عبدالهادي عباس
عبدالهادي عباس


قلب وقلم

عبدالهادي عباس يكتب: أبونا «ويصا» للمشاكل العويصة!

عبدالهادي عباس

الأربعاء، 28 يونيو 2023 - 09:36 م

منذ طفولتى وأنا أحمل فكرة طوباوية عن الحُب والمحبة، وأرى أنها قادرة على إصلاح العالم أجمع؛ بل أؤمن أن هذه الفكرة فرض عين وجزء رئيسى من الدور الوطني لكل مصري يملك قلب أحمس وتجرى فى عروقه مياه النيل؛ وما زلتُ أطرب جدا عندما أرى حِكمة «الله محبة» مكتوبة على الجدران أو صفحات الفيس بوك، أو حتى على مؤخرة التكاتك والميكروباصات؛ بل وأجعل من أشعار ابن عربي: «الحب دينى وإيماني» حالة دائمة لى على الواتس، إذ ما الأديان جميعها إن لم تكن أنهارًا من الحُب والود تعتمل فى قلب الإنسان فترتقى به إلى معارج القبول عند الله وعند الناس!

صحيح أننى أرى هذه الدفقات من المحبة عند كثير من السادة الصوفية، وترتاح نفسي إلى الجلوس معهم وبينهم، ولكننى أشهد أننى شعرتُ بتلك الراحة العقلية حين جلستُ مع «أبونا ويصا» نائب أسقف محافظة المنوفية، الذى تسكن أرض المنوفية الخضراء بقلبه فهرب من جهامة العاصمة ليستقر طوال عُمره فى قرية زاوية الناعورة بمركز الشهداء بين الفلاحين، واحدًا منهم، يرى بأعينهم ويسمع بآذانهم، ويشترك معهم فى حلّ المشكلات التى تواجههم، ويكون حلقة الوصل بينهم وبين كثيرٍ من المسئولين فى المحافظة والوزارات، حتى أصبح الرجل «حلّال العُقد» عند المواطنين، يرجعون إليه فى المعضلات التى تُضنيهم، فلا يبخل عليهم بأفكاره أو باتصالاته، حسب طاقته.

منذ سنوات طويلة وأنا أسمع عن «أبونا ويصا» وأراه سريعًا فى العزاءات والأفراح التى أحضرها فى القرية، يأتى على رأس وفد من الكنيسة لتقديم الواجبات الاجتماعية بكل حُب وودّ، غير أننى جلستُ إليه مؤخرًا للمرة الأولى فلمستُ عقلًا واعيًا وقلبًا نقيًّا مُحبا للناس جميعًا، يفتح الكنيسة لطالبى الحاجات من المسلمين والمسيحيين على السواء، ويحملُ أفكارًا رائدة فى ترسيخ قيم المواطنة والمحبة بين الناس جميعًا، يجمع الأموال لبناء المساجد وتعميرها، ويقود حملات لسدّ ديون الغارمين والغارمات، ويواسى المرضى وأصحاب النوازل، حتى كان من نتائج نشاطاته المستمرة طوال الثلاثين عامًا الماضية زوال حاجز الرهبة والتوتر بين أبناء القرى، فالكلّ على قلب رجل واحد دونما نزغات شيطان أو وسوسة متطرف؛ بل المشهد المكرور أن تجد زحامًا من المسلمين والمسيحيين فى ضيافة «أبونا ويصا»، ليس فقط للتهنئة أو التعزية، وإنما للتعاون والتفكير فى صالح القرية والقرى المُجاورة، بحضور نواب البرلمان، وعلى رأسهم النائب محمود فريد شرارة، وكأن أحد الاجتماعات المصغرة للحوار الوطنى الكبير، فالكل يعبّر عن رأيه بهدوء رزين وتفكير منطقي؛ لأن الهدف فى النهاية صالح المواطنين.

إذا كان مشروع «حياة كريمة» يُغيّر شكل القرى المصرية إلى الوجه الحضارى اللائق بمرحلة جديدة من عُمر الوطن: بتعبيد الطرق، وإدخال الغاز والإنترنت، ومواسير الصرف الصحي، وتبطين الترع؛ فإن هناك روحًا وطنية موازية لهذا الجهد الكبير عند شباب القُرى والعُمد ورجال الدين الإسلامى والمسيحي، الذين نزلوا إلى أرض الواقع وشاركوا الدولة فى أفكارها لبناء واقع جديد يليق باسم مصر ودورها الحضاري.

تحية إلى المخلصين من محافظة المنوفية فى عيدها القومي، وتحية إلى الجهد الكبير الذى يقوم به «أبونا ويصا» ومن معه من المسلمين والمسيحيين لحل المشكلات العويصة؛ وتحية إلى كل قلبٍ يعرف قيمة «المحبة» فى مستقبل الوطن.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة