الخميس، 14 ديسمبر 2023 - 06:58 م

اِستعَرَت معاناةُ المدنيين فى غزة، اِستخدَمَ الجيشُ الإسرائيلى كلَ ما لديه من أسلحةِ التدميرِ لتحويلِ غزة إلى أكوامِ ترابٍ. كَم من السنين والأموالِ ستعيدُ ما دُمِرَ وإلى متى قبلَ أن يُعادَ تدميرُه كما حدَثَ من قبل؟ مأساةُ غزة ضاعَت وسطَ ذرائعِ دفاعِ إسرائيل عن نفسِها؛ تعاطُفُ الغربِ المُطلقُ مع إسرائيل لم يفترْ حتى مع بعضِ تظاهراتٍ من مناصرى حقوقِ الإنسانِ.

اِفتعلَ الغربُ بقيادةِ أمريكا أزمةَ أوكرانيا وتكتلوا ضد مصالحِ روسيا الأمنيةِ وعاقبوها بكلِ غِلٍ واِتهموها باِنتهاكِ حقوقِ الإنسانِ وهى لم تمحْ مدنًا مأهولةً كقطاعِ غزة. ألا أنهم اِعتبروا هجومَ إسرائيل على المدنيين بالقطاع حقا شرعيا فى الدفاعِ عن النفس، وكأن أرواحَ البشرِ درجاتٌ.

حلالٌ للغربِ حرامٌ على غيرِهم، هو مبدأُ الغربِ الأولِ؛ كلُ ما يفعلونه مباحٌ مبررٌ، تجميدُ أصولِ، اِستخدامُ أسلحةٍ مُحرمةٍ، اِعتقالاتٌ، تقييدُ حرياتٍ. سماتُ الغربِ المتأصلةُ فيها تعدُدُ المعاييرِ، برودةُ المشاعرِ، الأنانيةُ، التعالي؛ لكن فى دولِنا من ينسون أو يتغافلون. هناك من يُقلدونهم فى ملبسِهم المُقَطعِ، وفى أسلوبِ حياتِهم المُنفلِت. حتى من يَتَصدون لما يُسمونَه تطويرَ التعليمِ الجامعى يَبتسرون ساعاتِ وسنواتِ الدراسةِ. جامعاتٌ خاصةٌ وأهليةٌ وحتى حكوميةٌ تنتهجُ المَظهرياتِ بلوائحٍ مُسمياتُها بلا مُحتوىً متكاملٍ، وكأن الغربَ سَهلُ الخِداعِ.

الغربُ يَعي، ويَعرَفُ أهدافَه ويسعى لها بنفسِه، وهو ما لا يجبُ أن يغيبَ عن أذهانِنا؛ لا حبيبَ له إلا مصالحَه. كثيرون من أهلِ الشرقِ الذين يعيشون فى الغربِ يعانون عدمَ الاِستقرارِ النفسى ولو اِستقَرَت أحوالُهم الماديةُ، يسمعون عن مُثُلٍ ومساواةٍ تكشِفُ حقيقَتَها الأيامُ والأحداثُ. ألا أن الغربَ ليسَ كلُه سيئًا، ففيه العلمُ والعملُ وتقديرُهم، لكن بشرطِ الانعزالِ تمامًا عما يرونه ثوابت مثلَ معاداةِ الساميةِ، والمثليةِ، وحقِ الإجهاضِ، وغيرِها مما قد لا يتفهَمُه غيرُهم.
يجبُ أن نُقَدِرَ أنفسَنا ولا نتصورَ أن إلغاءَ طبيعةِ مجتمعِنا يُحققُ التقدمَ. اليابان والصين وكوريا والهند وروسيا وغيرُها لم تقلدْ الغربَ بل اِعتزَت بثقافتِها وتاريخِها وأخَذَت عن الغربِ ما يناسبُها فقط. 

اللهم لوجهك نكتب علمًا بأن السكوتَ أجلبُ للراحةِ والجوائزِ،،

أستاذ هندسة الحاسبات بهندسة عين شمس