مؤمن خليفة
مؤمن خليفة


بدون أقنعة

مسرح العرائس

مؤمن خليفة

الأحد، 19 يونيو 2022 - 08:12 م

بين يدىَّ كتاب مهم جدا عنوانه «مسرح العرائس.. أصله وفصله» للكاتب والإعلامى زياد فايد يتناول فيه نشأة الأراجوز كفنّ درامى وأنه لم يترك مكانه بسهولة لفن السينما وإنما ظل يتعايش معها حتى الستينيات من القرن الماضى خاصة فى الحوارى الشعبية وفى القرى التى لم تدخلها الكهرباء وانسحب من حياتنا اليومية مع دخولها ليصبح فنا مستقلا بذاته وهو «مسرح العرائس». ودخلت الشخصية الأراجوزية إلى السينما عبر الكوميديا المسرحية وشخصياتها النمطية الكاريكاتيرية ويضرب مثلا بالفنان الراحل نجيب الريحانى والفنان الراحل على الكسار..

كما يتناول فيلم «الأراجوز» للمخرج الكبير هانى لاشين وبطولة الفنان العالمى عمر الشريف كنموذج مهم لاستخدام الأراجوز فى انتقاد بعض الأوضاع بصوته الحاد وتعليقاته الساخرة ويقدم رأيه صراحة فى بعضها وهكذا كان فن الأراجوز منذ ظهوره ناقدا للكثير من القرارات باحثا عن دور تنويرى فى المجتمعات. ثم يتناول مسرح «خيال الظل» أقدم أشكال الدراما المسرحية العرائسية حيث كانت بداياته فى أواخر حكم الفاطميين فى مصر وبلغ ذروته فى عهد الظاهر بيبرس وارتبط بواحد من أهم داعميه محمد دانيال صاحب «بابات» دانيال ومؤسس هذا الفن فى مصر الإسلامية.
ومن خيال الظل إلى مسرح الدمى وهو فن مسرحى قديم جدا يعود أصله إلى الثقافة الآسيوية القديمة وازدهر فى البلاد العربية بعد سقوط الأندلس نهاية القرن الثالث عشر وكان وسيلة لتسلية الناس دون الاحتكاك بالحكام ويعد الفنان الراحل محمود شكوكو من أشهر فنانى «مسرح الدمى» فى عصرنا الحديث.. ويؤكد المؤلف أن فن العرائس أو الماريونت هو فنى مصرى قديم ولد فى القرن الخامس قبل الميلاد وهو ما سعى إلى إثباته الفرنسى شارل ماتيه عام 1862 فى كتابه «تاريخ الماريونت» حيث أكد أن قدماء المصريين كانوا أول من توصل إلى فن العرائس وكان حجم العروسة يعكس مكانتها الاجتماعية فكانت العرائس التى تمثل الكهنة والآلهة والملوك والأمراء أكبر حجما وتميل إلى الضخامة وثقل الحركة والوقار بينما تلك التى تمثل عامة الشعب والخدم فكانت أصغر فى الحجم وتشبه وجوه المهرجين.. ويشير زياد فايد إلى أن الكهنة كانوا يشرفون على تقديم العروض فكانت زاخرة بالوعظ والإرشاد وأن هناك بعض النصوص على برديات اكتشفت فى حفريات بالزقازيق والجيزة والإسكندرية.. ويشير إلى أن أنطونيو اعجب بفن خيال الظل عندما شاهده فى الإسكندرية.


ويتناول الكتاب حكاية إنشاء مسرح العرائس بقرار من الرئيس جمال عبد الناصر عام 1960 وبدء نهضة مصر الفنية فى هذا الفن ومن ثم تقديم عرض العرائس الكبير «الليلة الكبيرة» الذى ما يزال يقدم حتى اليوم وهو من ألحان سيد مكاوى وتأليف صلاح جاهين وعرائس الفنان التشكيلى الكبير ناجى شاكر أبو العرائس المصرى.. بصراحة هذا الكتاب من الكتب الشيقة الممتعة وهو من إصدارات المهرجان المسرحى الدولى لشباب الجنوب برئاسة الزميل والصديق هيثم الهوارى.


لكننى كنت أتمنى من المؤلف أن يخصص فصلا كاملا عن مسرح العرائس الآن خاصة مع ظهور أجيال جديدة من فنانى العرائس وكذلك دخول التكنولوجيا الحديثة كعامل مهم فى تطوير العروسة والمنافسة الكبيرة مع مسارح العرائس فى دول شرق أوروبا وهى الدول الأكثر تميزا على مستوى العالم فى تقديم فن العرائس.. وأتذكر أننى قبل نحو 12 سنة شاهدت عرضا للعرائس من بولندا فى المهرجان الدولى للمسرح التجريبى وكان عرضا عبقريا ومبهرا بكل المقاييس.. أما عن مسرح العرائس فإنه يتطور بصورة مستمرة وله برنامج شهرى طوال العام ويتولى إدارته المخرج محمد نور أحد أبناء هذا المسرح العريق وأن هذا المسرح يلقى رعاية كبيرة من المخرج خالد جلال رئيس قطاع الإنتاج الثقافى والمخرج إسماعيل مختار رئيس البيت الفنى للمسرح.

 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة