د. حسن عماد مكاوى
د. حسن عماد مكاوى


تحياتى

المشاهدة الشرهة عبر المنصات الرقمية تهدد التلفزيون التقليدى «٤»

حسن عماد مكاوي

الجمعة، 19 فبراير 2021 - 10:54 م

ترجع بدايات ظاهرة "المشاهدة الشرهة" للمواد الدرامية والترفيهية إلى عقد الثمانينيات من القرن العشرين، عندما بدأت بعض القنوات التلفزيونية الأمريكية فى بث مواسم متتالية من بعض العروض التلفزيونية الجماهيرية التى تحظى بنسب مشاهدة مرتفعة بأسلوب يسمح للمشاهدين بمتابعة الحلقات التى فاتتهم، أو للمساعدة فى الترويج ولفت الانتباه لعروض الموسم الجديد.

 وكان يتم وضع هذه العروض على أقراص الفيديو الرقمية "دى فى دي" نظير اشتراكات خاصة. ونظرا لسعة التخزين العالية فى هذه الأقراص، يستطيع المشاهد متابعة مواسم كاملة من العروض التلفزيونية سواء برامج أو دراما دون التقيد بمتابعة الحلقات يوميا. نجحت هذه التجربة فى دفع المشاهد للتعرض للحلقات المتتابعة إشباعا لنهم المشاهدة وملاحقة تطورات الأحداث الدرامية. وفى عام ٢٠٠٠ أنشأت شبكة التلفزيون الأمريكية " فوكس" استراتيجية توزيع المسلسلات التى تنتجها عبر شرائط " دى فى دي" لمدة موسم كامل، وبعد نجاح هذه التجربة قامت شبكات التلفزيون الأمريكية الأخرى بتقليد شبكة " فوكس" فى تسجيل وبيع المواد التلفزيونية لمواجهة نهم المشاهين فى المتابعة المتصلة للمواد الترفيهية والدرامية.

ونظرا لشيوع مصطلح" المشاهدة الشرهة" تمت إضافته إلى قاموس أوكسفورد الإنجليزى فى عام ٢٠١٣، حيث تم تعريفها باعتبارها " سلوك التعرض الذى يحرر المشاهدين من جدول البث التلفزيونى التقليدي، وأنها سلوك مشاهدة حلقات متعددة من برنامج تلفزيونى فى تتابع سريع عن طريق أقراص الفيديو الرقمية، أو البث الرقمى عبر الشابكة". استطاع سلوك المشاهدة الشرهة تحدى أنماط المشاهدة التقليدية وكسر القالب القديم من مشاهدة عرض تلفزيونى لمدة محددة من الوقت على جدول زمنى يتحكم فيه جهة البث التلفزيونى إلى نمط مشاهدة يسيطر فيه المتلقى على كل ظروف التعرض حسب رغبته ومزاجه الشخصي، وبالتالى أصبح هذا السلوك الجديد من المشاهدة يهدد الوضع الراهن للتلفزيون. أصبح المنتجون الآن على دراية بطبيعة الجمهور الجديد الذى بات يتحكم بدرجة أكبر من أى وقت مضى فى كيفية استهلاك المنتج التلفزيوني، ثم تطور سلوك المشاهدة الشرهة للولوج إلى عصر "المشاهدة التفاعلية"، والتى بدأت بعد ظهور شبكة " نتفليكس" كمنصة رقمية للترفيه. وللحديث بقية.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة