محمود عبد الشكور
محمود عبد الشكور


محمد الشربيني شبانة: من حق الكاتب أن يتعاطف مع شخصيات أعماله

أخبار الأدب

الأحد، 26 فبراير 2023 - 01:12 م

بعد سلسلة من الكتب النقدية والفنية، يخوض الكاتب محمود عبد الشكور مغامرته الروائية الثانية، بعد «حبيبة كما حكاها نديم»، حيث يجد القارئ نفسه في «ألوان أغسطس» أمام نص ملغز، يلمح ولا يصرح، يغوص في خبايا النفس البشرية بامتياز، في جو مشوق لا يخلو من الفانتازيا، لتأتى النهاية المفاجئة غير المتوقعة، التي تقلب مسار الأحداث تماما.

حول روايته الجديدة، وتقنيات السرد التي استخدمها، وحدود الواقع والخيال فيها، كان لنا معه هذا الحوار.

بداية.. لماذا هذا العنوان الرومانسي؟

لا أعتبر العنوان رومانسيا، ولكنه أقرب إلى معنى غموض الحبكة وتلونها وانقلاب الأحداث ومفاجأة النهاية.

كان العنوان الأصلي هو «القتل في أغسطس»، ولكن الناشرَين أحمد سلامة وأحمد مهني، وهما روائيان مميزان، اقترحا عنوانا بديلا بعيدا عن القتل الذى قد يعطى انطباعا غير صحيح بأن الرواية بوليسية، ووافقتهما على ذلك، فكان عنوان «ألوان أغسطس» ترجمة لتحولات النص وألعابه السردية، وتعبيرا عن الشهر الحار والمزعج الذى يضغط على أعصاب الأبطال حتى لحظة الانفجار.

أحداث عديدة تبدو حقيقية.. ما حدود الواقع والخيال في الرواية؟

بذرة الرواية حقيقية، فقد جلست مع صديقي الناشر شريف بكر على مقهى في وسط البلد ذات يوم حار جدا، وشاهدنا امرأة وطفلاً في منتهى الغرابة، فأخذنا نفترض سيناريوهات عن علاقتهما من باب التسلية، وبعض الشخصيات لها أصل واقعي، وكذلك أماكن ومقاهي ومطاعم وسط البلد، لكن الخيال أعاد تركيب كل الأحداث والشخوص بشكل كامل، فلا رجائي هو أنا، ولا صديقه فريد هو شريف، الخيال هو الأساس في الحكاية رغم البذور الواقعية.

هل يمكن أن يوجد مخرج بلا رؤية كما ذكرت عن المخرج الذى لم تصرح باسمه في صفحة ١٨؟

نعم، يوجد مخرجون كثيرون بلا رؤية، ولكنهم حرفيون بارعون، يُخرجون كل الأنواع، وفى كل العصور.

المقصود، بلا رؤية واتجاه موضوعي أو إبداعى مميز، أو بلا مشروع متسق إبداعيا، مخرجون على كل لون، لم أقصد اسما محددا، ولكنه نمط موجود في مصر والعالم كله.

هل من حق الكاتب أن يتعاطف مع شخصيات أعماله أم أن هذا يمثل خطرا على العملية الإبداعية؟

طبعا من حق الكاتب أن يتعاطف مع شخصية أو أكثر، بل إن هناك شخصية ما قد تصبح صوت المؤلف، وأجدنى فى هذا النص متعاطفا مع كل الشخصيات، وأحاول أن أعبّر عن كل زاوية يمثلونها، لأنهم يتكاملون فى التعبير عما هو أهم: جسد المدينة وأحوالها، والعلاقة المعقدة بين الكاتب وموضوعاته وشخصياته، واللحظات المحبطة فى حياة الكاتب وشخصياته معا.

«فريد» و«رجائى» ضحية تفكك أسرى أحدهما الأب والآخر الأم.. كيف ارتبطا بنفس المصير؟

فريد ورجائى وكل الشخصيات معلقة فى الهواء، بمن فيهم عادل كمال، ليست المشكلة فى ظروف الأسرة، ولكن فى عدم التحقق، وفى الهروب من الضجر والملل، والخوف العارم من الموت الذى يدفعهم إلى الهرب العشوائي، والاستناد إلى الجسد بكل معانيه: جسد الكلمات، وجسد المرأة، وجسد الحروف، والخطوط، والألوان. لذلك من الطبيعى أن يتقارب مصير فريد ورجائي، وهما فى النهاية تعبير مكتوب عن شخصية عادل كمال، فكأنهما عادل وقد انقسم إلى شخصيتين.

إنها رواية عن الهروب بأشكال مختلفة ولذلك افتتحت النص بعبارة من الحرافيش لنجيب محفوظ عن ذلك المعنى.

«حبيبة كما حكاها نديم» رواية تقف على تخوم السيرة الذاتية.. بم يمكن تصنيفها؟

حبيبة رواية سيرة، ولكن فيها الكثير من الخيال والألعاب السردية، وفيها انتقام من الذات المعذبة بموت نديم، معادل شخصيتى الحقيقية.

تستطيع القول إننى قتلت نديم على الورق بدلا من أن أقتل نفسى فى الواقع!

كيف ترى المشهد الروائى المصرى الآن فى ظل طوفان الروايات؟

سعيد بهذا الزخم الكبير فى مجال الرواية، ولا يزعجنى بالمرة. دع الناس تكتب وتحاول وتقدم أنواعا ومستويات شتى من السرد، وفى النهاية سيبقى الأفضل والأجمل،وهذا يقينى فيما يتعلق بالرواية، وبأى إنتاج فنى أو أدبى أو إنسانى: الزمن سيفرز وسينحاز للأفضل.

هل تعتبر الجوائز معيارا لجودة الكتابة؟

الجوائز تعترف بقيمة الرواية حال وجود هذه القيمة، ولكنها لا تخلق هذه القيمة إذا كانت غير موجودة، والمعيار الأهم هو صمود العمل الروائى أمام اختبار الزمن.

ولكن الجوائز تنشط وتشجع دور النشر والكتاب على الكتابة ونشر الروايات، وتؤشر إلى روايات مهمة وكتّاب موهوبين، يفوزون بالجائزة عن جدارة، أما من يفوز بدون استحقاق فلن يصمد أمام اختبار القيمة والزمن. هذا ما ينطبق على كل الجوائز بما فيها جوائز نوبل والأوسكار، وغيرها من الجوائز المهمة.

بعد هذا النجاح الذى حققته كروائي.. هل تتخصص فى النوفيللا؟

لن أتخصص فى النوفيللا، ولكنى سأكتب ما أحبه مهما كان الشكل.

وما يحدد الشكل هو التجربة والمضمون والمادة، وقد اتفق ذلك عندى مع حبى القديم لفن النوفيللا، ورغبتى العارمة فى إثبات ما أؤمن به، من أنه عبر صفحات قليلة يمكن طرح معالجات، وطرح أسئلة عميقة، بدلا من اللجوء الى كتابة روايات بدينة مليئة بالاستطراد والحشو.

وكنت دوما معجبا بالنوفيللا فى نماذجها العظيمة، مثل «وقائع سرد معلن» لماركيز، و»الحمامة» لباتريك زوسكيند، و«العجوز والبحر» لهيمنجواى، و«المسخ» لكافكا.

ولا أعرف هل سأكرر كتابة النوفيللا أم لا، فالأمر يتوقف على التجربة والشخصيات والتفاصيل. فقد أكتب مستقبلا رواية بدينة جدا - إن جاز التعبير.

ولكنى أعدك في كل الأحوال بعدم الحشو أو الاستطراد، وبأن تعبّر الرواية دوما عن نفسى، من خلال أقنعة الشخصيات، فنحن لا نكتب سوى عن أنفسنا وهذا معنى رواية «ألوان أغسطس» الأعمق: هى ليست رواية رجائي، ولا فريد، ولا عطيات، ولا عادل كمال، ولكنها روايتي، وأنا من كتبت كل هؤلاء ليعبروا عن أجزاء من شخصيتى وحياتى وعقلى وجنونى وعواطفى.

اقرأ أيضاً | أعمال نجيب محفوظ النادرة تزين سينما «زاوية»

نقلا عن مجلة الادب : 2023-2-26

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة