أحمد عباس
أحمد عباس


تساؤلات

لا شىء

أحمد عباس

الأحد، 09 أكتوبر 2022 - 08:01 م

هادئ اليوم جدًا أوهكذا شكلى صامت من تلقاء نفسى مادمت أقدر، أما إذا تورطت بمحض إرادتى أو بتدخل آخرين واحتكم الأمر للاشتراك مع الناس سأفعل ذلك بطريقتي، فإذا استطعت الرد بالالتفات فعلت، وإذا تطلب الأمر اهتمامًا رفعت حاجبي، أما لو توجب الرد فـ الله الغني، لا حاجة لى بالاشتباك بمستجدات قديمة، نُعيد إنتاجها فى كل لحظة ونتسول من بعضنا الكلام عنها كل ثانية حتى صرنا نبتزها، مللت للغاية من هذا التكرار المُنضبط.


أعددت حقيبة سفرى ببطء شديد كما لم أفعل من قبل لا يهمنى اليوم إن نسيت شيئًا، المسألة لا تستأهل كل ذلك الاهتمام الذى كنت أبذله، ثم ماذا إذا نسيت شيئًا صدقني.. لا شيء، سأعوضه فورًا أو أتصرف بمنطق البديل أو سأستغنى عنه، وربما أستعيره من صاحب أو حتى أشحته من غريب إذا كان ضروريًا جدًا جربت ذلك كله ونفع، بت ليلة كاملة فى إحدى صالات الترانزيت وأنا أشحت سجائر من المسافرين والعائدين من كل الجنسيات حتى ظننت أننى جربت كل الماركات.. ولم يحدث شيء.


آه.. حقيبتى هذه المرة فوضوية جدًا أعتقد أننى لن أُرتبها مجددًا، أضعت ليالى طويلة كنت أضبط فيها كسرة ساق البنطلون على قرينتها، وأصف الرصات وأُغلِّف الأحذية وألُف الأحزمة وأطمئن على كفاية الجوارب والملابس الداخلية وسماجات أخرى من هذا القبيل، أما الآن فقط فتحت الحقيبة وأتناوب عليها بين ساعة وأخرى، مرة أقذفها بمعجون الأسنان من بعيد، وواحدة أُلقى فيها - من أعلى- رصة الملابس كما وصلتنى من يد رجب المكوجى دون تعديل أو فرز، وهذه أردت فيها تعلم الرماية كما فعلت منذ الصغر وتأكدت من فشلى فى التصويب للمرة المائة ألف.


على أية حال لايزال الوقت طويلًا إذا استمر مرور الليل على هذا النحو، ولن أسمع ضجيج المطار وتزاحم المسافرين وتدافع الطوابير قبل ٧ ساعات من الآن، أجمل مافى المسألة أن الطائرة لن تنتظرنى إذا تأخرت ويكون ساعتها قضاء وقدر، وأنا لا أسعى لذلك ولا أحبه لكن ماذا لو حدث.. اطمئن لا شيء، بعض الأمور نرتاح أكثر لعدم البت فيها ونحتاج تدخل السماء، تعرف.. ننتظر جميعًا دائمًا فعل السماء، فالملل قاتل لما يتملك منك.
أخيرًا وبعد حوالى ثلاث ساعات مضت ساعة واحدة، مايزال الوقت كافيًا لإحراز تقدم ما!، سأضع فرشاة الشعر وخيط الأسنان وأدوية الطوارئ دفعة واحدة فهذه حزمة توضع فى ذات الشنطة داخل حقيبة السفر وهى أغراض شخصية لا أُحبذ استعارتها ولا أحب نسيانها، الأحذية أيضًا مسألة حساسة أصطحب المريح منها هذه المرة لا الأكثر أناقة يبدو أننى أنهيت زمن التظاهر وبت أميل للعملية، الأغنياء والأغبياء وكل المشاهير والنجوم وأصحاب الخبرة يفعلون بالمثل وأنا أقلدهم.. أيهما أفضل أنيقًا أم مرتاحًا، بالقطع الراحة أهم، ثم ماذا سيحدث لو كنت مبهرًا.. صدقنى لا شيء!
ساعة أخرى مرت بالكاد بعد ساعتين من الذهاب والمجيء، حقيبتى تتسع لأغراضى وصدرى لا يتسع لمزيد من الأنفاس، أطلقت زفرة ساخنة جدا كانت بعد انتظار طويل مضنٍ لم أعتده من قبل فى كل مرة غادرت فيها، مكالمة أبى وهو يقول: فاكر ميعاد الطيارة ولا ناسي، يالا يا باشا تروح وترجع بالسلامة.. سلام إلى روحك الآمنة يا أبى والسلام ختام.

 

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

مشاركة