محمد علي السيد
محمد علي السيد


محمد علي السيد يكتب: الخربة

آخر ساعة

السبت، 18 مارس 2023 - 02:59 م

ديسمبر 1989
••
بلا مقدمات ••ترك أحدهم مابيده 
وأندفع  تجاهى مهاجما. بمطواه براقة (بسستة) 
وضعها أسفل ذقني يسألنى بغل..
ـ أنت مين (يا)؟!

••
متوسط الطول ••ممتلىء مدكوك ••غليظ العضلات والملامح •• تيرننج رياضى جديد •شبشب بلاستيك زحامى 
يتابعنا مربع عيون خاملة ••فى عتمة المكان ••تركن الى جدران ملطخة  ••بنطلون وقميص وجلباب ••وأحذية وشباشب بطين ناشف
 بين العمل وتدخين  الشيشة ونشاز غناء جماعى 
••
و بسمة فرحتى بمصريين بعد 4 أيام غربة في ليبيا
••
كرم حقيقي فى شرقها  •مساعد•طبرق .. 
بنغازى (بلد المصاروة )••ثم عيون غاضبة ••تتزايد غربا من العاصمة طرابلس 
 •• 
قالوا المصريين فى (المدرسة الخربة) قلنا  عمل وونسة    
••
أجبته  مشبعا بالعشم.
ـ أنا صحفي من أخبار اليوم.. جئت بريا  (أوت ستوب) .. من منفذ مساعد و أنفذ تحقيق صحفي عنكم.. معى زميلي المصور
 (إبراهيم مسلم.)
••
(1300كم •• القاهرة - السلوم 650 كم ابالاتوبيس وسيارات  ملاكى ليبية  ••الى طبرق 150كم ثم 450 كم الى بنغازي )
••
بعفوية رمقت إبراهيم.. وجهه ممتقع متحفز للباب   والشارع الخالى الهاديء  بأطراف المدينة.. 
 يلف حزام (شنطة الكاميرات )حول ساعده يقبضها  بقوة وتوجس 
••
..  •• يفهمنى بنظرة عين!!
نصور شبابنا  يجمعون نجف مصرى من درب البرابرة  بالقاهرة 
مفكك بسعر الجملة  يثبتونه علي هياكل معدنية معلقة بسلسلة معدنية مدلاه من السقف 
 ويبيعوها  في ليبيا بأضعافها 
•• 
ولم يأت..  و عينيه رعب
يومىء ( يلا بينا نمشى !!)
••
 أستفسر أبو مطواة 
 ـ وشك مش غريب.. شفتك فين !
نظرته الطويلة تتوغل عمق عيني .يستفزها الطمأنينة   .. 
زحف بشبشبه متململا  لكرسيه المتصدر الصالة .. 
يواجهنى 
ـ أنت أمن ياض ؟!!
••
( بإنتهاء تجنيدي 1980، أغتويت شعرى القصير الميري.. مع رشاقتى (أيامها )والبنطلون الجينز والقميص الازرق الغامق ••عاملنى الكثيرون كسلطة أمنية ..أنقذتنا من مواقف وعرضتنا لمخاطر ) 
••.
ـ   أنا صحفي .. وبأسألك ••أنت منين في القاهرة؟!
ـ من المطرية.
ـ من عند (الرشاح.)؟
ـ تعرفه منين .؟!
ـ أصدقاء بعزبة السوايسة  عند الشيخ المطراوي.. 
ـ كلهم أصحابي. تعرف مين ؟!
ـ   (دجلوش).
صمت مخنوقا  
ـأنت من (أمن الدولة).
ـ ياريت .. أنت تعرفه .. ولا لأ.
ـ  أعرفه.
( الرشاح (ترعة )الصرف الصحي للقاهرة ••جسره عشش بوص. لكل الموبقات  •
 (أستبدل بعدهابمواسير مغطاة  وطريق جديد )
••
فاجئني بسؤال أسعدني:
-دجلوش فين دلوقتي؟..
••
(بدأنا التعارف )
ـ رويت طرفا من حياته    ..
••
الاحقه
ـ  بتعملوه أيه !!
رد بزهق ..
ـ ذي ما أنت شايف..!!
يوضح  جاره حكاية النجف.
ومدرسة الخربة.. 
أدون بأجندتى •• و إيراهيم  .. مترقب بموقعه !!.
❊❊
عقب فتح المنفذ البرى (السلوم ـ مساعد)  بين مصر وليبيا بعد إغلاقه 12عاما( 77-1989) لخلافات  الرئيسين السادات و معمر القذافي ••حتى أعادة مبارك الثلاثاء 29 يونيو  1989..
••
.. جائوا بالطيران من العراق 
150 الف معظمهم -كما عرفت بعدها -
 (مسجل خطر -ترقب وصول )لتنفيذ أحكام قضائية.. 
وهربا من مشاكلهم هناك.. أثناء وبعد  الحرب العراقية الإيرانية (80-1988)وردود الافعال العراقية الحادة   
جاءت ليبيا لحياة وشقاوات جديدة.
 تجمعوا بميدان و تمثال عمر المختار 
و شتاء قارص وأمطارغزيرة (أغرقتني أحداها فى آلام فظيعة بالمعدة .. ونزيف 
قرحة الأثني عشر •• )
جائهم العقيد القذافي  بهليوكبتر   
يمنحهم مبنى مدرسة تحت الإنشاء (خربة) 
❊❊
  نسخة من مدارسنا ••
مدخل كبير . حوش فسيح ••يسارا  غرفة الناظر.. أمامها مربع  رجالنا.••وفصول دورين ••مستطيل ناقص ضلع • •جرداء كئيبة بلا أبواب أو شبابيك •• تصد زمهرير صقيع ليلها ••ستائر قماش  بالية  وموصدة بكراتين أجهزة ••تزيد العتمة نهارا والاظلام ليلا 
••
تحركت أرصد المكان.. يرافقنى بعضهم 
دورات مياه  طافحة..  كهرباء مسروقة من عامود نور 
 لأجهزة فيديو بالدور الثاني (غرفة محكمة الأغلاق )سوق ممنوعات .. خمور مهربة.. أعمال منافية للآداب.. 
••
ضجيج صبية فى مباراة كرة قدم من أبناء جيران المنطقة
••.
هرع مدرس مسن يغلق فصله 
أواصل الطرق  حتى  يفتح 
الارض مفروشة بطرحات أسفنج -مرتبة لفرد 
وبطاطين قديمة وكراتين ولا شيء ..لا ملابس ولا حقائب .
- ••
إبراهيم  مايزال هناك.. مستريب   
ومازلت .. سعيدا بتحقيق لا ينغصه  إلا الصور
••
.. عدت لتوجس الجالسين  
أستظرف أخترقهم
••
الحظ .منضدة كبيرة..  بقدرة فول مدمس وطاسة طعمية وحلة عدس وأرغفة عيش بلدى 
طعامهم المصرى حسب رزقهم 
و منضدة صغيرة برصوص سجائر مصرية وليبية وعالمية
••
 ••من منفذ مساعد .. ندخن سجائر ليبية الصنع لماركة عالمية  (أف . سان . لوران).. السعرموحد لكل الأنواع
 (2 دينارليبى - خمسة جنيه مصري) 
••
كنا حريقة سجائر سوبر مصري.(رحمنا الله من الاضرار بعدها )وجدتها أمامى
 -الحق يا إبراهيم.. سجاير سوبر 
.نطق  لأول مرة 
-هات لي معاك.. 
4  علب أبحث عن نقودى فى ضيق  جيوب الجينز.. 
يفاجئنى دفء ود  شاب بملامح أهل الشرقية.. 
ـ أيه يا أستاذ محمد .. أنت اتقلبت ولا أيه؟!
توهجت بذهنى كل مصابيح الأنذار الحمراء  ••أستفيق
..جاب منين (أستاذ محمد؟!!!)
••
أستعرض بتحدى العيون النهمة
 -ليه؟••الفلوس المصري أهى  .. وسحبت مجموعة من الجيب الأيمن •والليبى أهو .من جيبي الأيسر..والدولارات من  الخلفي.
أطمئن نفسيى بوجودهم ••ولم يسرقنى أحد  خلسة  !!..
•• 
••
مغامرة محسوبة. حسب  روميل ثعلب الصحراء  الالمانى بنفس المنطقة  فى الحرب العالمية الثانية 
••
  التقط رعب إبراهيم. على كاميراته ( عهدة وظيفية )لا تقدر مرتباتنا  على غرامة ثمنها   
••
أناديه ••   
-يلا  نلحق ميعاد.. عمر القذافى فى  اللجنةالشعبية   
••
 زرنا ها فور وصولنا •• منعا  للقلق ••  
أول صحفيين  مصريين بعد الازمات 
نثبت حسب جواز السفر•• أننا من مؤسسة أخبار اليوم.... التى  بالكاد أوقفت حملة كاريكاتير طويلة بريشة  الفنان مصطفي حسين عن (قسرية القذافي )
ونوضح بعد حسن النية أننا من (مجلة آخر ساعه) أحد أصداراتها 
••
 هبط لنا من الدور الثاني مسئول طويل أسمر  بعباءة  جوخ سوداء مطرزة بالذهبى 
سألنى بحدة .. 
-أنت جاي ليه؟!
أجبت  بنفس اللهجة.. 
-علشان ما تبقاش قاعد مش عارف حاجة.. 
سلام .. 
يلحقنى أحد مساعديه يوضح •• 
حدة السؤال طبيعية ليبية .. و هو من عائلة القذافي.. يرى أن له حق علي الجميع.. و لم يقصد الإساءة.. 
••
و لم أعد.. 
••
تذكرته.. وقد يسمعون به  ويتجنبون  الأمن و اللجان الشعبية ••أستثمرته
❊❊
فر إبراهيم يوقف تاكسي .. نجلس في الخلف 
ينحشر  فى المقعد الأمامى  أثنان منهما .. 
نتكلم يسمعونا ••
-نغير ملابسنا ونلحقه  
نراقبهما من سلالم الفندق •• يسألان موظف  الاستقبال ••يرابطان رصيف مواجه .. 
••
يصر إبراهيم علي السفر  •
-قضينا أكثر من الأيام الثلاثة المقررة  .. وكفاية مغامراتك  !!
••
أبقى 17 يوما  بطرابلس فى ضيافة بعض أهلى 
❊❊
 •بعد عام ••جاء تفسير 
 (-آية يا أستاذ محمد ••أنت اتقليت.؟!)
••
  في بداياتنا الصحفية  سكنا مغتربين قبل زواجنا  في شقق مفروشة مع العزيزين محمد نجم (أصبح مدير تحرير مجلة أكتوبر  )ومحمد عبد اللاه (مدير تحرير الأهرام) 
❊❊
تميز( نجم) بكرمه الشرقاوي.( عمدة ) مع زملائنا وأقرباؤه .. ينسخ  لهم مفتاحنا (نشاغبه ••نجم عمل  له طبعة خاصة .) .تعدد طبعات الصحف والمجلات من مفردات مهنتنا
..نقضي سمر ليالينا مع ضيوف•• قد لانراهم ثانية 
منهم هذا الشاب .. جائنا  شقة الجيزة. ليلة تجنيده وقضي وقتا كريما يذكره بالخير.. 
••
فى أجازة سريعة للقاهرة حرص على زيارة (العمدة)
يكشف مالم نقله حتى وصوله  .. 
••
عرفني فور دخولي.ولاحظ عدم إستيعابى للمخاطر فسعى  لتحذيرى !!
••
 ( حق العيش والملح )

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة