أنيس الرافعي
أنيس الرافعي


رسائل المثقفين العرب إلى غزة

أنيس الرافعي .. قاص مغربي يكتب: عار كبير على الإنسانية

أخبار الأدب

السبت، 18 نوفمبر 2023 - 12:27 م

أحبّتنا وأهلنا في غزّة الشهيدة ..إنّ مجازركم الشنيعة ومحرقتكم الكونيَّة البغيضة؛ المنقولة على الهواء مباشرة عبر كافّة القنوات الفضائيّة، هي بمثابةِ طامَّةِ الدهر الكبرى، تلك التي نزلتْ بنا ككيانٍ، وكوجودٍ، وكبشرٍ منبوذين ودونيين ومحتقرين في هذا العالم المتوحّش القاسي. لكنَّ، الطامة الصغرى، التي تسيرُ في أذيال الكبرى، وتزيدُ من فداحتها، أنّهُ لا يُمكنكم، بعد الآن، أن تثقُوا بالمرَّة، أو تُعولوا أبداً، على الصامتين والمُطبّعين والجبناء والمحايدين والانتهازيين والمتنفِّعين من بين نخبنا وسياسينا وكتابنا ومثقّفينا وفنَّانينا في حكي سرديتكم الفجائعيَّة وتفاصيلهاالمؤلمة ..أحبَّتنا وأهلنا في غزّة، رجاء لا تصفحُوا عنهم على الإطلاق، لأنَّ نُخب النكوص والخوّار هاته، تخفَّت في جحورها، ثمّ خلَّفتكم وحيدين عُزَّلَ أمام وحش «المينوتور» الدموي...أهلنا وأحبَّتنا في غزة، أريدكم أن تتذكَّروا على الدوام بأنّني لم أكن، منذ اندلاع شرارة هاته الجناية الفاجرة، من زُمرتهم البكماء، كما أنّي لستُ مثقفاً عضوياً، أو ادعيت يوماً أنني كذلك. فأنا لا أحبُّ، عموما، المثقفين، لأنّهم يرغبون دائماً في تقاضي المقابل على كلماتهم المُتعاطفة.. ومن ثمّة، فرسالتي لكم، بكلماتها المُمضة، إنْ هيَ إلاَّ نهرٌ تاريخيٌّ هادر من الدمع والحزن والغبن، وددتُ أن لا يظلَّ محبوساً بداخل سجن روحي.. أنا لم أتحمَّل رؤية قتل الأطفال الأبرياء، فموتهم غيلةً كان عاراً كبيراً على الإنسانيِّة، التي ستعيشُ بعد الآن معذَّبة بصورهم وأطيافهم العائدة من وسط الردم وخنادق الدفن الجماعيّة.. جريمة بشعة ووضيعة اُرتكبت هنالك، واللهُ والتاريخ والضمير والشرفاء لن يُسامحوا أبدا اليدَ الآثمة الوسخة، تلك التي اقترفتها مع سبق الإصرار والتعمد، وبدمٍ باردٍ تماماً.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 


 

مشاركة