هالة العيسوي
هالة العيسوي


من وراء النافذة

مبادرة « وليستعفف»

هالة العيسوي

الأربعاء، 01 يونيو 2022 - 06:29 م

جذب انتباهى الإعلان فى إذاعة القرآن الكريم عن نبأ مبادرة فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر تحت شعار «وليستعفف». وهى مبادرة سيقوم بتنفيذها مجمع البحوث الإسلامية ضمن حملات التوعية المباشرة للوعاظ والواعظات بما ينعكس إيجابًا على تحقيق السلم المجتمعى ونشر الفضائل والقيم الإيجابية والحسنة بين الناس ومواجهة الانحرافات السلوكية فى المجتمع.

راقت لى فكرة المبادرة فهى تأتى ضمن مبادرات عديدة وفتاوى تؤكد اشتباك الأزهر الشريف مع قضايا المجتمع، لنشر الفهم الصحيح للدين بعيدًا عن الفتاوى والأحكام المتطرفة والعادات الاجتماعية الموروثة التى تنافى أحكام الإسلام.

هذا النوع من المبادرات مهم من أجل المحافظة على المجتمع المصرى وحمايته من كل محاولات العبث بأمنه واستقراره، ولمواجهة التحديات التى تحول دون انتشار القيم الإنسانية والفضائل بين الناس.

أهمية هذه المبادرة تحديدًا تكمن فى توقيتها، بينما نشهد معاناة المجتمع من بعض المشكلات والسلوكيات المنحرفة فى الواقع المعيشى نتيجة لانتشار بعض الأخلاق والأفكار المذمومة، التى تشى بعدم إدراك عموم الناس للأساس الأخلاقى والإنسانى لأحكام الدين واقتصار فهمهم للتدين على أنه المواظبة على أداء العبادات المفروضة. فترى من يواظب على الصلاة لكنه يقبل الرشوة، ويكرر الحج كل عام لكنه يستحل حق النساء فى الميراث، ومن يحرص على صلاة الجمعة ليفوز بثواب الجماعة ويسمح لنفسه بالتحرش بأنثى بحجة عدم قدرته على الزواج أو العدوان عليها بحجة عدم التزامها بالزى الإسلامي. بحجة أن الحسنات يذهبن السيئات.
الأزهر يرى - وبحق - ضرورة التعفف عن الرذائل والبعد عن الخلاعة والمجون والتمسك بالعفة والفضيلة، التعفف عن الدياثة والتحلّى بالرجولة والكياسة، التعفف عن التضييق على الناس والمغالاة فى المهور والتحلى بالوسطية والاعتدال والتيسير عليهم، التعفف عن دعم الانحرافات الفكرية والسلوكية والتحلى بالفطرة السوية.

بالمناسبة لقد ورد ذكر مبدأ التعفف  فى القرآن الكريم ثلاث مرات: «من كان غنيا فليستعفف» فى أموال اليتامى، و«فليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يغنيهم الله من فضله» فى الزواج بالحث على الصبر وغض البصر، و «للفقراء الذين أحصروا فى سبيل الله لا يستطيعون ضربا فى الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم» فى عدم السؤال بإلحاح والتسول (بمفهومنا المعاصر)
لأهمية هذه المبادرة فى ضبط كثير من المفاهيم الغائبة والغائمة، أرى عدم اقتصارها على ما يبدو انه دورة تدريبية للوعاظ لمدة أسبوعين، فمن الواجب أن تمتد هذه الدعوة لتصبح جزءًا أصيلًا من برامج تدريب وتوعية الدعاة والمعلمين وكل من له صلة بتوجيه الرأى العام.

فلكى تؤتى مثل هذه المبادرات ثمارها، ثمة ضرورة لتضافر كل أجهزة الدولة من وزارة الأوقاف لنشر هذه المفاهيم على لسان خطباء المساجد، ووزارة التعليم لتضمينها فى مناهج التربية الدينية، وتسليح المعلمين بها ليكونوا قدوة حقيقية لتلاميذهم، وأجهزة الإعلام لإدراج هذه المفاهيم فى برامج التوعية الدينية.
الأزهر عمود رئيسى من أعمدة البناء المجتمعي، ومرجع مهم لفهم الدين الصحيح بوسطيته لمن أراد أن يستعين به.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة