ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب


نحن والعالم

سفينة نوح

ريهاب عبدالوهاب

الجمعة، 24 مارس 2023 - 05:54 م

من لطائف القدر إنه فى الوقت الذى تتعقد فيه الصراعات فى الغرب وتتصاعد مع استمرار الحرب فى أوكرانيا، يقطع الشرق «وأقصد به هنا الشرق الأوسط» أشواطاً كبيرة فى مسار «تصفير الخلافات» و«لمَ الشمل الإقليمى» عبر سلسلة مصالحات، بعضها كان يعّد من المستحيلات.

البداية كانت مع «إتفاق العلا» فى يناير 2021 والذى أنهى الخلاف بين قطر والرباعى العربى «مصر والسعودية، والإمارات والبحرين» والذى تلاه مصالحات عقدتها دولة الإمارات مع كل من إيران وتركيا، ثم تقارب مماثل بين الأخيرة والمملكة السعودية.

أما تتويج المسار فكان هذا الشهر الميمون الذى شهد أولاً المصالحة التاريخية بين السعودية وإيران واتفاق الطرفين على استئناف العلاقات الدبلوماسية بعد قطيعة 7 سنوات، وبعدها انفراجة مماثلة فى العلاقات المصرية التركية بعد جمود 10 سنوات..

وما بين «البداية والتتويج» كان هناك انفراجات أخرى تمثلت فى الاحتواء العربى لسوريا من جديد بعد فاجعة الزلزال، وكذلك حديث عن تقارب تركي-سورى وإيرانى-بحرينى.

هذا التوجّه التصالحى يمكن أن يكون نتيجة للتحولات التى يشهدها النظام الدولى من الأحادية القطبية إلى تعددية الأقطاب، أو بسبب انشغال القوى الكبرى بصراعاتها الخاصة عن صراعات النفوذ فى المنطقة، أو صحوة متأخرة من دول المنطقة بعد 12 عاما من الصراعات والحروب والتنافس الإقليمى، أوقعوا المنطقة فى براثن الفوضى والأزمات الاقتصادية.

اياً كانت الأسباب، ما يهمنا هو النتائج وكيفية تفعيل هذه التفاهمات واستثمارها لخلق تسويات سياسية لبؤر الصراعات فى المنطقة فى اليمن وليبيا ولبنان وسوريا والعراق وفلسطين.

بعدها يمكن البناء على هذه المصالحات لعمل «تحالفات سياسية» تعيد تشكيل الشرق الأوسط وتجعل منه قوة اقليمية ذات ثقل، وكذلك «تحالفات اقتصادية» تقود المنطقة نحو التكامل والاكتفاء الاقليمى بشكل يخفف من وطأة الأزمات الاقتصادية المتلاحقة والتى لايبدوا انها ستنتهى قريباً.

ان الأمر اشبه بسفينة نوح حيث على من يرغب فى النجاة اعتلاؤها والانسجام مع راكبيها الآخرين. اما الإبقاء على الخلافات واستمرارها فبمثابة الثقوب التى ستتسبب فى النهاية فى غرق السفينة بمن عليها.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة