د. أشرف غراب
د. أشرف غراب


د. أشرف غراب يكتب: "نواب أوروبا".. معبد منظمات العار

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 27 نوفمبر 2022 - 01:15 م

النجاح المصرى منقطع النظير على مدار ثلاثة عشر يومًا، فى فعاليات وموائد عمل مستديرة من النقاشات، وإبداء الرُؤى والأُطروحات، التى نالت جميعها قبول ورضا المجتمع الدولى برمته على أرض مدينة السلام شرم الشيخ المصرية، فى قضيةٍ بمثابة الحياة والموت للعالم بأسره "التغيُّر المناخى"، الذى يُهدد عرش البشرية ويُؤرِّق مضاجعها عامًا بعد الآخر، نتيجة الاحتباس الحرارى، والتلوُّث الحاصل من استخدام الوقود الأحفورى الذى أسرفت فيه الدول الكبرى، وورَّطت فى تبعاته وعواقبه الدول النامية والفقيرة، خاصةً فى قارة أفريقيا، وكانت مصر على قدر الحدث، والاستضافة، والخِبرة فى مُداولة الجلسات وإدارتها وحُسن سيرها، وحصدت فى ذلك إشادات المتابعين والمراقبين، ناهيك عن الحضور الذى جاوز الآلاف، معنيين ومنظمات ووسائل إعلامية ذات ذيوعٍ وانتشار، كان يجب أن نقول معه "إن العين حق.. اللهم لا حسد".

البرلمان الأوروبى، الذى تُعانى دوله الأمرين الآن، ومشاكلها باتت بالجُملة، بعد أن أغلق عليها الدب الروسى حنفية الغاز، مع دخول فصل الشتاء، وأصبحت تتسوَّله من مصر وقطر والسعودية والجزائر والمغرب، وكلها دولٌ عربية الهُوية، ويتركها تحتطب، بجمعها الأخشاب وغصون الأشجار وفروعها، فى عام 2022، وتقوم بتخزينها إنقاذًا لما يُمكن إنقاذه، بصُنع المواقد أى بلغة بلادنا "الكوانين" لحماية جلود أبنائها من السقيع والبرد القارس دون دفءٍ، ويتفرَّغ لانتقاد مصر وإصدار بيانٍ مزيف بأنها تنتهك حقوق الإنسان، وتعدم الأطفال، وأنها ما زالت تعمل بحالة الطوارئ حتى اليوم !!

الغريب أن وفد الاتحاد الأوروبى نفسه الذى أدان مصر داخل أروقة مجلس نوابه، هو الذى أشاد بمصر خلال فعاليات قمة المناخ، ومعه أمريكا كبيرة العائلة، للدرجة التى تم فيها إبرام اتفاقيات وعقد شراكات مع القاهرة من بعض ممثليه، لما رأوه من استقرارٍ وديمقراطية فريدة فى الحوار، ومرونة فى التعامل مع القضايا كافة، بما فيها معاملة سجناء الرأى وأرباب الأحكام الجنائية، وإعلان القاهرة على الدوام خروج دفعاتٍ بعفوٍ رئاسىٍ وفى المناسبات، بعد التأهيل والإصلاح، وتوفير الحياة الكريمة للمُقبلين على الحياة بروحٍ سوية، عاد ليقول إننا نُمارس الانتهاكات، ونرتكب المعاصى، ولا نعلم كيف يُناقض الكيان نفسه بين يومٍ وليلة، وهو الذى يُصوِّر لنا على طول الخط أنه يحترم الكلمة التى تخرج، قبل أن يحترم المُتكلم الذى قالها.

إذا كان البرلمان الأوروبى شريفًا فى حرصه على شئوننا هكذا، وكما يُصدِّر لنا فى مُغلطاته على الدوام، فلماذا لم يكن أحرص حتى اليوم على شئون دوله، إذ ليس معقولًا أن يخاف الواحد منا على غيره، بينما يترك نفسه فريسةً سهلة للصياد، وها هى الشعوب الأوروبية يقتل فيها الأبيض الأسود، ويُهان فيها دين الآخر تحت سمع وبصر حكوماتها الوطنية، الحامى الأول لذلك، ويُقهر فيها العربى وتتم معاملته فى درجةٍ أدنى أمام الأجنبى، حتى وهو مكتسبٌ لجنسيتها على أراضيها، ويعمل فى مؤسساتها ومصانعها وحقولها، وربما داخل مصحاتها التى تُعالج فيها، وكم من جرائم وقعت وكانت ملء السمع والبصر، العالم يراها جهارًا نهارًا، بينما يُغمض هو الطرف عنها عامدًا متعمدًا، لا يهمه من يُشاهد أو يرى ويسمع.

ألم يخجل الأوروبيون ومجلس نوابهم مما يرون من بحور الدماء المُراقة يوميًا على الأراضى الفلسطينية، من احتلالٍ غاصبٍ غاشمٍ، اقتطع تراب شعبٍ أعزل، ويقتل أبناءه بدمٍ بارد، ويطردهم خارج ديارهم، ويعتقلهم فى سجونه، ويُمارس معهم كل ألوان العذاب، فمنهم من يموت قتلًا داخل سجونه، أو على يد رصاصه ومدرعاته وقناصيه خارجه، ورغم ذلك لم يجرأ هذا المرحاض العمومى الأوروبى أن يُدين إسرائيل أو قادتها وقواتها فى معرض حديثٍ وليس بيانٍ أو تقرير، وكأنه لا يعرف الكيل بمكيالين إلا فى بلاد العرب، التى يهرع إليها عند كل مأزقٍ لفك كُربته، وتفريج ضيقته، وكما يقول المثل الدارج "أقرع ونُزهى"، أو "شحات وعينه فارغة".

فى الفم ماء كثير، وإذا كانت أوروبا ومجلسها لا يعرف، فإننا نُسمعهم، لو كانوا أحياءً ويسمعون، بأنهم لا يفقهون فن استخدام المعقولية، ولم يُمارسونه أبدًا، فكيف لمصر إعدام الأطفال وهى لم تحبسهم أصلًا عند ارتكاب الجرائم، بل تدعهم فى دور الرعاية والأحداث لتأهيلهم وإعادتهم للحياة مُسالمين، وهناك قانون للحساب عند سنٍ حدَّدها القانون الجنائى متى ارتكب الشخص فعلًا مُجرَّماً، أيضًا مَنْ يُصدر الأحكام قضاةٌ طبيعيون لا يتدخَّل أحدٌ فى أعمالهم، وليس عليهم رقيبٌ إلا الله، يُجيدون جيدًا التفرقة بين الجانى والإرهابى والسياسى، ومُعظم الذين أشار إليهم فى بيانه المشبوه، تم الحُكم عليهم فى قضايا جنائية، لم يكن من بينها إدانة سياسية أو توقيف لحرية رأى، وكما يحترم هو أحكام قضاة دولته، نحن نحترم قضاتنا وأحكامهم التى صدرت عنهم.


لا يستوعب البرلمان الأوروبى أننا بعد حالة الاستقرار عالية الجودة التى نحياها، وقد رآها أعضاؤه بأعينهم خلال انعقاد قمة المناخ على أراضينا، لسنا بحاجة للطوارئ، ولا نُريد الرجوع إليها، وإن لم يُصدق ما أعلناه قبلًا عن إلغائها، فليستعمل رجاله عقولهم ويسألون أنفسهم، إذا كان هؤلاء المصريون يُعلنون كل يومٍ عن إنجازٍ جديد، وعُرس مقام هنا وهناك، ومؤتمرات وندوات وأفراح فى طول البلاد وعرضها، فأى شأنٍ للطوارئ يكون، وما فائدته فى بلدٍ آمن يعيش رغد العيش.. وأخيرًا، كان الأجدر ببرلمان أوروبا وأعضائه، حين يتحدثون عن شئوننا، أن يسألون ونحن نجيب، حكومةً ومسئولين ومؤسسات، وشعبًا، وإن كنا غير مُرغمين ولا مُلزمين، لكننا ليس على رؤوسنا ما يُحرج أعيننا، وسوف نُجيبهم، وبكل أريحية، وأن نُلقنهم درسًا فى الأصول، بأن يدخلوا البيوت من أبوابها، لا من نوافذ هيومان رايتس ووتش، والعفو الدولية وغيرهما، المأجورة، التى يدفع لها الإخوان بسخاء، لكى يُرهبوا مصر، محاولين إخضاعها، وهى بإذن الله شامخة لم ولن تركع، حفظ الله مصر وشعبها وأهلها من كل مكروه وسوء.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة