عبدالله البقالى
عبدالله البقالى


حديث الاسبوع

المواد الاستهلاكية بريئة من ارتفاع أسعارها

الأخبار

السبت، 06 أغسطس 2022 - 06:42 م

ارتفاع أسعار المواد الأساسية الغذائية منها وغيرها، خلال الشهور القليلة الماضية، واستمرار مؤشرات هذه الأسعار فى الارتفاع فى العالم بسبب التطورات المتلاحقة التى تستجد فى الساحة الدولية، وعدم وجود أية مؤشرات حقيقية لكبح جماح هذا التغول فى الأسواق العالمية، بقدر ما يطرح إشكاليات حقيقية مستعصية، فإنه يطرح أيضا ركاما من الأسئلة الحقيقية الحارقة حول الأسباب الحقيقية التى قد تكون مختفية وراء ستار التطورات الأخيرة المتهمة لوحدها بالتسبب فيما يجري. لأن جميع الأجوبة الحالية التى يتم التسويق لها لإقناع عامة الناس بشرعية ما يحدث لا تبدو مقنعة فى نظر العامة. وتجد شكوك مشروعة حول الأسباب الحقيقية لها مساحات شاسعة فى انشغالات واهتمامات الناس.

فالواضح على سطح التطورات أن ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الغذائية والطاقية منها تعود إلى الحرب الدائرة رحاها فى أوكرانيا، وفى هذا الصدد تكشف منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE) فى تقرير حديث لها أن الارتفاعات الحالية ضاعفت التوقعات التى حددت فى بداية السنة الخارجية، والتى وصلت حاليا إلى نسبة 8٫5 بالمائة  وهى نسبة لم يعرف الاقتصاد العالمى مثيلا لها منذ سنة 1988 حينما هزت الأزمة المالية العالمية عرش اقتصاديات العالم، وأن ربع دول العالم عرفت إلى غاية الثلث الأول من السنة الحالية زيادات فى هذه الأسعار وصلت نسبتها إلى 5٫5 بالمائة، بل وأن نسبة هذه الزيادات تجاوزت فى بعض الحالات سقف 80 بالمائة. وتجمع الأوساط الاقتصادية المختصة على أن الأزمة الحالية تكتسى خطورة أكبر وأقوى لأنها ترتبط هذه المرة بالتزويد من المواد الاستهلاكية فى ظل أوضاع تتميز بحجم عرض يقل عن الطلب المتوفر، وهو العنصر الذى يحد من هامش وإمكانيات تدخلات الحكومات فى سبيل توفير حلول لها، خصوصا بالنسبة للدول النامية وذات الدخل المحدود والضعيف التى تواجه تحديات إضافية تتمثل فى فشل البرامج المستعجلة التى اعتمدتها لمواجهة تداعيات الأزمة الصحية التى اجتاحت العالم، حيث تجد نفسها اليوم فى حاجة إلى جهود إضافية والى برامج بديلة للتفاعل مع التغيرات المستجدة، بما يؤشر على أن الأزمة، بالنسبة لهذه الدول، مرشحة للاستفحال. ويكشف صندوق النقد الدولى فى تقرير له فى هذا الصدد عن معطيات مخيفة حينما يؤكد أن هذه التطورات ستلقى بـ 23 مليون شخص إضافى من منطقة السوق الأوسط وأفريقيا إلى منطقة تحت عتبة الفقر، وأن زيادة واحد بالمائة فى أسعار المواد الاستهلاكية تضيف ما مجموعه 500 ألف شخص إلى شريحة الفقراء.

ويضيف الخبراء الاقتصاديون إلى كل ما سبق تزامن هذه الأزمة مع وجود إكراهات اقتصادية واجتماعية التى تكبح جماح البحث عن الحلول وتحد من جهود التصدى والمواجهة، من قبيل أن كثيرا من الدول التى تعانى معاناة حقيقية من تداعيات ارتفاع الأسعار من تأثيرات حجم المديونية المرتفع، خصوصا وان 30 بالمائة من هذه الدول تواجه حالة إفراط قوى فى المديونية الخارجية أو أنها قريبة جدا منها، ويكشف صندوق النقد الدولى أن هذه الحالة تزداد استفحالا بوتيرة يومية بسبب الارتفاع المتواصل فى أسعار الفائدة، ويستدل (Institute of international finance)، أحد أكبر تجمعات الدائنين الخواص على ذلك بأن 75 بنكا مركزيا من مختلف دول العالم زاد خلال الفترة الماضية فى معدلات هذه الفائدة، كما وكشف أن التطورات السلبية الأخيرة تسببت فى هروب عشرة مليار ونصف مليار دولار من الاستمارات نحو الخارج، وو هو هروب تم فى فترة وجيزة غير مسبوقة. وأن السندات الحكومية الطويلة الأجل ارتفعت خلال نفس الفترة بنسبة عالية بالنسبة لجميع الاقتصادات المتقدمة، ويرى المعهد أن هذه المستندات ستتسبب من جانبها فى الرفع من درجات العزوف عن المخاطرة ويؤثر سلبا على التدفقات الواردة من البلدان النامية.

إن الأمر يتعلق باستفحال الليبرالية المتوحشة التى تستثمر فى مآسى وأزمات البشرية، وتتيح لأثرياء الأزمة الإفراط فى الاستنزاف والاستغلال. فالعرض، وإن كان محدودا ما كان ليتسبب فى ارتفاع الأسعار لولا وجود أوساط وكيانات تستغل الظروف لفرض هذه الزيادات، غير آبهة بتأثيراتها على مستويات عيش الناس، ولا بتداعياتها على الاستقرار السياسى العام فى مختلف دول العالم.

وحتى اذا تجاوزنا هذه الحقيقة الواضحة، فإنه يمكن القول أيضا إن طبيعة النظام العالمى السائد مسئولة بصفة رئيسية عما يعيشه العالم من جشع وتغول لنظام ليبرالى مفترس، وإن هذا النظام قائم وسائد على أسس هشة ليست قادرة على حماية الضعفاء، وأنها تضمن فقط حقوق ومصالح وأطماع الكبار.

نقيب الصحافيين المغاربة


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة