أحمد عباس
أحمد عباس


تساؤلات

الست فكرية

أحمد عباس

الخميس، 19 نوفمبر 2020 - 07:10 م

ثم إن الست فكرية امرأة شديدة، عالمة، تدعو للتفكير والتفكر، تنشد الفكرة ذاتها ولا تلتفت لما وراءها من عواقب، هى فقط تبتدع الفكرة أو تُعيد إحياءها من العدم، تنفخ عنها التراب وتنفث فيها النار، وتطلق العنوان، ثم يتجادل المتجادلون، أو يتقاتل فى النهاية المتقاتلون، لا يهم، فالمهم الفكرة ذاتها.
ولا تعبأ الست فكرية لمدى ضراوة وخطورة أفكارها، وكم أن هذه اللعبة مميتة-بمعنى الكلمة-تهلك الحرث والنسل، وتسرى عمياء تلتهم عائلات وأُسر، وتأتى على كل ما يعترض طريقها.
يا ست فكرية.. هذا ليس تراثا لنعبث به، ولا فلكلورا شعبيا يصلح للتسالى بينما نتناقله ونضحك، ولا حديث سمر أو كلاما يُطرح من غير ذى ضرورة على من هم غير ذى علم ومنطق، هذه أنسال وأنساب وأصهار، وهذا والله عبث بالمُسلمات.
سيقولون ان المُسلمات نفسها عبث، ووزرها على من وافق وسَلم بها من الآباء والأجداد الأوائل، وأن النظريات عبث، وعبئها يقع على مبتكرها، وأن الأفكار لها أجنحة تطير وتحلق، وان الأديان سَمحة، وأن الفتاوى ليست ثابتة وتتغير باختلاف الوقت والزمن، وأن الدين لين، وأن كل المفروض.. مرفوض، وقد نضطر لاحقًا لعدم إذاعة هذه الأغنية لأسباب تتعلق بالأمن القومي، ونحن والله اذا تركنا اللين يتمكن من أدياننا أكثر من ذلك سنهلك جميعًا، وأنتِ أولنا يا ست فكرية.
هل تعلمين ماذا يحدث لو أن فتاة لعائلة مُسلمة فى صعيد مصر أو فى دلتاها أو أى شبر، قررت أن تتبع الفكرة وتأخذ برأيك وتطبق فكرتك، وتتزوج من رجل على غير دينها، هل تفهمين المشهد، هل تَشمين رائحة الدم، هل ترين أعمدة الدخان هناك، وهباب الرماد! والله والله يا ست فكرية ستُهدم صوامع وبيع وصلوات ومساجد، وتملأ الدماء الترع لتسقى أرض بالكاد تتماثل للتعافى، ذلك أن هذه اللعبة خطرة، خطرة جدا، وأنتم تعلمون.
الناس يا ست فكرية باتوا «على شعرة»، شعرة تُجيز لهم أى شيء، وتفتح أمامهم أى باب، وتهدم فى طريقهم كل جدار، وتسمح لهم بأى ممنوع، وتُجيز المحظورات، وتُسهل المحرمات ان أردتِ الحق. بالضبط نفس منطق «الفوضى الخلاقة»، هل سمعتِ عن فوضى خلقت شيئا!، لا والله لا خلق فى الفوضى، بل هدم وتلال هديم مكومة لا تجد من يعيد اعمارها، كذلك هى الفكرة ذاتها.
هذه ليست معارك فكرية، وأظن أنه لا علم لفكرية نفسها بها، ولو علمت لكانت لطمت خديها، وهالت التراب على رأسها وتحسبت، صدقونى هذه معارك ان انتصرتم فيها كسرتمونا، وان انكسرتم كسرتمونا أيضًا.
يا ست فكرية.. الآن نحن بصدد عقد اتفاق شرف، وكلمة شرف، ووعد شرف، وشرف ذاته ان أردتم، فاذا أنتم تريدون أن تسلمونا بلد عفى سليم، فلنتفق على ذلك الآن ونُرسى قواعده، واذا كنتم تنوون تسليمنا رسمًا كروكيا لدراجة بدائية ثم تطلبوا منا اختراعها بعد خمسين سنة فقط كونوا واضحين ليس إلا، هل تفهمين الآن يا ست فكرية!


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة