هالة العيسوي
هالة العيسوي


من وراء النافذة

التوثيق مهم.. حتى لاننسى

هالة العيسوي

الأربعاء، 25 مايو 2022 - 05:28 م

تستهوينى مشاهدة الأفلام التوثيقية، ولاسيما تلك التى تحتوى على شهادات حية لمن عاصروا الأحداث أو شاركوا فى صنعها، ولا تكتفى بعرض مقاطع فيلمية مصورة مع تعليق صوتى عليها. أهمية هذه الأفلام تكمن فى الاحتفاظ بوقائع الماضى القريب حية فى أذهان الناس على مدى أجيال قادمة، حين يبتعد الماضى ويصبح مجرد ذكرى تجرى فى بضعة سطور فى المناهج الدراسية، وقبل أن يحين أجل الشهود وتطوى الحقائق كطى السجل. هنا لابد أن أوجه التحية للمجموعة 73 مؤرخين من أبطال حرب أكتوبر 73، التى أنتجت عدة أفلام  وثائقية عن بطولات الجيش المصرى ومقاتليه، وعن العمليات الناجحة التى مهدت للنصر العظيم، والمواجهات الشرسة التى جرت مع العدو الإسرائيلى آنذاك.

من أخطر ما شاهدت مؤخرًا  الفيلم الوثائقى « حتى جلودهم»من إنتاج وزارة الإعلام الفلسطينية عن أحد أنماط جرائم الاحتلال الصهيونى بسرقة أعضاء جثامين الشهداء الفلسطينيين الذين تحتفظ  بهم إسرائيل. واعتراف الأطباء الإسرائيليين بالحفاظ على شكل الجثمان كاملًا ظاهريًا، لكن الحقيقة انهم يسرقون القلوب والصمامات، والأكباد ومقل العيون ويغلقونها بالغراء حتى لا تنفضح الجريمة، وحتى الجلود يسلخونها ويحرصون على أن تكون من ظهر الشهيد حتى لا تتبين الأسر ما حدث لجثمان ابنهم. وتعترف إحدى الطبيبات بأن لديهم ما يعادل 170مترًا مربعًا من جلود الشهداء. افتضح أمر بعض هذه الجرائم حين اكتشفت الأسر وجود غرز جراحية فى جثامين أبنائهم. واعترف المدير السابق لمعهد الطب الشرعى الإسرائيلى بأنه استخرج بعض الأنسجة والأعضاء من جثامين الشهداء الفلسطينيين أثناء عملية تشريح الجثث. ومع أن إسرائيل اعترفت باحتجاز جثامين الشهداء وتشترط عدم تسليمها إلا للتشييع دون إجراء تشريح فلسطيني، ورغم مخالفة كل ذلك للمواثيق والقانون الدوليين، وتناول العديد من وسائل الإعلام الدولية لهذه الجرائم، إلا انها لم تتعرض لأى عقوبة دولية. لعل ذلك أحد أسباب رفض السلطة الفلسطينية تلبية طلب إسرائيل بتشريح الجثمان حتى لا تضيع معالم الجريمة.

من الأفلام الوثائقية الرائعة التى تسنى لى مشاهدتها مؤخرًا الفيلم المصري» طابا» من إنتاج وحدة الأفلام التوثيقية لقناة دى إم سى عن معركة استرداد طابا،  الذى تناول أسرار ووثائق وخرائط وشهادات خاصة بقضية استعادة مدينة طابا، وهى الوثائق التى عُرضت لأول مرة. استضاف الفيلم مجموعة من أعضاء هيئة الدفاع المصرية عن طابا وهى شخصيات نادرًا ما تتحدث فى الإعلام، من بينهم جورج أبى صعب أستاذ القانون الدولي، و د. نبيل العربى مقرر اللجنة القومية لاستعادة طابا وممثل الحكومة المصرية فى المفاوضات ووزير خارجيتها ورئيس جامعة الدول العربية الأسبق، وكذلك د. مفيد شهاب أستاذ القانون الدولي، واللواء بحرى محسن حمدى رئيس اللجنة العسكرية التى أشرفت على الانسحاب الإسرائيلى من سيناء بعد معاهدة السلام، وأحد المفاوضين الأمريكيين وهو د.أبراهام صفير المستشار القانونى للخارجية الأمريكية فى ذلك الوقت.

لا يمكنك وأنت تشاهد هذا الفيلم سوى أن تشعر بالزهو والفخار، إزاء التصميم المصرى على استعادة الحق، والدقة والحنكة فى تناول الأزمة وسياسة النفس الطويل التى أوصلتنا للفوز بالتحكيم.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة