سعد نصار
سعد نصار


قضية ورأى

التكامل الزراعى العربى

سعد نصار

الأحد، 01 مايو 2022 - 09:54 م

أظهرت الأزمات الإقليمية والدولية المعاصرة مثل التغيرات المناخية الدولية وجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية أهمية الحرص على زيادة انتاج الغذاء محليا نظرا لارتفاع أسعاره العالمية من جهة ولأن الدول الكبرى المصدرة للغذاء تضع قيودا على امداداتها الغذائية للدول المستوردة من جهة اخرى. وتعتبر الدول العربية من اكبر الدول المستوردة للغذاء حيث تبلغ الفجوة الغذائية العربية حاليا حوالى 42 مليار دولار سنويا وتشمل منتجات الحبوب والسكر والزيوت واللحوم والألبان. وتبلغ نسبة الاكتفاء الذاتى فى مجموعات الحبوب والسكر والزيوت فى الدول العربية 56%،34%،28% فقط على التوالي.
وان قضية الغذاء فى الوطن العربى يمكن مواجهتها كمجموعة بطريقة افضل من مواجهتها فرادى نظرا لان الموارد الاقتصادية الزراعية العربية من ارض ومياه وموارد بشرية ورأسمالية وتكنولوجية وإدارية ليست متوازنة داخل كل دولة عربية على حدة فى حين انها متوازنة داخل الوطن العربى ككل. وانه من خلال التنسيق والتعاون والتكامل الزراعى العربى يمكن استغلال الموارد الاقتصادية الزراعية العربية المتاحة للاستخدام الأمثل ويمكن للدول العربية ان تصبح ليست فقط مكتفية ذاتيا من الغذاء وانما مصدرة صافية له.
كما ان التنسيق والتعاون والتكامل الزراعى العربى يصب فى صالح جميع الدول العربية وليس فى صالح دولة أو مجموعة دول عربية بعينها وقد أوضحت الأزمات الإقليمية والدولية المعاصرة ان الأموال ليست بديلة عن الغذاء فالأموال لا تضمن الحصول على الغذاء بالاستيراد فى أوقات الأزمات الإقليمية والدولية.
وان التنسيق والتعاون والتكامل الزراعى العربى يتطلب التنسيق بين استراتيجيات وسياسات وخطط وبرامج ومشروعات التنمية الزراعية فى الدول العربية والاستفادة من مبدأ التخصص فى الإنتاج وفقا للمزايا النسبية والتنافسية فى كل دولة وكذلك إقامة البرامج والمشروعات الاستثمارية الزراعية العربية المشتركة فى مجالات الانتاج الزراعى النباتى والحيوانى والداجنى والسمكى والرى ومستلزمات الانتاج الزراعى والتصنيع الزراعى والنقل والتخزين والتسويق والتجارة الزراعية. ويساعد فى تحقيق ذلك تسهيل انسياب وتبادل المنتجات الزراعية بين الدول العربية وبدون عوائق فى اطار منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والتى أسسها مجلس الوحدة الاقتصادية العربية فى عام 2005.
وإننا إذ ننادى بأهمية التنسيق والتعاون والتكامل الزراعى العربى فإننا لا ننطلق من موقف عاطفى وانما من منظور علمى مبنى على دراسات جدوى فنية وتسويقية ومالية واقتصادية تفصيلية. فقد أعدت المنظمة العربية للتنمية الزراعية وهى احدى منظمات جامعة الدول العربية ومن خلال فرق بحثية تضم خبراء واقتصاديين زراعيين مصريين وعرب، دراسات متميزة عن مسار ومستقبل الغذاء فى الوطن العربى وكذلك عن برامج ومشروعات التكامل الزراعى العربى من اجل الاستخدام المستدام للموارد الاقتصادية الزراعية العربية وتحقيق الأمن الغذائى العربى.


          ومن الجدير بالذكر ان الدول العربية قد بدأت فكرة التكامل الاقتصادى وانشاء سوق عربية مشتركة فى نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن الماضى ومبكرا عن الدول الأوربية إلا ان الدول الاوربية قد سبقتنا فى اجتياز مراحل هذا التكامل بدءا من المعاملة التفضيلية ومرورا بمنطقة التجارة الحرة والاتحاد الجمركى ثم السوق المشتركة وأخيرا الوحدة الاقتصادية او الاندماج  الاقتصادى فى حين ان الدول العربية لم تتعد سوى مرحلة المعاملة التفضيلية ومنطقة التجارة الحرة ومازلنا فى مرحلة انشاء الاتحاد الجمركى العربى.
أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة
محافظ الفيوم الأسبق


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة