متظاهرون يرفعون علم فلسطين بالقرب من محكمة العدل الدولية
متظاهرون يرفعون علم فلسطين بالقرب من محكمة العدل الدولية


قراءة لقرار العدل الدولية بشأن منع الإبادة الجماعية بغزة

مروي حسن حسين

السبت، 27 يناير 2024 - 07:10 م

انتصرت جنوب أفريقيا لصالح الفلسطينيين، وحققت دعواها ضد الاحتلال الإسرائيلى إنجازا تاريخيا، بعد إعلان محكمة العدل الدولية، اختصاصها فى الدعوى المقدمة، وأخذها بعين الاعتبار الأدلة المقدمة بوجود نية ارتكاب إبادة جماعية. وصوّتت أغلبية شبه كاملة من أعضاء لجنة المحكمة المؤلفة من 17 قاضيا لصالح اتخاذ إجراءات عاجلة تلبى معظم ما طلبته جنوب أفريقيا باستثناء توجيه الأمر بوقف الحرب على غزة. أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل باتخاذ إجراءات لمنع الإبادة الجماعية في غزة والتحريض المباشر عليها، ورفضت فى حكمها الصادر الطلب الإسرائيلى برفض الدعوى التى أقامتها جنوب أفريقيا. وقالت المحكمة فى النص إن على إسرائيل أن تتخذ «كل الإجراءات التى فى وسعها لمنع ارتكاب جميع الأفعال ضمن نطاق المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية».

وذكرت المحكمة أنها تقر بحق الفلسطينيين فى غزة فى الحماية من أعمال الإبادة الجماعية، مؤكدة أن الشروط متوافرة لفرض تدابير مؤقتة على إسرائيل.

\وأن على إسرائيل الالتزام بتجنب كل ما يتعلق بالقتل والاعتداء والتدمير بحق سكان غزة وأن تضمن توفير الاحتياجات الإنسانية الملحة فى القطاع بشكل فورى. وبموجب الحكم أيضا يتعين على إسرائيل أن ترفع تقريرا إلى المحكمة فى غضون شهر بشأن كل التدابير المؤقتة. وقالت المحكمة إن على إسرائيل أن تتأكد فورا من أن جيشها لا يرتكب الانتهاكات المذكورة سابقا. ورحبت جنوب أفريقيا -صاحبة الدعوى- بالإجراءات المؤقتة التى فرضتها المحكمة على إسرائيل، واصفة الحكم بأنه «انتصار حاسم لسيادة القانون ومنعطف مهم فى البحث عن العدالة للشعب الفلسطينى». القرارات فى مجملها انتصار سياسى لا عسكرى، فقبول الدعوى وإعمال اختصاص المحكمة فى نظر الدعوى وإصدار قرار يعني اعترافا وتضامنا مع القضية الفلسطينية وما يعانيه الشعب الفلسطينى من المدنيين من جريمة إبادة جماعية، وإشارة إلى أن هناك صحوة للضمير العالمى وتعاطفا وتقديرا لمعاناة المدنيين بالحرب التى تشنها إسرائيل على قطاع غزة.

مع ذلك فقرار المحكمة لا يلزم إسرائيل بأى إجراء حقيقى وملموس لذا سوف تستمر العمليات العسكرية تجاه الفلسطينيين، ولكنه على المستوى السياسى له وجاهته بتوجيه اتهام وإشارات جدية تدق ناقوس الخطر عن قيام إسرائيل بجريمة الإبادة الجماعية وهو ما قد يجعلها تتراجع خطوة للوراء ويزيد من الضغوط الدولية عليها بوقف القتال والقبول بهدنة أو بطرح سياسى شامل مرض لكافة الأطراف. يعد قرار محكمة العدل الدولية انتصارا للقانون الدولى الإنسانى، لأن مضمونه يضع إسرائيل فى وضع الإدانة بارتكاب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطينى، خاصة أن المحكمة تضم ممثلين عن الأمم المتحدة التى ستكون ملزمة فى وقف هذه الممارسات الوحشية التى ترتكبها قوات الاحتلال.

وعلى الرغم من عدم صدور قرار مباشر وصريح بوقف إطلاق النار لعمليات جيش الاحتلال داخل غزة، لكن هناك إيجابيات عديدة حملها هذا القرار تتلخص فى زيادة الحصار الدولى والإدانة المستمرة من قبل العالم لتل أبيب. ويعد القرار بمثابة قنبلة ضد كل من يقف إلى جانب إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، وإحراجا لواشنطن وحلفاء تل أبيب على الصعيد الدولى. الإجراءات المؤقتة التى فرضتها محكمة العدل الدولية على إسرائيل، تعد خطوة مهمة تؤكد صحة الأدلة التى تقدمت بها جنوب أفريقيا بتورط تل أبيب فى ارتكاب ممارسات تخترق اتفاقية الإبادة الجماعية.

وقد وضع القرار إسرائيل بقفص الاتهام، وهو قرار نهائى وملزم بالنسبة لتل أبيب، ويبقى تنفيذه من عدمه أمرا آخر، إلا أن إسرائيل لا يمكنها بعد الآن الادعاء بأنها دولة قانون وديمقراطية إن خرقت قرار المحكمة. ومازال أمام جنوب أفريقيا فرصة لتقديم الكثير من الأدلة القانونية التى تؤكد عن قوة موقفها وتورط إسرائيل فى عمليات إبادة جماعية.

ورحبت القاهرة بقرار المحكمة وقالت -فى بيان لوزارة الخارجية- «إن جمهورية مصر العربية أكدت أنها كانت تتطلع لأن تطالب محكمة العدل الدولية بالوقف الفورى لإطلاق النار فى غزة مثلما قضت المحكمة فى حالات مماثلة»، وشددت على ضرورة احترام وتنفيذ قرارات المحكمة. فى المقابل قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن قرار محكمة العدل يتفق مع رؤية واشنطن بأن إسرائيل لها الحق فى اتخاذ الإجراءات الضامنة لعدم تكرار هجمات السابع من أكتوبر الماضى. وأن «أمريكا لا تزال تؤمن بأن مزاعم الإبادة الجماعية ضد إسرائيل بلا أساس، وتلاحظ أن المحكمة لم تخلص إلى نتيجة حول الإبادة الجماعية أو تدع إلى وقف إطلاق النار فى حكمها وأنها دعت للإفراج غير المشروط والفورى لجميع الرهائن الذين تحتجزهم حماس».

وستبدأ المحكمة بعد اليوم النظر فى دعوى ارتكاب إسرائيل جرائم حرب ضد الفلسطينيين وانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية وهو أمر سيستغرق النظر فيه سنوات طويلة!
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة