د.أحمد عبد التواب شرف الدين
د.أحمد عبد التواب شرف الدين


قضية ورأى

اليوم العالمى للترجمة

بوابة أخبار اليوم

الأربعاء، 30 سبتمبر 2020 - 05:45 م

ونحن نحتفل باليوم العالمى للترجمة الموافق 30 سبتمبر من كل عام، لنعود بالذاكرة إلى الوراء وتحديدا فى يوليو 1945 حينما أرسلت دول الحلفاء قبيل نهاية الحرب العالمية الثانية إنذاراً يدعو الحكومة اليابانية للاستسلام، وكان هذا الإنذار مترجماً من اللغة الإنجليزية إلى اليابانية، وانتظروا بفارغ الصبر الرد اليابانى من رئيس الوزراء آنذاك، كانتارو سوزوكى، وطالب هذا الإنذار باستسلام اليابان غير المشروط.
بعدها عقد رئيس الوزراء اليابانى مؤتمرا صحفيا وحاول الصحافيون الضغط على رئيس الوزراء اليابانى من أجل التصريح بأى شيء عن القرار الذى ستتخذه اليابان. وبما أن الحكومة اليابانية لم تتوصل إلى أى قرار رسمى فى الحال، لجأ سوزوكى للرد السياسى المعتاد، وهو «لا تعليق»، وكان بذلك يوصل رسالة مفادها أنه «يمتنع عن التعليقات فى الوقت الحالى»، وعبر عن ذلك بكلمة «موكوساتسو»، والتى يمكن ترجمتها بطرق مختلفة، ولكن الكلمة نفسها مشتقة من المصطلح اليابانى بمعنى «الصمت».
كل من هو مهتم بالمسائل اللغوية وإشكاليات الترجمة يعلم جيدا أن الكلمة بصفة عامة تحمل دلالات ومعانى كثيرة ومتنوعة. وهذا ما حدث، حيث إن الكلمة التى أطلقها رئيس الوزراء اليابانى وقتها كانت تحمل العديد من المعانى الأخرى المختلفة تماماً عن تلك التى فهمتها وكالات الأنباء. فوسائل الإعلام قامت بترجمة عبارة سوزوكى من اليابانية إلى الإنجليزية بمعنى «الصمت بازدراء» أو «الصمت بتجاهل»، وهو ما كان يوحى بموقف الحكومة اليابانية برفضها رفضاً قاطعاً للاستسلام، وأظهرت الإدارة الأمريكية وقتها انزعاجاً لما اعتبروه نبرة متعجرفة فى رد رئيس الوزراء اليابانى، وأبلغت وكالات الأنباء الدولية العالم بأن الحكومة اليابانية ترى أن الإنذار «لا يستحق التعليق عليه».
وبناءً على هذا، اتخذت الحكومة الأمريكية قرارا بإطلاق القنبلة الذرية على هيروشيما، ولهذا تسبب خطأ فى الترجمة فى مقتل أكثر من 70 ألف شخص على الفور وإصابة عشرات الآلاف من الأشخاص نتيجة للدمار والإشعاع النووى. كل من ترجم كلمة «موكوساتسو» لم يضع فى الاعتبار المعانى الأخرى للكلمة، وأنها قد تعنى أيضاً «لا تعليق»، ولهذا تسبب الخطأ فى الترجمة فى القضاء على أناس أبرياء، وحول مجرى التاريخ.
اليوم تستحق الترجمة أن يكون لها يوم عالمى نحتفل به جميعًا.

بقلم/ د.أحمد عبد التواب شرف الدين.. أستاذ اللغة الإنجليزية  - آداب المنوفية


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة