ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب


نحن والعالم

لعنة «سيزيف»

ريهاب عبدالوهاب

الجمعة، 19 يناير 2024 - 07:25 م

مما لا شك فيه ان إسرائيل تعرف كيف تحارب، خاصة عندما يكون الطرف المقابل اقل قوة وعتاداً وعندما تكون مدعومة سياسياً وعسكريأً ولوجيستيا من أقوى دولة فى العالم. لكن الأكيد ايضاً ان تل أبيب لا تعرف كيف تنتصر فى حرب أو تنهيها. 

والمتابع لتاريخ اسرائيل سيلاحظ انها لم تحقق أى أهداف بحرب خاضتها ولم تنه حروبها إلا بالضغط والإجبار من القوى العظمى«خاصة امريكا». ففى أولى حروبها عام 1948، سحب قادة إسرائيل قواتهم من سيناء وألغوا الاستيلاء على الضفة الغربية خوفاً من التدخل العسكرى البريطانى. وفى العدوان الثلاثى عام 1956 فشلت فى الاستيلاء على أراض فى شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة وانسحبت بعد ضغوط من الرئيس الامريكى دوايت أيزنهاور. وفى نكسة 1967 أمر مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، لكن إسرائيل لم تتوقف الا بعد ضغط من امريكا والأمم المتحدة.

وبعد هزيمتها المروعة فى حرب اكتوبر 1973 أرادت إسرائيل استغلال التدخل الامريكى لاستئناف الحرب لكن الرئيس ريتشارد نيكسون ووزير الخارجية هنرى كيسنجر أصرا على التزامها بقرار مجلس الأمن 338، والعودة للمواقع التى كانت فيها يوم صدور القرار.

واستمر هذا النمط فى كل الحروب التى خاضتها إسرائيل بما فى ذلك الحرب الإسرائيلية-اللبنانية فى 2006، والتى انتهت بتدخل امريكا وفرنسا لاستصدار قرار من الأمم المتحدة. حتى غزواتها المتكررة على غزة بما فيها الحرب الحالية، لم تنجح فى تدمير قدرات حركات المقاومة او تحقيق الأمان للمواطن الإسرائيلى. هذا الفشل المتكرر أشبه بلعنة «سيزيف» الذى حٌكم عليه بأن يستمر فى حمل صخرة لقمة الجبل ثم دحرجتها للأسفل مرة أخرى بلا انقطاع، ولكنها لعنة ندفع نحن ايضاً ثمنها بكل أسف. وسبب استمرارها إصرار إسرائيل على حل عسكرى فقط لمشاكل سياسية بامتياز. وهذا الإصرار العقيم هو تطبيق منقوص لإستراتيجية «الجدار الحديدى» التى وضعها الزعيم الصهيونى زئيف جابوتنسكى فى العشرينيات والتى سنتحدث عنها فى المقال القادم. 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة