عبدالله البقالى
عبدالله البقالى


حديث الاسبوع

التــداعيات المؤلمـــــــة

الأخبار

الأحد، 11 سبتمبر 2022 - 08:29 م

عبدالله البقالى

لم يكن أكثر الاقتصاديين تخصصا يعتقد أن أقوى المحركات الاقتصادية فى العالم يمكن أن تتعرض لأعطاب تهددها بالشلل والتوقف. فقد أبانت التطورات التى عاشها العالم خلال السنتين الماضيتين، بعد انتشار الأزمة الصحية العالمية، و بعد اشتعال الحرب الروسية الأوكرانية عن هشاشة كبيرة لأقوى الاقتصادات العالمية، التى واجهت، و لا تزال تواجه، صدمة اقتصادية عنيفة و قوية تتجاوز فى كثير من تفاصيلها قوة و عنف الأزمة المالية التى عرفها العالم سنة 2008 .


وفى هذا السياق لم يعد خافيا أن أقوى الاقتصادات العالمية، خصوصا فى الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية وفى الصين، تواجه خلال هذه الفترة أحلك أيامها، بحيث توجد دول الاتحاد الأوروبى تحت تأثير صدمة طاقة حقيقية، وهى على أبواب فصل يرتفع فيه الاستهلاك الطاقى الى معدلات قياسية، فى حين تتجه مؤشرات أسعار الفائدة إلى الارتفاع بشكل لافت فى الولايات المتحدة، بيد أن الصين تتعرض إلى صعوبات اقتصادية كبيرة عنوانها الأبرز، انتكاسة حقيقية فى قطاع العقار .


فى منطقة اليورو تتميز الأوضاع الاقتصادية بتعقيدات كبيرة وكثيرة تزيدها التطورات خطورة، فمن جهة فهى تواجه انفجارا فى معدلات التضخم، و ارتفاعا مهولا فى أسعار مواد الطاقة، خصوصا فى مادة الغاز الذى تضاعفت أسعاره فى الأسواق الدولية بأكثر من 250 بالمائة، والأخطر من ذلك فدولها قلقة من نفاد المخزون من الغاز وتعذر الحصول على مصادر استيراد و تزود جديدة بعد الإجراءات الصارمة التى اتخذتها موسكو فى إطار الحرب الاقتصادية الموازية للحرب الروسية الأوكرانية. وما يزيد الأوضاع غموضا و صعوبة هو ما يراه المختصون، تشددا مبالغا فيه من طرف البنك المركزى الأوروبى فى مواجهة ظاهرة ارتفاع معدلات التضخم، ويستدلون على ذلك بقرار مسؤوليه المعلن عنه قبل حوالى شهر من اليوم القاضى بالزيادة، ولأول مرة، فى معدلات الفائدة. وفى هذا السياق لا يخفى كثير من الاقتصاديين المتخصصين تأكيدهم بأن منطقة اليورو ستعرف ركودا اقتصاديا قويا فى نهاية السنة الجارية .


أما فى بلاد العم سام، فإن الأوضاع ليست مختلفة عما تعيشه دول القارة العجوز، فإذا كان الخبراء الاقتصاديون يستبعدون تعرض الولايات المتحدة إلى ركود اقتصادى محتمل، فإنها ليست بمنأى عن تداعيات وضغوطات اقتصادية لا تخلو من خطورة، إذ ثمة مؤشرات قوية على صعوبة الظروف التى تجتازها أقوى اقتصاديات العالم. فقد سجل الناتج الداخلى الخام هناك تراجعات متتالية وصلت فى نهاية الفصل الثانى من هذه السنة إلى 0٫4 بالمائة، فى حين ارتفع معدل التضخم إلى 8٫5 بالمائة. ويمكن القول بأن التصريح الذى أدلى به مدير البنك المركزى الأمريكى يلخص كل شيء حينما أكد أن «التداعيات ستكون مؤلمة للأسر و المقاولات ».


الصين برصيد القوة الاقتصادية الذى راكمته خلال السنين الماضية لم تسلم من هذه التداعيات القوية، و أن معدل نمو اقتصادها لم يعرف نظير الهشاشة التى يواجهها حاليا. فالصين التى استحوذت على 15 بالمائة من رواج الصادرات العالمية قبل أكثر من سنة بقليل، بعدما لم تكن تتجاوز هذه النسبة 4 بالمائة قبل سنوات قليلة، ها هى اليوم تتعرض لأحد أقوى الانتكاسات الاقتصادية، حيث تراجع الناتج الداخلى الخام بنسبة 26 بالمائة، وارتفع معدل بطالة الشباب فى الوسط الحضرى إلى 20 بالمائة، وهى معطيات سلبية لم يعتدها الاقتصاد الصيني.
طبعا، لا نملك جوابا مقنعا و واضحا عما إذا كانت أطراف الحرب المشتعلة فوق الأراضى الأوكرانية، والتى يتواجه فيها الغرب مع روسيا، كانت تدرك بصفة مسبقة التكلفة المترتبة عن الحرب، وأنها اتخذت ما يكفى من الترتيبات لكبح جماح التداعيات ؟ أم أنها أعلنت الحرب وورطت نفسها والعالم معها فى أوضاع بالغة التعقيد ستدفع البشرية تكلفتها غاليا جدا ؟
> نقيب الصحافيين المغاربة


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة