلا استثناء بالعمومية والجمل الاستراتيجية الرنانة والفصيحة لدرجة غير مفهومة في بعض الأحيان، وأحياناً دون سند تعبوي أو تكتيكي متماسك يمكن لمسه على الأرض. وهو ما يستغله نظرائهم الغربيين بحرفية ومكر شديدين، حيث يركزون على مواطن ضعف قرارات القادة وتخطيط القيادات وأداء القوات الروسية على الأرض ويضربوهم بهذه التحليلات في مقتل، في الوقت الذي يركز فيه المحللون الروس على مواطن القوة الروسية واستمرار الغموض الذي ينكشف مع الوقت.

ونجد أن رد القيادة السياسية والعسكرية الروسية والخبراء الروس والمؤيدين يتركز في أمر واحد، وهو تكذيب الجانب الغربي بأن المعلومات التي يستند لها الخبراء الغربيين والإعلام الغربي في تحليلاتهم عن الأوضاع العسكرية للجانبين غير حقيقية، ولكنهم لا يقومون بتكذيبهم بتحليلات مضادة على نفس المستويين التعبوي والتكتيكي بنفس الدقة ونفس التفصيلات، فتضيع جهود تكذيبهم لهم سدى.

وبطبيعة الحال، ستلاحظ أن جمهور روسيا مختلف، جمهور في معظمه يقبل ما يقال له، بل ويبحث عن المبررات لإنجاحه دون بث دقيق وإبداء أسئلة أو اعتراض، خاصةً أنه مشحون بالكراهية تجاه الخصم الذي لا يمكن أن يكون في وضع أصح أو وضع يجعله فائزاً أبدأ، حيث أنه يمثل في الأذهان جانب الشر.

 

لواء دكتور ســـيد غنـيم

أستاذ زائر بالناتو والأكاديمية العسكرية ببروكسل


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة