أسامة شلش
أسامة شلش


وقفة

عندما صححنا التاريخ

أسامة شلش

الإثنين، 03 يونيو 2024 - 08:37 م

رفضنا الهزيمة تماماً وعدنا بعد أيام «لنلملم» بقايانا ونعيد بناء القوات المسلحة ونستعد لجولة جديدة من الحرب.

أقف فى بعض الأحيان أمام ذكريات التاريخ أو أقوال وأفعال العظماء وهناك من العبر والمواقف التى لا تمحوها الأيام ولاتنساها الذاكرة. أنا واحد من الناس عشت أيام الهزيمة القاسية فى حرب يونية ١٩٦٧ التى تمر غدا ذكراها الـ ٥٧ - بأيامها السوداء وبكل ما دار فيها منذ اندلاعها فى التاسعة صباح الاثنين ٥ يونيه وحتى خطاب تنحى الرئيس عبدالناصر فى السابعة من مساء يوم الجمعة ٩ يونية، كان الطريق مفتوحًا من سيناء للقاهرة ولكن إسرائيل التى حققت انتصارها بخديعة تدمير الطيران المصرى وتحطيم الجيش لم تستطع أو تجرؤ على الاستمرار فى عدوانها والوصول للقاهرة خوفاً من مواجهة الشعب.


رفضنا الهزيمة تماماً وعدنا بعد أيام «لنلملم» بقايانا ونعيد بناء القوات المسلحة ونستعد لجولة جديدة من الحرب نستعيد فيها ارضنا وكرامتنا، دفعنا فيها الغالى والنفيس من قوتنا ودماء أولادنا وأهالينا فى مدن القناة حتى جاء نصر الله وبصيحة الله أكبر لنعبر فى يوم مشهود يوم السادس من أكتوبر ونحقق أكبر انتصارات العسكرية المصرية فى التاريخ وندمر أسطورة جيش اسرائيل الذى لا يقهر ونقطع ذراعها الطويلة.
وكلما رجعت إلى كل ما قيل أو كتب أو رأيته بعينى أو عشته أو استمعت له من قادة أو جنود خاضوا المعارك بالنار والدم سواء فى حرب الاستنزاف أو فى حرب النصر والعبور فى ٦ أكتوبر أدرك كيف جاء التخطيط والدراسة وتعلم الدرس والاستعداد الكبير لتحقيق النصر الذى سبقته خطة خداع استراتيجى هائلة صارت مادة خصبة للدراسة فى كل الأكاديميات العسكرية فى العالم كله وكانت مفتاح النصر الأكيد.
كان ٥ يونية ١٩٦٧ نقطة سوداء فى تاريخ مصر ولكن ما فعله الرئيس الراحل البطل الشهيد أنور السادات صاحب قرار الحرب فى أكتوبر جعل هذا التاريخ والوجود كالعدم ليمحه من ذاكرتنا وذاكرة الأمة بمشاهده السوداء.
 البداية كانت فى خطاب النصر يوم ١٦ أكتوبر ١٩٧٣ وكنا فى أوج المعارك والانتصارات عندما وقف فى البرلمان ليقول بالحرف «إن القوات المسلحة المصرية كانت إحدى ضحايا الحرب ولم تكن أبدًا سببًا من أسبابها وذلك ردًا على من شكك فى قدرتها وكفاءتها القتالية وعندما أتيحت لها الفرصة لتقاتل أثبتت نفسها وفاجأت العدو بحركتها السريعة وعاد البطل وفى نفس الخطاب الذى أعد بإحكام ليرد على ما ردده العدو وأبواقه خلال سنوات الهزيمة ليطلق على حرب يونية حرب الأيام الستة ليعلن السادات وبصوت عالٍ أن العبور والوصول للضفة الشرقية للقناة تم خلال ست ساعات وقال بالنص فى خطاب النصر إن القوات المسلحة المصرية قامت بمعجزة على أى مقياس عسكرى وحققت الانتصار فى ٦ ساعات.


ولم يكتف بذلك بل ٥ يونية ذاته وبعد عامين من الانتصار عام ١٩٧٥ نجح فى تطهير قناة السويس وأعدها للملاحة مرة أخرى وأقام احتفالاً عالمياً دعى إليه كوكبة من زعماء العالم ليعلن عودة الملاحة من فوق اليخت المحروسة الذى عبر به القناة لتعود كسابق عهدها بعد أن أزاح الاحتلال من فوق ضفتها الشرقية فى نفس الوقت الذى أعاد فيه اهالى القناة لمدنهم وبدأ فى إعادة بنائها.


تعلمت مصر درس يونية ١٩٦٧ جيداً فجاء ردها فى حرب الاستنزاف ثم فى حرب النصر ١٩٧٣ حاسما ردت به الكرامة وحققت أغلى الانتصارات بدماء الشهداء وأثبت جنود مصر أنهم خير أجناد الأرض تماماً كما شهد بذلك رسولنا الكريم «صلى الله عليه وسلم» عندما قال: «إذا فتح الله عليكم مصر بعدى، فاتخذوا فيها جنداً كثيفاً، فذلك الجند خير أجناد الأرض». تحية لكل من أعاد لمصر الكرامة ورفع رايتها عالية، وسلام على الشهداء.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 

مشاركة