أشرف غراب
أشرف غراب


أشرف غراب يكتب: خد بالك.. الجماعة القُبح صوتًا وصورة

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 25 أبريل 2022 - 07:49 م

حتمًا سيأتى اليوم الذى تتحدَّث فيه أجيالنا عن التاريخ الأسود للجماعة الإرهابية، بعد أن وثَّقت العدسات والتسجيلات جرائمهم صوتًا وصورة، وقد كانت الإمكانات والإمكانيات من قبل لا تسمح أو عاجزةً عن التأريخ للمشاهدة والاستماع، لعدم دخول التقنيات الحديثة إلى بعض دولنا النامية التى كانوا يتخذونها مرتعًا ومقارًا لعملياتهم الإرهابية الخسيسة، ومخططاتهم العدائية الدنيئة التى تتعدى المساحة التى يقيمون عليها، لتنفيذ أجندات إما مدعومة من كيانات وجهات خارجية تعمل معها على إنهاك تلك البلدان بهدف تدميرها، أو تقسيمها كقطع الشطرنج لتُحرِّكها كيف تشاء، وإما لرفع الراية السوداء فوق أراضيها؛ لممارسة حكم الخلافة المزعوم، والشريعة التى ابتدعوها من أدمغتهم والتى لا تمت للدين الإسلامى الوسطى بأى صلة، اللهم إلا آيات قرآنية مقتطعة من سياقها تخدم أهدافهم الخبيثة، وأحاديث ضعيفة السند، أو مختلقة على قائلها، تجعل السامع إليهم ينجر خلفهم دون أن يعلم، حتى وضحت الرؤية وانكشفت الحقائق وزال الغمام من الأعين، وأصبح الضرير يرى.


جماعة ظهرت فى نهاية عشرينيات القرن الماضى، على أنها دعوية المنهج، بين عشية وضحاها تنقلب رأسًا على عقب، وتُخرج للجميع لعابها، بارزةً أهدافها التى نشأت من أجلها سرًا، والتى تمثَّلت بإقحام الدين فى السياسة، وعدم الاعتراف بالدول والسيادة عليها، وكفرها بالحكومات والقوانين والشعوب، وتبنيها رؤية الخلافة والوصاية على الدول العربية والإسلامية، وتطبيق الشريعة التى تعرفها، والتى لها مبادئ بخيالاتهم ما أنزل الله بها من سلطان، كجعل المرأة للنكاح فقط، حتى فى جهادها، وهى التى لا يجوز أن تتقلَّد المناصب أو تخرج من بيتها، وليس عليها إلا المكوث فى البيت ومن ثمَّ السمع والطاعة، وبالنسبة للرجال فمن لم يكن معهم فهو عليهم يجب إقامة الحد عليه، كما لا يصلح أن يتولى الوظائف أو يكون فى المؤسسات وإن كان يملك من العِلم والكفاءة ما يُؤهِّله لذلك، والعضو بالجماعة مُفضَّلٌ عليه، وبإمكانه أن يكون رئيسه ويتولى أمره، كما لا حاجة للجيوش ولا للقضاء أو رجال الأمن، فيكفى أن يكون هناك مرشدٌ أعلى يُطيعه الجميع، ومن يخرج عليه فهو خارج عن الملة والحاكم، يجب قتاله وإعادته لصوابه وإلا حُكم عليه بالقتل، طبقًا لقوانين مكتب الإرشاد وأعرافه!!


مارست جماعة الإخوان منذ تأسيسها وحتى اليوم شتَّى أنواع التسلُّط والجرائم لبلوغ أهدافها، اغتيالات لرجال السياسة والقضاء والجيش والشرطة والمدنيين، وحاربت قطاعات عريضة من المؤسسات الوطنية، فهى لا تعرف الفن ولا الثقافة ولا شيئًا فى عُرف العالم يُسمَّى القوى الناعمة، كلها بالنسبة لها مُحرَّمات لا ينبغى مشاهدتها ولا الإنصات إليها وإن كانت هادفة، وأنكرت على البلاد التى تعيش على أراضيها مؤسساتها الدينية الرسمية، وارتأت مناهجها غير ذى نفعٍ، وعلماءها خدم السلطان، ومبانيها تحتاج للهدم، كونها لا تعترف بأئمة الإخوان، ولا قادتها، وإنما تغرف من المذاهب القديمة والتراث البالى، حسب اعتقادها، وشيوخها وأساتذتها يتبعون الدولة التى لا تعترف بها، كما لا يجب أن يكون للقطب الآخر مكان على أرض طالما هم عليها .. في نظرهم آثار الأجداد تماثيل وأحجار وأوثان، لا يجوز تركها قائمة، لأنها تدعو للكفر، وغيرها من السخافات التى ملأت صحائف أعمالهم بالردة والضلال، وأحادية الفكر والرجعية والتخلُّف، ما جعلهم صفحة سوداء مرئية فى وضح النهار لكل عاقل يفهم ويُدرك حكمة الله من خلقه.

 

لم تكتفِ جماعة الإخوان بنشر بذور الفساد والإفساد والقتل والعنف فى بلدٍ عربى وإسلامى، وإنما بلغ مداها الشرق والغرب، حتى خُيِّل للقاصى والدانى أن هذا هو الإسلام ومنهجه وديدنه، ولكثرة الجرائم التى اقترفوها، قامت دول عديدة بوصم الإسلام بالعنف والتطرف، وتمت محاربة كل ما هو مسلم فى أغلب بلدان العالم، ورغم قيام أتباع الدين الوسطى بإيضاح الصورة فى بعثات تخرج من دياره السمحة كالأزهر الشريف ومنظمة العالم الإسلامى، وبعض المراكز والجامعات الدينية المعتدلة فى أرجاء المعمورة، إلا أن أبواقهم القابعة خلف الشاشات، وأذرعهم المخرِّبة المنتشرة حول العالم، سرعان ما تطمس المعالم وتُعيدنا للمربع صفر، وإن كانت هناك دولٌ تنبَّهت وقامت بحظر أنشطتها وكياناتها ومؤسساتها على أراضيها، إلا أن هناك من يزال معمى بسوء النية، أو مضحوكًا عليه بطرق المظلومية، ذلك المنهج الذى يتبعه أعضاؤها كلما اقتربت الأغلال من أيديهم، أو طافت الحبال حول أعناقهم، وكما يقول المثل المصرى، ضربنى وبكى، وسبقنى واشتكى!!

 

فكر الإخوان لم ولن يتغيَّر، لأنه عقيدة ومنهج ورسالة تعاهد عليها أتباعها، والناظر لدولة مثل مصر أرض الحضارة والتاريخ، ومهد الأنبياء والرسالات، وبلد الأزهر والكنيسة، ومقامات الصالحين والأولياء والتى بها المساجد والكنائس وفيها الشيوخ والقساوسة، والعلماء والعباقرة، يعلم رغم حجمها ووزنها من العلم والمعرفة كم عانت من هذه الشجرة الخبيثة، ويكفى مشهد دموية السادات صاحب نصر أكتوبر 73، رأس الدولة الذى حارب الصهاينة وهو صائم، وشهداء أم الدنيا من الرموز الوطنية، وجنودها البواسل الذين يحرسون تراب الوطن وسماءه، كثيرون وخير دليل، والأوكار التى زرعوها فى سيناء ومسمياتها، وببعض الدول العربية والإسلامية فى ليبيا وسوريا وتونس واليمن والسودان، والكويت، وغيرها، تمهيدًا لقلب الأنظمة فيها، وبالتعاون مع جهات أجنبية لعودتها للسيطرة، والاستعمار، والتولى عليها كأداة له فيها، وقد عاشت مصر عامين تحت نيرانهما بدءاً من 2011، وحتى توليهم الحكم لمدة عام وإزاحتهم عن السلطة فى ثورة 30 يونيو عام 2013، عندما خرج الشعب عن بكرة أبيه، ليطردهم، بعدما فعلوا به ما لا يفعله عاقل لإبادتهم، واستبدالهم بأنصارهم وحلفائهم من الأمريكان والإسرائيليين، والحركات الجهادية التى تُقاتل معهم، مناصرةً لهم ولمنهجهم الشيطانى، إلى أن انقض عليهم الشعب، وبمساندة قواته المسلحة، ورجاله الوطنيين زج بهم إلى السجون؛ ليحاكموا على جرائمهم التى ارتكبوها بحق وطنهم.

 

ختامًا أود التنويه إلى العمل الكبير الذى أنتجته مصر، وهو مسلسل "الاختيار 3"، ذلك الإبداع الوطنى، الذى سبقه جزآن آخران عُرضا على مدار العامين الماضيين، وجميعها أخبرت العالم أجمع بما حدث قديمًا وحديثًا وما كان سيحدث فى ظل وجود الإخوان بمفاصل الدولة والمنطقة وبعض الدول العربية والإسلامية ودول أوروبا أيضًا، ولأول مرة تفتح الدولة المصرية خزائن أسرارها صوتًا وصورة؛ لتعرض غيضًا من فيضٍ ما كان يدور فى أروقة الإخوان وعلى ألسنة رموزهم، ومن رئيس الدولة المنتمى إليهم، من تهديدات، ووعيد واستقواء بالخارج، وإنصاف لعدو، وتعهدات بتنازلات عن الأرض والعرض، وقائمة اغتيالات مُعدَّة سلفًا، ومرحلة إقصاء واسعة النطاق كانت تُجرى فى الأفق، وإطلاق سراح عناصر إرهابية موالية لهم، والتى سبق وألقت الدولة القبض عليهم فى جرائم قتل وتطرف وعنف، واعتداء على المنشآت الشرطية ورجال الجيش والمدنيين، وقتل مجموعة كبيرة منهم، وبعد الرؤية لم يعد هناك مجال للشك أو المواربة، فالتسريبات أدت المطلوب، والذى كنا بحاجة إليه منذ أكثر من 90 عامًا، ليرى العالم قُبح الإخوان، الذى ظل حبيسًا إلى أن جاءت لحظة الحسم.. ليعرف الجميع من هم جماعة الإخوان.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة